أهمية الإجماع العلمي والبيانات الموثوقة أثناء وقوع كارثة

By Augustin Simo: AR, June 23, 2016

ليس من المستغرب وجود تفاوت كبير في تقديرات أعداد ضحايا تشرنوبيل. فقد ذكرت زميلتي سونيا شميد في الجولة الثانية من هذه المائدة المستديرة أن منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريرا عام 2005 يفيد بأن ضحايا تشيرنوبيل سوف يبلغ عددهم أربعة آلاف شخص. وفي العام التالي، قدّرت منظمة السلام الأخضر أن الكارثة سوف تتسبب في إصابة حوالي مائة ألف شخص بسرطانات قاتلة. تعد هذه الأرقام متباينة للغاية، لكن حساب المخاطر الإشعاعية دائما ما يكون معضلا. فعندما يتعلق الأمر بجرعات منخفضة من الإشعاع، يكون هناك قدر كبير من عدم التيقن. كذلك تنطوي المخاطر التي تتعرض لها فئات معينة من السكان على قدر كبير من عدم التيقن. وفي الوقت نفسه، تختلف طرق التقييم من منظمة إلى أخرى. وربما لن يتم الجزم بشأن العدد الصحيح لضحايا تشيرنوبيل لفترة طويلة، أو ربما إلى الأبد. أما عدد ضحايا كارثة فوكوشيما فيعتبر سؤالا مفتوحا أيضا. هناك حاجة إلى تحسين الأدلة الإحصائية من أجل تعزيز العدد المتوقع لضحايا الكوارث النووية— إذ هناك نقص في الدراسات الكمية التي يمكنها التحقق من صحة تقديرات الأعداد الإجمالية للضحايا من السكان المعرضين للمخاطر الذين تنطبق عليهم عوامل مخاطر معينة.

إن عدم وجود إجماع حول تقدير عدد الضحايا يقوض للأسف ثقة الجمهور في الطاقة النووية. لكن إذا اعتمد المجتمع العلمي النووي نهجا موحدا لتقدير الخسائر المتعلقة بالكوارث، فإن قلق الرأي العام من الطاقة النووية قد يصبح بلا شك أكثر مرونة. ومن الناحية المثالية، ينبغي أن يتوصل المجتمع العلمي الى إجماع للآراء، ثم يبدأ على الفور في تنفيذ هذا الإجماع. ومن شأن هذا النهج أن يؤدي على الأرجح إلى قبول أكبر للطاقة النووية مقارنة بالقبول الناجم عن الاختلاف الحالي في الرأي العلمي.

بشكل عام، تشير الدراسات العلمية إلى أن الضرر النفسي الناجم عن وقوع حادث نووي قد يكون أكثر ضررا من آثار الإشعاع نفسه. وقد لاحظت شميد أن الضغط النفسي المرتبط بالإخلاء يعد شكلا منطقيا من أشكال الصدمات النفسية، كذلك الخوف البسيط له نفس هذا التأثير. لذا تمثل معرفة كيفية إدارة هذه الآثار النفسية تحديا خطيرا أمام أي نظام للتأهب للكوارث والاستجابة لها.

الأولويات الأولى. كتبت شميد أن التأهب للكوارث والاستجابة لها "هى في مجملها تعهدات مادية وتقنية" لكنها "لا تقتصر على الأمور التقنية فحسب". وهى بالطبع محقة في ذلك. لكن في أي كارثة، يجب أن تكون الجوانب التقنية للتأهب والاستجابة لها أولى الأولويات. ومنذ لحظة وقوع أية حادثة، يجب تجميع البيانات التي يمكن أن تساعد في تحديد نطاق حالة الطوارئ وتقديم التوجيهات لاتخاذ إجراءات من قبل أول المستجيبين للكارثة. كما يجب أن يكون هناك رصد مستمر وفي الوقت الحقيقي للمساعدة في تقييم النتائج الفورية للحادث والآثار المحتملة على الأفراد والبيئة. كما يجب أن تشكل البيانات الموثوق بها أساسا لأي تصريحات علنية من قبل المسؤولين أو الخبراء. وكما كتبت مانبريت سيثي، يجب أن يتاح للمسؤولين "سرعة الوصول إلى آراء علمية مطلعة وتقديرات الخبراء حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات سليمة في أوقات الضغوط القصوى".

لكن من السهل أن تصبح البيانات وتفسيرها مثارا للجدل— ولا سيما عندما يتدخل المسؤولون المحليون. فمثلا، في وقت مبكر من بداية كارثة فوكوشيما، بدأ مركز تكنولوجيا السلامة النووية الياباني في "نشر توقعات عن انتشار مواد مشعة (توقعات بانتشار سحب مشعة)." لكن محافظة فوكوشيما قررت أن المعلومات المقدمة لم تكن حديثة بما فيه الكفاية ولم تعلنها مطلقا بشكل رسمي. يمكن لاختلافات من هذه النوعية أن تؤخر اتخاذ الإجراءات اللازمة.

إحدى المخاطر الأخرى المتعلقة بتأخير اتخاذ إجراءات مناسبة تكمن في السرية الملازمة للمنشآت النووية. إذ يمكن للرغبة المفرطة في الحفاظ على السرية أن تؤخر التفاعل مع الخبراء الأجانب والمؤسسات الأجنبية. لذا يجب مقاومة هذه النزعة لأنه من المهم للغاية في حالة الطوارئ أن يتبادل المجتمع الدولي للخبراء وجهات النظر والنهج في الوقت المناسب.



Topics: Nuclear Energy

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]