The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

هل يعد انشاء بنك للوقود النووي استثماراً جيداً؟

ddroundtable.png

من بين التحديات الرئيسة التي تواجه مشروع عدم الانتشار النووري هو ان اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في الأسلحة النووية يمكن انتاجه في نفس المنشآت التي تنتج اليورانيوم منخفض التخصيب المستخدم كوقود للمفاعلات المدنية. وأحد حلول هذه المشكلة يكمن في تقليص عدد الدول التي تقوم بتخصيب اليورانيوم: توفير امداد مضمون من اليورانيوم منخفض التخصيب للدول بشرط تخليها عن حق تخصيب اليورانيوم بنفسها. لكن الحماس لفكرة انشاء بنك للوقود لم يكن جامحاً لدى الدول العملاء المحتملين لهذا البنك. فيما يلي يناقش كلا من تا مينه توان من فيتينام وخالد طوقان من الاردن ورامامورتي راجرمان من الهند السؤال التالي: "من وجهة نظر العميل، ما هي مزايا وعيوب انشاء بنك دولي للوقود النووي لإمداد الدول النامية باليورانيوم منخفض التخصيب؟"

Round 1

رغم المخاوف، بنوك الوقود تبشر بالخير

ولدت فكرة إنشاء بنك الوقود لليورانيوم منخفض التخصيب منذ برنامج الرئيس دوايت أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". كانت الفكرة الأساسية وراء إنشاء بنك الوقود في ذلك الوقت هي تشجيع الدول على اعتماد برامج مدنية للطاقة النووية. لكن نظرا لتوترات الحرب الباردة، تم إحراز تقدم ضئيل بشأن بنك الوقود حتى بداية الألفية الجديدة. وبمرور السنين، تحول الحافز الرئيسي لإنشاء مستودع لليورانيوم منخفض التخصيب إلى منع الانتشار النووي: يسمح للدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بالاحتفاظ بمرافق للتخصيب من أجل برامج الطاقة النووية السلمية، لكن يمكن أن تستخدم نفس المرافق لإنتاج أسلحة من اليورانيوم.

لعل حافز منع انتشار الأسلحة النووية هو أحد الأسباب التي جعلت مقترحات إنشاء بنك الوقود لا تحظى بشعبية بين عديد من الدول العملاء المحتملين. ولأن معظم الدول غير الحائزة للأسلحة النووية في العالم المتقدم تحتفظ بالفعل بمحطات لتخصيب اليورانيوم، أو لديها إمكانية الوصول لتلك المحطات- على سبيل المثال، من خلال يورينكو، وهو اتحاد ملكية مشتركة بين بريطانيا وهولندا وألمانيا – فإن عملاء بنك الوقود الأكثر احتمالا هم الدول النامية. العديد من هذه الدول، التي تتخلص تدريجيا من مسمى "النامية" من الناحيتين الاقتصادية والتقنية، تشعر الآن أنها على استعداد لامتلاك وتشغيل المفاعلات النووية. انجذاب هذه الدول إلى الطاقة النووية يرجع في جزء منه لزيادة احتياجاتها من الكهرباء بينما يرجع الجزء الآخر إلى رغبتها في إظهار قدراتها التقنية الناشئة.

لكن من وجهة نظر أيديولوجية واستراتيجية، تميل الدول النامية للنظر إلى مقترحات بنك الوقود بعين الريبة – إذ لا تزال الدول "المالكة" للطاقة النووية تحاول إبقاء الدول "غير المالكة" خارج ناديهم (مثل معاهدة حظر الانتشار النووي نفسها). كثير من الدول النامية التي عانت خلال الحقبة الاستعمارية قد تميل إلى تفسير المبادرات الغربية، أحيانا بوجه حق وأحيانا بدافع من الشعور بالإضطهاد المتوقع، على أنها محاولات من معتدي الماضي لإبقائهم متخلفين تقنيا وعسكريا.

على مستوى أكثر واقعية، فإن بعض الدول النامية تخشى من أن بنك الوقود الذي تملكه أو تسيطر عليه كتلة ذات نفوذ أو دولة منفردة قد تؤثر عدم توفير الوقود لبلد معين لأسباب جيوسياسية. مما يعني أنه قد يتم استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب كأداة للابتزاز السياسي – الأمر الذي يمكن منتجي الوقود النووي من انتزاع التعاون من المشترين.

ينبغي تخفيف مثل هذه المخاوف من خلال حقيقة أن اثنين من بنوك الوقود المقترحة – أحدهما مودع به يورانيوم (برغم، على حد علمي، أنه لا يوجد لديه عملاء إلى الآن) والآخر في مرحلة متقدمة من التطوير – يحظيان بشعبية دولية قوية، على الرغم من نشأتهما في كنف قطبي الحرب الباردة. في مارس 2010، وقعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقا مع روسيا لإنشاء احتياطي من اليورانيوم منخفض التخصيب في المركز الدولي لتخصيب اليورانيوم في أنجارسك بروسيا. افتتح المرفق في ديسمبر عام 2010 وتم تخزين اليورانيوم به. بنك الوقود هذا تتم إدارته دوليا من قبل الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين يتعرضون لـ "انقطاع الإمداد لأسباب غير تجارية". إنه أول مستودع عالمي لليورانيوم منخفض التخصيب في التاريخ.

وفي سياق مماثل، في عام 2006 تعهدت مبادرة التهديد النووي ، بدعم من المستثمر وارن بافيت، بدفع 50 مليون دولار للوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إنشاء بنك للوقود الدولي، بشرط أن تتعهد الدول بدفع ما مجموعه 100 مليون دولار. تم تجميع الأموال من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والكويت والنرويج والإمارات العربية المتحدة، واعتمدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فكرة مبادرة التهديد النووي في ديسمبر عام 2010. وطبقا للنسخة الحالية للخطة، فإن المستودع سيكون موجودا في كازاخستان ، لكن مع احتفاظ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاشراف الكامل على الموقع وكذلك ملكية المواد النووية المخزنة به. ومن المأمول أن يفتتح المرفق في أواخر عام 2013. ولعل مستوى الاشراف العالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المرافق الروسية والكازاخستانية ستزيل المخاوف التقليدية للدول النامية بأنه ستمارس ضدهم سياسات التمييز.

