التكيف مع القرن الحادي والعشرين

By Rajiv Nayan (AR), January 19, 2013

في السنوات التي تلت تأسيسها في عام 1975 ، برزت  مجموعة الموردين النوويين (NSG ) كنظام شامل ومتعدد الأطراف لمراقبة الصادرات على المواد والتقنيات النووية. نظام آخر، وهو لجنة زانجر، عقد أولى اجتماعاته قبل خروج مجموعة الموردين النوويين إلى حيز الوجود بأربع سنوات، لكن  مجموعة الموردين النوويين هي التي أثبتت ديناميكية أكبر وبرزت بوصفها النظام الأنسب منذ نهاية الحرب الباردة.

تأسست لجنة زانجر لمساعدة الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي على فهم القضايا الفنية المتعلقة بعمليات نقل المواد والتقنيات النووية. لكن اللجنة لم تشمل الدول غير الموقعة على المعاهدة؛ وكانت فرنسا إحدى هذه الدول. قامت مجموعة الموردين النوويين، التي أنشئت كعنصر مكمل للجنة، بضم دول مثل فرنسا في نظام المراقبة. (وقعت فرنسا على المعاهدة وانضمت أيضا للجنة زانجر في عام 1992 ).

في موطني الهند، يعتقد كثير من الناس أن مغزى فكرة ضم فرنسا لإطار المراقبة النووية هو تحييد القوة الديجولية لسياسات فرنسا الاقتصادية والتقنية الخارجية. بمعنى، أن فرنسا لطالما قاومت سياسات الدول الغربية تجاه العالم النامي، لذا فقد يمكن تحييد القوة الديجولية في باريس من خلال ضم فرنسا لمجموعة الموردين النوويين. في الهند، ينظر لكل من لجنة زانجر ومجموعة الموردين النوويين على أنهما أنظمة تعمل على حرمان العالم النامي من التقنية – كحواجز غير مرغوب فيها أعاقت تدفق السلع والتقنيات إلى الدول الساعية لتحقيق تنمية اقتصادية من خلال برامج الطاقة النووية السلمية. هناك جزء من الحكومة الهندية والمجتمع المدني لا يزال ينظر لهذه الأنظمة على هذا النحو.

في النادي. طبيعة عضوية أي منظمة تعكس قيمة نظام تلك المنظمة. وأي هيئة أو كيان تنظيمي — سواء كان وطنيا أو دوليا، رسميا أو غير رسمي، كبيرا أم صغيرا – فإن طبيعة عضويتها تعد ضرورية لفعاليتها وتأثيرها. عندما تكون المنظمة دولية، ناهيك عن كونها غير رسمية مثل مجموعة الموردين النوويين، فينبغي أن تكون أهداف المجموعة مقبولة دوليا. ولذلك، من أجل أن تحظى صناعة قرار مجموعة الموردين النوويين بالقبول الدولي، يجب أن تكون عضوية النظام ممثلة للمجتمع العالمي.

ومن المثير للاهتمام، ان عدد أعضاء مجموعة الموردين النوويين ازداد، على الرغم أن المجموعة كانت بالكاد نشطة، إن لم تكن خاملة خلال معظم فترة الحرب الباردة. وبحلول عام 1991 ، ارتفع العدد إلى 27 عضوا من أصل سبعة أعضاء، وكان من بين الأعضاء الجدد بعض دول أوروبا الشرقية. اليوم، تضم مجموعة الموردين النوويين 46 عضوا، لكنها بحاجة لتنويع أعضائها. وتظهر عضوية المجموعة وجود تحيز واضح تجاه دول العالم المتقدم بشكل عام وأوروبا بشكل خاص. يوجد بالمجموعة أكثر من 30 عضوا من الدول الأوروبية: لا تنتمي جميعها إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك عدد قليل منها تم تصنيفها كدول نامية من قبل البنك الدولي. خارج أوروبا، يحظى العالم المتقدم بمزيد من التمثيل من خلال أستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. ومن بين الأعضاء الأربعة في مجموعة الموردين النوويين في آسيا — الصين واليابان وكازاخستان وكوريا الجنوبية – هناك اثنين فقط من الدول النامية. كذلك، يمثل أمريكا اللاتينية الأرجنتين والبرازيل فقط ويمثل أفريقيا دولة جنوب أفريقيا وحدها.

توقع كثير من المراقبين أن القرن 21 سوف يكون قرن القارة الآسيوية. وعلى الرغم من أن عدد قليل من الدول الآسيوية توصف بأنها دول متقدمة اليوم، فإن آسيا، بقواها الصاعدة، هي القارة التي تبشر بتشكيل نظام عالمي جديد. علاوة على ذلك، آسيا قارة تتمتع باقتصادات هائلة وسريعة النمو، والتي من شأنها أن تتطلب قدرا كبيرا من الطاقة — بما في ذلك الطاقة النووية.

