ملائكة وشياطين: لعبة خطرة

By Maryam Javan Shahraki (AR), January 11, 2013

في مقالته الثانية في اجتماع المائدة المستديرة، واصل سليم كان سازاك التأكيد على أن برنامج إيران النووي عدائي بطبيعته. وكان السيد بينيش برويز قد أوضح بالتفصيل موقف ايران بشأن نزاعها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية — وذلك بقوله أن أنشطة إيران النووية تتم تحت الإشراف الكامل للوكالة وأن إيران قد أعلنت استعدادها لقبول التفتيش على أي منشأة نووية، وأن متطلبات التفتيش الذي تقوم به الوكالة تتجاوز التزامات ايران القانونية بمنح إمكانية الوصول .

يتهم سازاك ايران بالخوف من تفحص مواقعها النووية. والحقيقة أن إيران كانت قد منحت إمكانية الوصول إلى المواقع النووية مرات عديدة، بما في ذلك تفتيش منشأة اختبار المتفجرات بموقع بارشين عام 2005 ، وهو الحدث الذي ذكرت الوكالة بعده أنه قد “سمح لها أخذ عينات بيئية، وبفحصها لم تشر النتائج إلى وجود مواد نووية، ولم تلحظ الوكالة وجود أية معدات أو مواد ذات صلة قد يكون لها استخدام مزدوج.” غير أن رد الغرب علي الشفافية الايرانية لم يكن سوى مزيد من العقوبات والتهديدات بشن هجمات ضد منشآتها النووية، إضافة، كما يظن الكثير، الى تنفيذ عمليات اغتيال إرهابية ضد العلماء النوويين الايرانيين. وقد يصيب سلوك كهذا أي طرف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بخيبة أمل، ولكن مع ذلك اختارت إيران إبقاء النزاع في نطاق الدبلوماسية والسماح لمفتشي الوكالة بزيارة مواقعها النووية متى شاؤوا .”

وأود أن أشير أيضاً إلى أن المفاوضات بين ايران والوكالة تكتسب زخماً إيجابيا فقبل أسبوع واحد، ولدي عودة نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية،هيرمان ناكيرتس، إلى فيينا بعد إجراء محادثات في طهران، ذكرأنه قد تم إحراز تقدم في المفاوضات وأنه تقرر عقد اجتماعات إضافية في شهر يناير. كما صرح أيضاَ أنه يتوقع أن يقوم الجانبان بوضع اللمسات الاخيرة على ما أسماه “منهج منظم” يهدف إلي حل النزاع بين الطرفين، كما توقع البدء في تنفيذ هذا المنهج في القريب العاجل. كما سيتضمن ذلك المنهج المنظم، بحسب ناكيرتس، قيام وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة الى منشأة بارشين .

إمعان النظر. ويكتب سازاك أيضا قائلاً أنه “بعد إمعان النظر،” فإن ما قدمته من حجج في مقالتي الثانية “يخالف الواقع”. ولكنني أوجه إليه الانتقاد ذاته؛ فهو يؤكد أنه لا يؤيد أياً من النظريات التي تطرح فكرة محور الشر، لكنه يسترسل في نفس الفقرة ليشوه صورة إيران من خلال تصنيفها في مصاف “الدول التي تهدد بتهورها الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي من خلال امتلاك أو السعي لامتلاك أسلحة نووية. “فإذا كانت إيران تهدد الاستقرار الإقليمي بكل ذلك التهور، فلماذا إذاً وقًعت جارتها تركيا في عام 2010، بالاضافة إلي البرازيل، على اتفاق لمبادلة الوقود النووي مع إيران؟ وطبقاً لنصوص هذا الاتفاق، كان من المفترض أن يتم شحن 120 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة الى ايران لاستخدامه في مفاعل ينتج النظائر الطبية، بينما تقوم إيران بشحن 1.2 طن من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى تركيا .

لكن الولايات المتحدة ودولاً أخرى رفضت الصفقة، وبدلاً من ذلك تم فرض عقوبات جديدة على إيران. وتبقي الحقيقة أن تركيا كانت تدعم بشكل عام اتباع نهج الدبلوماسية للخروج من المأزق بشأن برنامج إيران النووي .

إن فشل الصفقة البرازيلية التركية يقدم لنا برهاناً خطيراً آخر يثبت كيف يؤدي تشويه صورة إيران إلي تقويض أهداف معاهدة حظر الانتشار. لقد كانت العقلية الأيديولوجية الواضحة بين الولايات المتحدة وحلفائها سبباً في حرمان دولة موقعة على المعاهدة من حقوقها الثابتة. كما أن تلك العقلية أيضا، وبسبب ما تم فرضه من عقوبات — ذات تأثير وحشي علي المدنيين الإيرانيين — تضر بشكل نهائي بإمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي .

ومرة أخرى أقول، إن تحويل البرنامج النووي الايراني الى قضية أمن وإزالته من سياق المعاهدة ومن عالم الدبلوماسية لا يدعم معاهدة حظر الانتشار ولا يجعل من الشرق الأوسط منطقة أكثر أمناً. إن السبيل الوحيد لمعالجة الخلافات بشأن برنامج ايران النووي لن يكون سوى من خلال الدبلوماسية والتعاون الإقليمي .



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]