ثمة سمة إضافية لكلا البنكين المقترحين – لكنها لا تحظى بشعبية لدى بعض العملاء المحتملين – وهي وجود قيد على كمية الوقود التي يمكن شراؤها من المستودعات. المرفق الموجود في روسيا يخزن 120 طنا متريا من اليورانيوم منخفض التخصيب، وهو ما يكفي لإمداد مفاعل الماء الخفيف النموذجي بقدرة 1000ميجاوات بالوقود لأكثر من أربع سنوات. ومن المتوقع أن يتسع مرفق كازاخستان المقترح لتخزين 60 طنا متريا. هذه القدرات المتواضعة تتفق مع رؤية الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن بنك الوقود يستخدم في حالات الطوارئ فقط؛ أي ينبغي اللجوء لبنك الوقود في حال فشل ترتيبات السوق فقط. لكن هذا الشرط المعقول تماما، والذي يهدف إلى حماية مصالح المنتجين الحاليين لليورانيوم منخفض التخصيب في القطاع الخاص، يحبط بعض الدول التي قد تأمل في الحصول على وقود نووي رخيص الثمن من بنك الوقود.

لكن هناك مخاوف من أن يصبح بنك الوقود وسيلة للضغط على الدول غير الحائزة للسلاح النووي في العالم النامي لشراء الوقود من السوق المفتوحة أو من خلال بنك لوقود، متخلين بذلك فعلياً عن حقوقهم المنصوص عليها في النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعاهدة حظر الانتشار النووي في بناء محطات لتخصيب اليورانيوم. العديد من الدول النامية ليست متحمسة للتخلي عن حقها في التخصيب. بدأت البرازيل في تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية في عام 2009، ودول مثل الأرجنتين وجنوب إفريقيا قد بحثت إمكانية القيام بالمثل. هذه الرغبة في التخصيب ترجع في جزء منها للمخاوف بشأن أمن الطاقة، لكن ترجع أيضا في بعض الحالات لاعتبارات تجارية. توجد احتياطيات كبيرة من اليورانيوم داخل بعض الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، وعدد قليل من هذه الدول لديها المهارات التقنية اللازمة لبناء مرافق التخصيب. يمكن لهذه الدول زيادة قيمة ما لديها من اليورانيوم من خلال تخصيبه من أجل بيعه كوقود. وإذا كان الغرض من مشاريع بنوك الوقود هو محاولة إثناء الدول عن بناء محطات للتخصيب فإن ذلك قد يتعارض مع ما تعتبره هذه الدول فرصة تجارية مشروعة.

على الرغم من هذه المخاوف، يمكن أن تثبت بنوك الوقود أنها لا تزال مفيدة للدول النامية التي ترغب في امتلاك الطاقة النووية لكنها غير مهتمة بامتلاك الأسلحة النووية. مع وجود سلطة دولية ذات مصداقية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تضمن توافر اليورانيوم منخفض التخصيب، يمكن لهذه الدول بناء مفاعلات الطاقة دون الحاجة إلى بناء مرافق التخصيب باهظة الثمن. مثل هذه المرافق قد تتطلب في أي حال وجود عشرات من المفاعلات المستقرة لاستيعاب الوقود الذي تنتجه، لكن معظم الدول العملاء المرجح انضمامهم لبنك الوقود بحاجة إلى مفاعل أو اثنين على الأكثر. إن احتياجاتهم من الطاقة لا تتجاوز ما يمكن أن يوفره مفاعل أو مفاعلين، كما أن شبكاتهم الكهربائية غير قادرة على استيعاب أعداد أكثر.

تم بذل مقدار كبير من الجهد والتمويل من أجل إنشاء بنوك الوقود. ويحدوني الأمل في أن أعدادا كافية من الدول سوف تستفيد منها حتى تبرر الاستثمار.

الإنصاف عامل أساسي لنجاح بنك الوقود

الفكرة الأساسية وراء إنشاء بنك دولي للوقود هو أنه سيعمل، بطريقة موثوق بها وغير تمييزية، على توفير إمدادات طارئة لليورانيوم منخفض التخصيب بسعر السوق للدول المشاركة فيه. والدول التي تختار المشاركة في عضوية بنك الوقود ستصبح لديها ثقة أكبر بعدم انقطاع حصولها على الوقود المخصص للمفاعلات. في المقابل، سيتعين علي هذه الدول التخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم واعادة معالجة الوقود المستنفد بنفسها. تنظيم كهذا قد يكون ملائماً لعدد من الدول. لكن بالنسبة لدول أخرى قد يكون غير محبذ على الإطلاق.

قد تكون لبعض الدول عدة اعتراضات على فكرة بنك الوقود. أولا، قد يضمن بنك الوقود توريد الوقود منخفض التخصيب بأسعار السوق، ولكنه لن يوفر حماية ضد تقلبات الأسعار. كما سيتم تصميم بنك الوقود لتوفير الوقود عند الحاجة اليه فقط – أي إذا حدث خلل ما في سلسلة الإمداد العادية للوقود النووي. ولكن أي خلل من هذا القبيل يعني ضمناً ارتفاع في أسعار السوق، وعلى ذلك فوجود بنك للوقود لن يوقف ارتفاع تكلفة توليد الكهرباء. (وتجدر الإشارة، مع ذلك، أن تكلفة الوقود النووي تمثل نسبة صغيرة فقط من إجمالي نفقات تشغيل محطة للطاقة النووية.)