منذ فترة التسعينيات، كان انتشار الطاقة النووية ملحوظا في آسيا والدول النامية في مناطق أخرى. ذكر تقرير صدر مؤخرا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه ” من بين 29 دولة تفكر أو تخطيط لامتلاك القدرة النووية في عام 2012 ، يوجد 10 منها في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، و 10 منها في أفريقيا، وسبعة في أوروبا ( معظمها في أوروبا الشرقية)، واثنان في أمريكا اللاتينية.” وأظهر  تقرير آخر للوكالة، صدر عام 2008 ، أن “ 20 من إجمالي 35 مفاعلا تحت الإنشاء يوجد في آسيا، في حين أن 28 من آخر 39 مفاعل تم توصيلها بشبكات الكهرباء توجد أيضا في آسيا “.  منذ عام 2008 ، طلبت الدول الآسيوية بناء مفاعلات إضافية وقامت بتوصيل عدد قليل منها بالشبكة. كل هذا يدعم بوضوح الحاجة لوجود مشاركة آسيوية أكبر في نظام مراقبة الصادرات النووية.

معارك قديمة وتحديات جديدة. في الفترات الأولى من التوسع في عضوية مجموعة موردي المواد النووية، كانت الدول التي تنتج السلع والخدمات النووية، هي نفسها التي تقرر من هي الدول التي سيسمح لها الحصول على تلك السلع والخدمات. لكن العديد من الدول التي كان لها دور محدود في التجارة النووية حازت عضوية المجموعة منذ ذلك الحين. وفي الوقت نفسه، العديد من الدول القادرة على المساهمة في تحقيق أهداف مجموعة الموردين النوويين تم تركها خارج المجموعة، بل وتعرضت معاملاتها النووية لقواعد صارمة. اليوم، العديد من الدول التي تتقن دورة الوقود النووي ليست أعضاء في المجموعة. وبعض الدول الأخرى، التي قد لا تتقن دورة الوقود النووي بالكامل ولكنها تملك الموارد أو الخبرة النافعة لمرحلة أو أكثر من مراحل دورة الوقود، لم تحز العضوية أيضا.

للمضي قدما، يجب أن تعكس مجموعة الموردين النوويين الاتجاهات الناشئة في مجال صناعة الطاقة النووية العالمية. يجب أن يصبح المنتجون الجدد مراقبين: وإلا، قد تتقوض المجموعة وتصبح قدرتها على تحقيق أهدافها مقيدة بشدة. سيتعين على مجموعة الموردين النوويين اتخاذ قرار بشأن ما ترغب أن تصبح عليه في القرن الحادي والعشرين. هل تريد خوض معارك قديمة أم مواجهة تحديات جديدة؟

لطالما اشتكت الدول النامية من أن أنظمة مراقبة الصادرات متعددة الأطراف تعيق نموها الاقتصادي. اليوم، أصبحت قائمة الرقابة ل مجموعة الموردين النوويين عالمية تقريبا. كثير من دول المجتمع الدولي أصبح لديها وعيا بأن التنمية النووية السلمية والمراقبة المسؤولة للتقنيات والمواد النووية يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب؛ وأي عدم توازن بين هذين الأمرين الأساسيين سوف يعرض تطوير الطاقة النووية المدنية للخطر. كما ينبغي أن تبدأ  مجموعة الموردين النوويين في وضع توازن أفضل بين التنمية الاقتصادية والمراقبة النووية. وينبغي أن تقوم المجموعة بإرسال إشارة تفيد بأنها لا تعارض تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، حتى مع كونها لا تزال تعارض بشدة الانتشار وشبكات الانتشار.

سيتعين على مجموعة الموردين النوويين القيام بتحديد من هي الدول التي ستتخذهم كشركاء، والدول التي ستكون محط نظرها لجهود منع الانتشار النووي. في عام 2004 ، ارتكبت المجموعة خطأ من خلال توسيع عضويتها إلى الصين. صحيح أن الصين قوة اقتصادية صاعدة ولديها خطط كبيرة لتوسيع القدرة للطاقة النووية، كما انضمت بكين لجميع الترتيبات الرئيسة لمنع انتشار الأسلحة النووية. لكن سجل الصين في منع انتشار الأسلحة النووية مثير للريبة: إذ يشتبه الكثير بأنها قامت بتصدير تقنيات ذات صلة بأسلحة الدمار الشامل. وفي الوقت نفسه، ومما يدعوللأسف، أن مجموعة الموردين النوويين لم تشترك مع بعض الدول، مثل الهند، التي تشترك معها في الأهداف، وتلتزم بالمعايير الدولية لحظر الانتشار النووي، وتمتلك قدرات قوية في مجال الطاقة النووية المدنية.



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]