The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.
By Ta Minh Tuan (AR), October 15, 2012
في مقالي الأول من هذه المائدة المستديرة، قمت بتحليل عدداً من المشاكل التي قد تواجه الدول النامية التي ستحصل على اليورانيوم منخفض التخصيب من خلال بنك دولي للوقود. ومع ذلك، فإنني أرى أن تحليلي لمبادراتي بنك الوقود التي تعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أحد أطرافها قد جانبه الصواب وذلك من الناحية الهامة التالية: لطالما اعتقدت أن بنوك الوقود ستتطلب من الدول العملاء التخلي عن حقهم في تخصيب اليورانيوم – في حين أن هذا الشرط، حسبما ذكرت الوكالة، غير موجود. في الواقع، فإن الوكالة تحدد “كمبدأ أساسي” لضمان آليات الامداد، أن لا يتم المساس “بحقوق الدول الأعضاء، بما في ذلك حق إنشاء أو توسيع طاقتها الإنتاجية الخاصة في دورة الوقود النووي، أو الانتقاص من هذا الحق بأي شكل من الأشكال جراء وضع ضمان دولي لآليات الإمداد “.
هذه اللغة تبدوا واضحة بما فيه الكفاية. إلا أنه في دوائر منع الإنتشار الخاصة بالعالم النامي، هناك إعتقاد سائد على نطاق واسع ان الدول ستضطر إلى الامتناع عن التخصيب للتمكن من الوصول إلى بنك الوقود. لقد حضرت عددا من الندوات وورش العمل تمت خلالها مناقشة مقترحات بنك الوقود. معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم في هذه المناسبات لديهم اعتقاد راسخ أن الدول التي ستشترك في بنك الوقود سيطلب منها التخلي عن حقهم في تخصيب اليورانيوم. وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا هذا الفصل الكبير بين السياسات المعلنة للوكالة حول هذا الموضوع وبين المعتقدات السائدة في العالم النامي؟
وتفسير ذلك، جزئياً، يعود الى المخاوف السائدة لدى العالم النامي بشأن نوايا الدول المتقدمة. على وجه التحديد، فإنني أظن أن الدول العملاء المحتملين قد تعرضوا مراراً لضغوط من الدول الموردة بشأن قضايا تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة لدرجة أنهم اصبحوا لا يثقون بتعهدات الموردين حول ترتيبات متعددة الأطراف. لإعطاء مثال على بعض الأشياء التي تثير الشكوك، هناك اتفاق التعاون النووي التي توصلت إليه الولايات المتحدة في عام 2009 مع دولة الإمارات العربية المتحدة والذي تخلت بموجبه الإمارات عن حقها في تخصيب اليورانيوم. ومنذ ذلك الحين، يرى العديد في واشنطن ان اي اتفاقات جديدة للتعاون النووي يجب أن تتبع ما يسمى بـ”معيار الذهب” الذي وضعه نموذج الإمارات العربية المتحدة. إدارة أوباما اختارت عدم اعتماد مثل هذه السياسة، ولكن السؤال من وجهة نظر الدول النامية هو هل يمكن الوثوق بأن الولايات المتحدة لن تقوم في يوم من الايام بإساءة استخدام سلطتها فيما يتعلق بالوصول إلى بنك الوقود؟
في الواقع، تراودني بعض الشكوك حول كيفية عمل بنوك الوقود عملياً. لقد علمتنا التجربة أن السياسات المعلنة والنصوص المنشورة يمكن أن تتغير لتناسب مصالح واضعي السياسات. على سبيل المثال، في العام الماضي قامت مجموعة موردي المواد النووية بإعادة النظر في مبادئها التوجيهية حول التقنية المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، واضعة أعباء إضافية على الدول المستفيدة. لذا فإذا كان بإمكان الدول الموردة تغيير سياساتها وفقا لرغباتها، فمن الذي يضمن للدول النامية عدم قيام الموردون – وهم في العادة من بين الدول الأكثر قوة في النظام الدولي – باستخدام نفس النهج مع بنوك الوقود؟ وبعبارة أخرى، حتى لو كنا على ثقة بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستدير بنوك الوقود بما يتماشى مع السياسة الحالية، فهل تستيطع الوكالة بالضرورة الحفاظ على استقلالها في المستقبل؟
بالنسبة للدول النامية التي تشرع في بدء برامج للطاقة النووية، فإن الاعتماد على بنك الوقود لتوفير الإمدادات الطارئة من اليورانيوم منخفض التخصيب قد ينطوي على مقايضة أكيدة، تماما كما العديد من القضايا الأخرى في العلاقات الدولية التي تنطوي على مقايضات. وعندما تقرر إحدى هذه الدول إما بناء منشآت للتخصيب خاصة بها أو، بدلاً من ذلك، شراء اليورانيوم منخفض التخصيب في السوق المفتوحة، وتعتمد على بنوك الوقود التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذريه في الحالات الطارئة، فإنها ستفعل ذلك على أساس المصلحة الوطنية. هذه الملاحظة قد تبدو واضحة إلى حد ما، لكنها دقيقة.
ينبغي الإشادة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية لمشاركتها في مشروعي بنك الوقود اللذان، على الأقل من الناحية النظرية، سيوفران للدول النامية بديلاً يضمن لهم أمن الوقود في حالة الطوارئ — في حين لن يطلب منهم التخلي عن حقوقهم المنصوص عليها في معاهدة حظر الانتشار النووي. بنوك الوقود سيكون لديها الفرصة لإظهار كفائتها بشكل عملي – وفي الوقت المناسب، إذا قامت بوظيفتها على النحو المتوقع، ستهدأ شكوك الدول العملاء المحتملين.
Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]