ثانيا، ربما تتردد بعض الدول في الاشتراك في أحد بنوك الوقود الدولية خوفاً من أن الاقدام على خطوة كهذه سيفرض عليها اشتراطات غير تلك التي قررتها معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT ). والدول التي يطلب منها فرض حظر على إقامة منشآت نووية جديدة لتخصيب واعادة معالجة الوقود المستنفد قد تعتبر هذه الاشترطات تعديات على حقوقها السيادية. (على حد فهمي، سيسمح بتشغيل المنشآت الحالية حتى نهاية حياتها التشغيلية.) على كل حال، إذا أصبحت دولة ما طرفا في معاهدة حظر الانتشار وامتثلت لجميع متطلبات المعاهدة وأذعنت لاتفاق الضمانات الذي يخضع منشآتها وأنشطتها النووية للرقابة الدولية، لماذا إذا يتعين عليها التخلى عن حقها في تنفيذ مختلف العمليات المرتبطة بدورة الوقود؟

ثالثاً، قد تشعر الدول الموقعة على المعاهدة أن بعض الاشتراطات المقترحة لبنك الوقود، مثل ذلك الذي يلزم الدول العملاء على التنازل عن حقهم في تخصيب اليورانيوم المحلي، تتعارض مع قدرتهم على تطوير برنامج للطاقة النووية مجدياً من الناحية الاقتصادية ومحققاً للاكتفاء الذاتي. الأردن، موطني، سعى وراء امتلاك الطاقة النووية من أجل تحقيق قدر أكبر من الاستقلال في مجال الطاقة وتأمين مصدر أكثر موثوقية من الوقود واستخدام رواسب اليورانيوم الأصلية وتجنب ارتفاع تكاليف توليد الكهرباء نتيجة استخدام النفط والغاز. وحينما يطلب من دولة مثل الأردن الامتناع عن التخصيب المحلي والاعتماد بدلاً من ذلك على الموردين الدوليين لخدمات التخصيب، فإنها بذلك يطلب منها الاستغناء عن فرص كبيرة للنمو الاقتصادي.

ان منع عملاء بنك الوقود من استخدام قدرتهم على إعادة معالجة الوقود المستهلك قد ينجم عنه نفس الضرر ان لم يكن اكبر– مثل التعدي على حقوق الدول، على النحو المنصوص عليه في معاهدة حظر الانتشار، في السعي وراء امتلاك برامج شاملة وسلمية للطاقة النووية. من وجهة نظري، ينبغي تشجيع الدول الموقعة على المعاهدة على معالجة نفايات الوقود، حتي وإن كان ذلك سيخضع لإجراءات تحقق صارمة. فهذا من شأنه احتواء الوقود المستنفد وخفض النفايات واستصلاح النويدات والاستفادة منها في زيادة إنتاج الطاقة وفي التطبيقات الطبية والصناعية وأنشطة البحث والتطوير، مما قد يؤدي إلى تحسينات في سلامة وأداء المفاعلات النووية. وعلى أية حال، فإن قصر هذه الأنشطة على الدول الحائزة للأسلحة النووية الى جانب عدد اخر محدد من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، سيعمل على خلق احتكار غير عادل في سلسلة الإمداد للحصول على الوقود النووي.

لا ينبغي ان يحول بنك الوقود دون حصول الدول التي تسعى الى امتلاك برنامجاً شاملاً وسلمياً للطاقة النووية على الدعم الذي تضمنه لهم معاهدة حظر الانتشار النووي. وللأسف، فإن مفهوم بنك الوقود كما هو متصور حاليا يبدو تمييزياً في طبيعتة. فهو لا يعير إهتماماً الى الالتزام طويل الأمد بالمعاهدة التي امتثلت له معظم الدول الموقعة، بل واكثر من ذلك، يتعدى على الحق السيادي لهذه الدول في السعي وراء امتلاك برامج شاملة وسلمية للطاقة النووية.

ومع ذلك، لابد من صياغة فكرة بنك الوقود على نحو يعزز الامتثال لمعاهدة عدم الانتشار ويكافئ الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على التزامها بأحكام المعاهدة. ويمكن القضاء على العديد من نقاط الضعف في المفهوم الحالي لبنك الوقود، أو تحسينه بشكل ملحوظ، إذا ما اشتمل على المبدأ الأساسي الذي يؤكد على مبدأ "الذرة من أجل السلام" والمادة الرابعة من المعاهدة التي تدعو الى: تشجيع ابتكار تقنيات نووية آمنة وسلمية. ولذلك، فإنني أدعو بقوة أن يراعى عند انشاء بنك للوقود ان يتم تصميمه على نحو يسمح للدول الأعضاء بتطوير برامج شاملة للطاقة النووية تلائم احتياجاتها المحلية. يجب تنفيذ مثل هذه البرامج بشفافية، وبطبيعة الحال، تحت العين الساهرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولكن لا ينغبي ان يطلب من الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي التخلي عن حقوقهم السيادية.

تقييم مزايا انشاء بنك دولي للوقود النووي

في السنوات الأخيرة حازت فكرة إنشاء بنك دولي للوقود النووي على اهتمام كبير، من خلال ترويج الولايات المتحدة ودول غربية أخرى للفكرة ومحاولاتهم الجاهدة لجعلها حقيقة واقعة. وكمثال تقريبي للكيفية التي سيعمل بها بنك الوقود، نشير إلى الاتفاق الذي أبرم عام 2009 بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة؛ والذي بموجبه، وافقت أبو ظبي على عدم ممارسة حقها في تخصيب واعادة معالجة المواد النووية، في مقابل موافقة الولايات المتحدة على إمداد دولة الإمارات باليورانيوم منخفض التخصيب وكذلك تقديم التعاون في المجال النووي بأشكال مختلفة. لكن داخل الدوائر السياسية في العالم النامي، لا تحظى فكرة وجود بنك دولي للوقود بشعبية خاصة.

