نحو معاهدة معدلة

By Adel M. Ali (AR), May 24, 2012

تميل الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية إلى تركيز كثير من الاهتمام على فشل الدول الحائزة للسلاح النووي في تحقيق نزع السلاح الذي تنشده معاهدة حظر الانتشار النووي. وفي الوقت ذاته، تركز الدول الحائزة للأسلحة النووية على حقيقة أن الوصول إلى التقنية النووية للأغراض السلمية، والذي تضمنه المعاهدة لجميع الدول، يحمل في طياته احتمالات انتشار الأسلحة النووية.

وحقيقة امكانية أن يؤدي مثل هذا الوصول إلى الانتشار النووي، يشكل في الواقع مصدر قلق خطير — لكن ينبغي للمرء أن يضع نصب عينيه أنه عندما حصلت الدول على أسلحة نووية في الماضي بصورة غير مشروعة، فإنها لم تعتمد على المنشآت المدنية للقدرة النووية للقيام بذلك. كوريا الشمالية وإسرائيل استخدمتا مفاعلات البحوث لتطوير قدرات الأسلحة لديها. باكستان أيضاً طورت قدرات الأسلحة لديها، دون الإعتماد على دورة الوقود المدني، في حين يعتقد أن المواد الانشطارية للأسلحة النووية في الهند لم تستمد من مفاعلات إنتاج القدرة.

رغم ذلك، اقترح البعض — من بينهم ساليك أحمد نعيم في هذه المائدة المستديرة — أن يتم وضع ترتيبات متعددة الأطراف لإدارة دورة الوقود النووي. لكن هذه المقترحات تعاني من عيوب خطيرة. أولا، الترتيبات متعددة الأطراف بشأن دورة الوقود قد تفشل ببساطة في التعامل مع مخاطر الانتشار الحقيقية — كما هو مبين أعلاه، فحالات الانتشار الماضية لم تحدث نتيجة للاستخدام المدني للطاقة النووية. ثانياً، تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم غير محظورين بموجب معاهدة حظر الانتشار. فأي دولة غير حائزة للأسلحة النووية لا يمكن أن يقال عنها أنها قامت بأمر محظور لمجرد حيازتها لتقنيات تخصيب أو إعادة معالجة أو حتى بسبب حيازتها لمادة قابلة للاستخدام في الأسلحة النووية.

ولذلك، إذا ما أردنا تنفيذ نهج متعددة الأطراف بشأن دورة الوقود، فلا بد من هيكلتها بحيث لا تشكل تعديا على حق أي دولة في التوصل إلى قراراتها المتعلقة بدورة الوقود. وبشكل حاسم، لا ينبغي ان يكون لبلد المورد الحق في عرقلة أو إعاقة المشاريع النووية السلمية لأي دولة لأسباب سياسية.

معترف بها عالميا
إذا كان صحيحاً أن الترتيبات متعددة الأطراف بشأن دورة الوقود لا يمكنها في نهاية المطاف منع الانتشار النووي، فإن الوظيفة الأولية لهذه الترتيبات ستكون فيما يبدو تعزيز نظام حظر الانتشار النووي. ولكن إذا كان هذا هو الهدف، فهناك وسائل أفضل لتحقيقه.  على سبيل المثال، يمكن ضم الدول غير الأعضاء إلى المعاهدة كدول غير حائزة للأسلحة النووية من خلال إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وفي شبه الجزيرة الكورية. ساليك اعترض على هذه الفكرة، قائلاً إنه “سيتم تقديم أشياء لإسرائيل مقابل نزعها للسلاح — الاعتراف بحقها في الوجود، ضمانات أمنية — [لكن] لا يوجد ما يمكن تقديمه بالمقابل في المستقبل القريب عندما يتعلق الأمر بالهند وباكستان.” مثل هذه الاعتراضات يمكن معالجتها اذا ما تم هيكلة المعاهدات المنشئة لمناطق خالية من الأسلحة النووية على غرار معاهدة بليندابا الخاصة بأفريقيا. البروتوكولات الأولى والثانية لتلك المعاهدة صممت لمنع استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد الدول الموقعة؛ تلك الضمانات وغيرها المدرجة في البروتوكولات من شأنها أن تسهم بصورة مجدية في قضية الأمن إذا ما طبقت في جنوب آسيا.

ساليك، مع ذلك، يقترح وضع بروتوكول إضافى في معاهدة حظر الانتشار النووي تقوم بموجبه الهند وإسرائيل وباكستان بالالتزام بالتعهدات التي قبلتها غيرها من الدول الحائزة للأسلحة النووية، مقابل قبول وضعهم كدول حائزة للأسلحة النووية. وجهة نظري هو أن مثل هذا النهج ، أولاً، يتعارض مع مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي عام 2010، والذي دعا جميع الدول التي ليست طرفا في المعاهدة إلى الانضمام كدول غير حائزة للأسلحة النووية. ثانياً، الأقتراح يتعارض مع روح المعاهدة نفسها، التي تهدف في المقام الأول إلى منع انتشار الأسلحة النووية إلى الدول التي لا تمتلك مثل هذه الأسلحة وتحقيق نزع السلاح في الدول التي تمتلك أسلحة نووية. ثالثاً، هذا الإقتراح من شأنه إضعاف نظام حظر الانتشار النووي بل قد يضع نهاية له. يجب أن تقتنع الدول خارج النظام أن انضمامها الى المعاهدة هو الأمل الوحيد لوقف المزيد من الانتشار النووي؛ وأن استمرار تميزهم، أو الإصرار على قبولهم كدول حائزة للأسلحة النووية، لا يدعو فقط لمزيد من الانتشار النووي ولكنه ينذر في نهاية المطاف بانهيار نظام المعاهدة نفسه.

من بين أبرز خصائص نظام حظر الانتشار النووي الحالي هو وجود مستويات مختلفة من الجهود يتم بذلها من أجل منع الانتشار النووي ونزع السلاح. في الواقع، العديد من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على اقتناع أن السبيل الوحيد لوقف انتشار الأسلحة النووية هو معالجة نزع السلاح وحظر الانتشار النووي بنفس القوة. في عام 2000 عندما ألزمت الدول أطراف المعاهدة نفسها بـ”تعهد لا لبس فيه” لتخليص العالم من الأسلحة النووية، كانت نيتهم تحويل معاهدة حظر الانتشار إلى معاهدة تركز حقا على نزع السلاح وحظر الانتشار النووي. ذلك التحول يجب أن يستمر الآن.



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]