الأكاديميون الغربيون والمسؤولون الحكوميون المؤيدون لإنشاء بنك للوقود كثيرا ما يستشهدون بالحاجة إلى سد الثغرات في النظام الدولي لمنع الانتشار النووي، إذ يقولون بأن قدرة دولة ما بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود المستهلك يخلق خطرا لانتشار الأسلحة النووية، وأن الحد من هذا الخطر يجب التعامل معه على أنه ذو أولوية عالية. (تجدر الإشارة إلى أن بعض الخبراء يؤكدون على أن بنك الوقود لن ينجح في تحقيق هدفه الأساسي المتمثل في الحد من الانتشار النووي، بل في الواقع سيؤدي لعكس ذلك.)

لكن ما هي مزايا بنك الوقود التي من شأنها أن تحفز العملاء المحتملين للمشاركة فيه؟ يشير المؤيدون إلى عدة مزايا. أولها، كما يقولون، أنه لن يجب على العملاء بناء محطات تخصيب خاصة بهم، وهذا من شأنه أن يوفر مبالغ كبيرة من المال يمكن أن تخصص لأغراض أخرى. في عام 2008، قدرت تكلفة بناء منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم ما بين 250 مليون دولار و 3.3 مليار دولار، اعتمادا على عدة عوامل مثل طاقتها وموقعها. وذلك ليس بأي حال مبلغا تافها، خاصة بالنسبة للدول النامية التي تواجه قيودا مالية وتعتمد على قروض خارجية أو غير ذلك من أشكال المساعدة لتمويل تطوير قطاعاتها النووية. ويمكن لبنك الوقود النووي، خاصة بالنسبة للوافدين حديثا إلى مجال الصناعة النووية، تحسين الجدوى الاقتصادية للطاقة النووية.

الميزة الثانية لبنك الوقود تنطوي على الأمن النووي: إن وجود بنك دولي للوقود النووي سيقلل من مخاوف الدولة العميلة بشأن توفير الحماية المادية للمواد النووية. تميل الدول النامية لمواجهة صعوبات أكبر من الدول المتقدمة بشأن ضمان تأمين مرافقها النووية. سيتيح وجود بنك للوقود لأية دولة مشاركة به أن تركز مواردها على أمن محطاتها للطاقة النووية بدلا من تكريس جزء من مواردها لمرافق التخصيب.

ثمة ميزة ثالثة لبنك الوقود وهي أن الدعم العام، في كثير من الدول، لبناء محطات للطاقة النووية قد تضاءل بشكل ملحوظ منذ الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما للطاقة النووية. فقد أحيت فوكوشيما الجدل العام حول الطاقة النووية وأجبرت بعض الحكومات على إعادة النظر في خططها لتقديم الطاقة النووية كبديل للوقود التقليدي. يجب على الحكومات التي ترغب في مواصلة برامجها النووية أن تأخذ في الاعتبار القلق العام – وبنك الوقود يمكن أن يساعد في هذا الصدد من خلال تهدئة المخاوف، على الأقل إلى حد ما، بشأن سلامة المنشآت النووية.

لكن ينبغي أيضا على الدول العملاء أن تنظر في المشاكل المحتملة لبنك الوقود. مشكلة واحدة من هذا القبيل هي أن الدول التي ستتخلى عن حقها في تخصيب الوقود الخاصة بها ستصبح في موقف صعب إذا ارتفعت أسعار السوق لليورانيوم منخفض التخصيب بشكل حاد. في عام 1997، كان سعر السوق للحصول على كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب لاستخدامه في مفاعلات الأبحاث حوالي 5.400 دولار. بحلول عام 2005، ارتفع هذا السعر إلى نحو 8.800 دولار- أي بزيادة أكثر من 60 في المئة خلال ثماني سنوات. بالنسبة لدولة لا تمتلك القدرة على تخصيب الوقود بمفردها، فإن مثل تلك التكلفة المرتفعة على هذا النحو تدل ضمنيا على ارتفاع أسعار الكهرباء التي تنتجها محطات الطاقة النووية، وهذا بدوره من شأنه أن يقلل من القدرة التنافسية للطاقة النووية مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى. علاوة على ذلك، فإنه ليس من الواضح كم حجم المساحة التي ستترك للعملاء للتفاوض حول الأسعار مع دول الامداد في حال خروج بنك الوقود الدولي الى حيز الوجود. وبأخذ جميع الأمور في الاعتبار، فإن الاعتماد كليا على الوقود الأجنبي لتشغيل مفاعل نووي – وقطع إمكانية القيام بخلاف ذلك – يبدو محفوفا بالمخاطر من الناحية الاقتصادية.

مجموعة أخرى من المشاكل المحتملة تتعلق باعتبار الوقود النووي قضية أمن قومي. إن أي دولة تبقي على قطاع للطاقة النووية لكنها تنبذ حقها في تخصيب اليورانيوم يصبح من المحتمل تعرضها للضغوط الدولية، ويصبح لديها مساحة أقل لإدارة السياسة الخارجية. هذا يعني، إذا حدث توتر دبلوماسي بين دول الامداد والدول العملاء أو حتى أصبحوا خصوما، فإن التهديد بقطع إمدادات الوقود النووي سيشكل خطرا حادا على الأمن القومي للدول العملاء. مخاوف مثل هذه قد تبدو بعيدة التحقق بالنسبة للبعض، لكن واضعي ومخططي السياسات يجب أن يتوقعوا أسوأ السيناريوهات المحتملة.

وحتى لو أصبح بنك الوقود النووي واقعا، فإنه لن يبدأ العمل على الفور. في تلك الأثناء، ينبغي على العملاء المحتملين أن يسألوا أنفسهم بعض الأسئلة الأساسية: هل بنك الوقود الدولي ضروري حقا؟ هل تحتاج الدولة إلى واحد مثله؟ هل تريد واحدا؟ هل سيفرض بنك الوقود إرادة دول الامداد على الدول العملاء؟

على أية حال، يجب على الدول أن تضع في اعتبارها أنه من غير المتوقع لبنك الوقود النووي أن يزيل جميع مخاوف الانتشار المتعلقة بدورة الوقود النووي، حيث يهدف بنك الوقود إلى المساعدة في خفض تهديدات الانتشار – لكن ما هو إلا سوى واحد من تدابير عديدة مستخدمة في هذا الجهد.

Round 2

ضمانات لا تعطي إحساسا بالأمان

حدد المشاركون في اجتماع المائدة المستديرة هذا عددا من المخاوف بشأن الطريقة العملية التي ستعمل بها بنوك الوقود لليورانيوم منخفض التخصيب. كان من أبرز ما ذكره زملائي في مقالاتهم الأولية هو الاعتقاد بأن الدول النامية التي تعتمد على بنوك الوقود لتزويدها بالإمدادات الطارئة من اليورانيوم منخفض التخصيب ستضطر إلى التخلي عن حقها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في إنشاء مرافق وطنية للتخصيب وإعادة المعالجة. وفي مقالاتهم التالية، أقر زملائي بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعطي ضمانات صريحة بأن مبادرات بنك الوقود لن تنقص من حقوق الأمم في دورة الوقود النووي .

ومما يجدر ذكره أيضا، في اعتقادي، هو ضمان الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن بنك اليورانيوم منخفض التخصيب وهو مرفق متعدد الأطراف لليورانيوم منخفض التخصيب والذي يبدو من المرجح أن يكون موقعه في كازاخستان — بأن توفير الوقود لن يتأثر بالعلاقات الجيوسياسية بين الدول العملاء والدولة التي يقع بنك الوقود على أراضيها. "الدولة المضيفة"، كما تقول الوكالة "تمنح الحق للوكالة في نقل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى ومن بنك الوكالة الدولية للطاقة الذرية لليورانيوم منخفض التخصيب على النحو الذي حددته الوكالة". إن ذلك ينبغي أن يحد من المخاوف بأن التوترات السياسية بين دولة ما من الدول العملاء والأطراف الأخرى قد تتداخل مع مقدرة العميل لشراء اليورانيوم منخفض التخصيب .

قد يعتقد المرء بأن ضمانات صريحة مثل هذه ستخمد معظم المخاوف لدى الدول العملاء المحتملين. في الواقع، أود أن أرحب باقتراحات بشأن ما هو المزيد الذي يمكن أن تفعله الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز ضماناتها. لكن ذلك يبين مدى عدم الثقة السائد بين عالمي الدول المتقدمة والدول النامية بأنه حتى الوثائق الموقعة والمختومة لا تعتبر مقدسة. هذا الأمر مفهوم إلى حد ما؛ فكما أشار تا مينه توان، قامت مجموعة موردي المواد النووية مؤخرا بتعديل مبادئها التوجيهية حول التقنية المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة. وفي سياق مماثل إلى حد ما، انسحبت الولايات المتحدة في عام 2002 من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية.

في الوقت نفسه، طرح خالد طوقان سؤالا منطقيا للغاية يستحق جوابا صادقا: لماذا تتحمل الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة عناء وتكاليف المساعدة في إنشاء بنوك الوقود إذا لم توقف انتشار تقنية التخصيب وإعادة المعالجة؟ التفسير الذي يحمل على النية الحسنة — بأن بنوك الوقود أنشئت لمساعدة الدول على تطوير قطاعاتها النووية – كان من الممكن أن يبدو صحيحا أيام "الذرة مقابل السلام". لكن العالم اليوم لا يوجد لديه مساحة للإيثار النووي، كما لا توجد دولة لديها دافع تجاري قوي لتعزيز الطاقة النووية مثلما كان لدى الولايات المتحدة عندما كانت هي المهيمنة على بناء المفاعلات النووية على مستوى العالم. اليوم، تتنافس الولايات المتحدة مع عدد من الدول الأخرى في تصدير المفاعلات .

لذلك، يبدو من الأفضل أن نعترف بأن حظر الانتشار النووي هو الدافع الأساسي لتعزيز بنوك الوقود. لكن هل يجعل ذلك بالضرورة مشاريع بنوك الوقود مشبوهة أو غير فعالة؟ صحيح أن حظر الانتشار النووي شابته سمعة سيئة بين العديد من الدول النامية بسبب شعورها بأن الدول المعترف بحيازتها لأسلحة نووية بذلت مزيدا من الجهد لمنع دول أخرى من الحصول على أسلحة نووية بدلا من الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي لنزع السلاح. ومع ذلك، هل تفضل أي دولة، في عصر الإرهاب النووي المحتمل، الانتشار النووي (ربما باستثناء أنها تنفذ هذا الانتشار بنفسها)؟

قد يكون المبدأ وراء حظر الانتشار النووي غير متماثل وغير منصف، لكن عدم الانصاف هذا لا ينبغي أن يستخدم كأداة أيديولوجية تسمح بمعارضة بنوك الوقود بالكلية. هناك عدد من الدول النامية في حاجة ماسة إلى الطاقة، وتعاني من نقص الإمكانات المالية أو التقنية لبناء بنية تحتية للدورة الكاملة للوقود النووي، بالاضافة إلى عدم اعتزامها تطوير أسلحة نووية. فالماذا لا تستفيد هذه الدول من بنوك الوقود؟ وفي الوقت نفسه، يمكن للدول التي لديها ثقة قليلة في ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تنتظر لترى كيف ستعمل مشاريع بنك الوقود .

الشكوك لا تزال قائمة رغم التأكيدات

في مقالي الأول من هذه المائدة المستديرة، أقررت بعض المزايا التي قد تعود على دولة ما حال اعتمادها على بنك دولي للوقود للحصول على إمدادات طارئة من اليورانيوم منخفض التخصيب، ولكني في المقام الأول قمت باستكشاف العيوب التي قد تشوب تنظيم كهذا. والعديد من العيوب التي قمت بتحديدها تبعا لفهمى للفكرة بأن الدول التي ترغب في الوصول الى بنك للوقود سيتعين عليها التخلي عن الحقوق المكفولة لها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي—مثل الحق في تخصيب اليورانيوم او إعادة معالجة الوقود المستنفذ.

وتبين أن فهمى هذا لم يكن في وئام مع الهيكل الفعلي لمبادراتي بنك الوقود المرتبطة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA ). في الواقع، الوكالة تؤكد بشكل قاطع على عدم المساس بحقوق الدول حيال دورة الوقود النووي من خلال ضمان آليات الإمداد . الجدير بالذكر أيضا هو أن الحصول على اليورانيوم منخفض التخصيب من خلال بنك للوقود لا يتطلب الانضمام إلى البنك، وأن الوقود سيكون متاحاً لأي دولة عضو في الوكالة تتوفر بها بعض المعايير الأساسية .

وفي حين أنه عند كتابة مقالي الأول لم أكن على دراية ببعض التفاصيل المستجدة المحيطة بمبادرتي إنشاء بنك دولي للوقود، إلا أنني ما زلت غير مقتنع أن بنوك الوقود، من الناحية العملية، ستعمل بالطريقة التي صممت على أساسها. وحتى أكون واضحاً، فإنني أحترم وأقدر بشدة جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتشككي حول بنوك الوقود لا يعني أنني أشكك في نية الوكالة لإدارة المرافق بشكل صحيح. بيد أن ارتيابي ينبع من مسألتين: الدوافع التي ربما تكون قد أدت إلى إنشاء البنوك، والتأثير الذي قد تبذله عدة دول حائزة للسلاح النووي على المرافق بسبب مساهماتها المالية به.

هل كان الدافع من تأسيس بنوك للوقود فقط هو مساعدة الدول النووية الناشئة على تطوير قطاعات الطاقة لديها؟ أو بدلا من ذلك، وهذا يبدو سبباً عقلانياً، هل كان الدافع في الأغلب معالجة تهديدات الانتشار عن طريق الحد من فرص قيام الدول غير الحائزة للأسلحة النووية بإنشاء برامج شاملة للطاقة النووية؟ في الواقع، إذا لم يكن الهدف الرئيسي هو منع انتشار الأسلحة النووية ، فلماذا إذا تقوم الولايات المتحدة ودول أخرى بتحمل العناء وتكاليف التفاوض والتمويل من أجل إنشاء بنوك للوقود؟ وثمة سؤال آخر هو ما إذا كانت هناك رغبة من جانب الدول في مجموعة موردي المواد النووية في الحد من عدد الدول القادرة على تقديم خدمات الوقود النووي، وبالتالي خلق احتكار القلة في سوق اليورانيوم منخفض التخصيب.

هذه الأسئلة بطبيعة الحال تثير الشكوك حول طريقة عمل بنوك الوقود. على سبيل المثال، سعت الولايات المتحدة كثيراً في مفاوضاتها للتوصل الى اتفاقيات التعاون النووي إلى تقييد قدرة الدول الأخرى على استخدام المعدات والمواد التي حصلت عليها بموجب اتفاقات أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة. إذا كيف للدول النامية أن تتأكد من أنها إذا احتاجت الى امدادات طارئة من اليورانيوم المنخفض التخصيب، لن تتعرض لضغوط سياسية من قبل الولايات المتحدة للتخلي عن حقوقها في دورة الوقود؟ سؤال آخر، إذا ما انخفضت إمدادات البنك من اليورانيوم منخفض التخصيب، فهل يمكن بالضرورة الوثوق بالدول الموردة لسد النقص؟ وإذا استفذت احتياطيات المنشأة كنتيجة لارتفاع في الطلب أكثر من المتوقع، فهل يمكن لدولة لا تملك القدرة على التخصيب ضمان أن تقوم الدول التي لديها مثل هذه القدرة على توريد وقودها إليها؟

تساؤلات جدية تحيط بالدوافع التي أدت إلى تأسيس بنوك للوقود، وهذا حتماً يثير الشكوك حول طريقة عمل بنوك الوقود. حتى تتم معالجة هذه المسائل والشكوك بصورة مرضية، أجد أنه من الصعب تبني فكرة إنشاء بنوك دولية للوقود النووي. بنوك الوقود الإقليمية، على الجانب الآخر، قد تكون قادرة على توفير الضمانات التي من شأنها معالجة الشكوك والمخاوف المذكورة أعلاه، وبالتالي قد تجد قبولاً أوسع بين الدول النووية الناشئة.

قرارات وطنية، مصلحة وطنية

في مقالي الأول من هذه المائدة المستديرة، قمت بتحليل عدداً من المشاكل التي قد تواجه الدول النامية التي ستحصل على اليورانيوم منخفض التخصيب من خلال بنك دولي للوقود. ومع ذلك، فإنني أرى أن تحليلي لمبادراتي بنك الوقود التي تعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أحد أطرافها قد جانبه الصواب وذلك من الناحية الهامة التالية: لطالما اعتقدت أن بنوك الوقود ستتطلب من الدول العملاء التخلي عن حقهم في تخصيب اليورانيوم – في حين أن هذا الشرط، حسبما ذكرت الوكالة، غير موجود. في الواقع، فإن الوكالة تحدد "كمبدأ أساسي" لضمان آليات الامداد، أن لا يتم المساس "بحقوق الدول الأعضاء، بما في ذلك حق إنشاء أو توسيع طاقتها الإنتاجية الخاصة في دورة الوقود النووي، أو الانتقاص من هذا الحق بأي شكل من الأشكال جراء وضع ضمان دولي لآليات الإمداد ".

هذه اللغة تبدوا واضحة بما فيه الكفاية. إلا أنه في دوائر منع الإنتشار الخاصة بالعالم النامي، هناك إعتقاد سائد على نطاق واسع ان الدول ستضطر إلى الامتناع عن التخصيب للتمكن من الوصول إلى بنك الوقود. لقد حضرت عددا من الندوات وورش العمل تمت خلالها مناقشة مقترحات بنك الوقود. معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم في هذه المناسبات لديهم اعتقاد راسخ أن الدول التي ستشترك في بنك الوقود سيطلب منها التخلي عن حقهم في تخصيب اليورانيوم. وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا هذا الفصل الكبير بين السياسات المعلنة للوكالة حول هذا الموضوع وبين المعتقدات السائدة في العالم النامي؟

وتفسير ذلك، جزئياً، يعود الى المخاوف السائدة لدى العالم النامي بشأن نوايا الدول المتقدمة. على وجه التحديد، فإنني أظن أن الدول العملاء المحتملين قد تعرضوا مراراً لضغوط من الدول الموردة بشأن قضايا تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة لدرجة أنهم اصبحوا لا يثقون بتعهدات الموردين حول ترتيبات متعددة الأطراف. لإعطاء مثال على بعض الأشياء التي تثير الشكوك، هناك اتفاق التعاون النووي التي توصلت إليه الولايات المتحدة في عام 2009 مع دولة الإمارات العربية المتحدة والذي تخلت بموجبه الإمارات عن حقها في تخصيب اليورانيوم. ومنذ ذلك الحين، يرى العديد في واشنطن ان اي اتفاقات جديدة للتعاون النووي يجب أن تتبع ما يسمى بـ"معيار الذهب" الذي وضعه نموذج الإمارات العربية المتحدة. إدارة أوباما اختارت عدم اعتماد مثل هذه السياسة، ولكن السؤال من وجهة نظر الدول النامية هو هل يمكن الوثوق بأن الولايات المتحدة لن تقوم في يوم من الايام بإساءة استخدام سلطتها فيما يتعلق بالوصول إلى بنك الوقود؟

في الواقع، تراودني بعض الشكوك حول كيفية عمل بنوك الوقود عملياً. لقد علمتنا التجربة أن السياسات المعلنة والنصوص المنشورة يمكن أن تتغير لتناسب مصالح واضعي السياسات. على سبيل المثال، في العام الماضي قامت مجموعة موردي المواد النووية بإعادة النظر في مبادئها التوجيهية حول التقنية المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، واضعة أعباء إضافية على الدول المستفيدة. لذا فإذا كان بإمكان الدول الموردة تغيير سياساتها وفقا لرغباتها، فمن الذي يضمن للدول النامية عدم قيام الموردون – وهم في العادة من بين الدول الأكثر قوة في النظام الدولي – باستخدام نفس النهج مع بنوك الوقود؟ وبعبارة أخرى، حتى لو كنا على ثقة بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستدير بنوك الوقود بما يتماشى مع السياسة الحالية، فهل تستيطع الوكالة بالضرورة الحفاظ على استقلالها في المستقبل؟

بالنسبة للدول النامية التي تشرع في بدء برامج للطاقة النووية، فإن الاعتماد على بنك الوقود لتوفير الإمدادات الطارئة من اليورانيوم منخفض التخصيب قد ينطوي على مقايضة أكيدة، تماما كما العديد من القضايا الأخرى في العلاقات الدولية التي تنطوي على مقايضات. وعندما تقرر إحدى هذه الدول إما بناء منشآت للتخصيب خاصة بها أو، بدلاً من ذلك، شراء اليورانيوم منخفض التخصيب في السوق المفتوحة، وتعتمد على بنوك الوقود التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذريه في الحالات الطارئة، فإنها ستفعل ذلك على أساس المصلحة الوطنية. هذه الملاحظة قد تبدو واضحة إلى حد ما، لكنها دقيقة.

ينبغي الإشادة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية لمشاركتها في مشروعي بنك الوقود اللذان، على الأقل من الناحية النظرية، سيوفران للدول النامية بديلاً يضمن لهم أمن الوقود في حالة الطوارئ — في حين لن يطلب منهم التخلي عن حقوقهم المنصوص عليها في معاهدة حظر الانتشار النووي. بنوك الوقود سيكون لديها الفرصة لإظهار كفائتها بشكل عملي – وفي الوقت المناسب، إذا قامت بوظيفتها على النحو المتوقع، ستهدأ شكوك الدول العملاء المحتملين.

Round 3

وجهات نظر متقاربة واختلافات طفيفة

الهدف من تنظيم اجتماع مائدة مستديرة مثل هذا يرجع في المقام الأول إلى الحصول على مجموعة واسعة من وجهات النظر والمناقشات حول موضوع معين. وسواء أسفرت هذه المناقشات عن "نتائج" — وسواء أكان هناك إجماع للآراء أم لا — فليس ذلك بنفس القدر من الأهمية. لكن في حالتنا هذه، أعتقد أن التقارب في وجهات نظرنا كان هو الغالب.

فكما أشار تا مينه توان في مقالته الثالثة، أقر المشاركون الثلاثة في اجتماع المائدة المستديرة هذا بأن — بالرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أصدرت ضمانات بأنه لن تكون هناك قيود للحصول على إمدادات الوقود من أحد بنوك الوقود الدولية — العديد من الدول النامية ما زالت تساورها شكوك في إمكانية شرائها اليورانيوم منخفض التخصيب دون انتهاك لحقوقها. النقطة الرئيسية هنا ليست ما إذا كانت مخاوف هذه الأمم لها ما يبررها، أو حتى ما إذا كانت ستحدث عقبات في الواقع. بل، هو التصور الدائم بأنه ربما تحدث عقبات. وفي الوقت نفسه، كان لدى جميع المشاركين في اجتماع المائدة المستديرة أمل في أنه على الأقل سوف تستفيد بعض الدول النامية من بنوك الوقود الدولية. وعلى العموم، أشعر أننا نتفق على النقاط الأساسية في هذه المناقشة.

الإختلافات التي لا تزال قائمة بيننا ما هي إلا فروق دقيقة للغاية، ويمكن حتى التوفيق بينها. اسمحوا لي هنا أن أتناول واحدة من هذه الفروق. تا مينه، في رده في مقالته الثالثة على نقطة كنت قد أثرتها سابقا، تساءل ما إذا كانت "الدول النووية الناشئة يمكنها تجنب الشكوك بأنها تعتزم الاسهام في الانتشار النووي — حتى لو كانت تحتفظ بسجلات جيدة بشأن منع الانتشار." مخاوف تا مينه تستحق الاعتبار، وأود بحثها عن كثب من خلال مثال افتراضي (وربما مثير للجدل).

اتهمت إيران بعدم الكشف عن تفاصيل مهمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي. لكن لنفترض أن إيران كانت شفافة للغاية بشأن خططها النووية من البداية. ولنفترض أنها كانت أعلنت أنها ستبني بنكا لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، لكنها لن تنتج يورانيوم عالي التخصيب. ولنفترض أن طهران فعلا أبقت تخصيبها ضمن حدود اليورانيوم منخفض التخصيب وأنكرت أي نية لديها في تطوير سلاح نووي، وامتثلت للإشراف الكامل للوكالة.

هل كان الغرب سيقف جانبا في هذه الحالة — خاصة أن قدرات إيران التقنية ومخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب ازداد لدرجة أن طهران كانت مستعدة من الناحية التقنية لانتاج أسلحة نووية اذا اختارت أن تفعل ذلك؟ حينها كان العديد من الإيرانيين، والعديد من الناس في العالم النامي المتعاطفين مع ايران، سيتوقعون على الأرجح قيام الغرب بمعارضة الأنشطة النووية لطهران في هذه الحالة.

أنا لا أرغب في اتخاذ موقف من نوايا إيران الحقيقية. أنا فقط أقدم هذا السيناريو كمثال معقول لما قاله تا مينه بأن أية دولة تنظر إليها القوى الكبرى بعين الريبة قد لا تكون قادرة على التمتع بكامل حقوقها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. إن اتباع أية دولة للقواعد قد لا يكون كافيا، وقد يكون من الضروري أيضا أن تظل "في وضع جيد" مع الدول المتقدمة الكبرى.

أخيرا، هناك جانب واحد من الترتيبات لبنوك الوقود ليس واضحا جدا بالنسبة لي. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن الامدادات من أحد بنوك الوقود يمكن توفيرها لدولة "تعاني من تعطل الامدادات من اليورانيوم منخفض التخصيب لمفاعلها النووي وغير قادرة على تأمين اليورانيوم منخفض التخصيب من السوق التجارية، أو من خلال ترتيبات بينها وبين دولة أخرى، أو بأية وسيلة أخرى من هذا القبيل." لكن هل هذا يعني أنه من المفترض ألا يستخدم بنك الوقود إلا في حالات نادرة جدا، ربما لمرة واحدة فقط؟ أوهل يمكن لدولة ما الحصول على اليورانيوم منخفض التخصيب من بنك الوقود طالما السوق لا يمدها بالوقود؟ وبافتراض أن هناك دولة تعاني من مشاكل مع السوق المفتوحة ولا تمتلك مرفق تخصيب خاص بها، فمن أين يمكنها الحصول على امدادات منتظمة من الوقود إن لم يكن من بنك الوقود؟ وإذا لم تكن الإمدادات المنتظمة غير متوفرة من بنك الوقود، ألن يصبح أمن الطاقة النووية للدولة العميلة في نهاية الأمر تحت رحمة العلاقات الثنائية مع الدول الموردة؟

إذا كان بنك الوقود سيضمن فقط أول شحنة من الوقود لمفاعل واحد، أستطيع أن أتفهم جيدا قلق أية دولة من عدم بناء مرافق تخصيب خاصة بها!

المضي قدما مع توخي الحذر

في مقالتي الثانية في اجتماع المائدة المستديرة استعرضت مخاوفي بأن بنوك الوقود قد تستخدم للضغط على الدول النامية كي تتخلى عن حقوقها المكفولة لها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، برغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعطت ضمانات بأن إنشاء بنوك الوقود لن ينتقص من حقوق الأمم. ويشاركني إلى حد كبير زميلي تا مينه توان في هذه المخاوف، بعكس رامامورتي راجارامان. هناك شيء واحد نتفق عليه جميعا هو أن بنوك الوقود تستحق أن تمنح فرصة لإظهار الطريقة العملية التي ستعمل بها؛ إذ لا ينبغي التقليل من قيمتها المحتملة في توفير إمدادات الطوارئ من وقود المفاعلات إلى الدول النووية الناشئة. أعتقد، بالرغم من تحفظاتي، أن الدول النووية الناشئة ينبغي أن تشجع فكرة إنشاء بنوك الوقود النووي.

أود أيضا التأكيد مجددا على تقديري واحترامي للدور المخلص والاستباقي الذي لعبته ولا تزال تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالنسبة للدول النووية الناشئة. فقد استفاد الأردن، بلدي، كثيرا من البرامج والمبادرات التي ترعاها الوكالة، خاصة تلك المتعلقة بتطوير البنية التحتية والامتثال التنظيمي والتدريب الإداري والتقني. وتعد قدرة الوكالة على تجميع ونشر فرق من الخبراء ذوي الشهرة العالمية للمشاركة في منتديات التعاون التقني مفيدة ومؤثرة للغاية. أُكن احتراما كبيرا لكل ما تفعله وتجسده الوكالة. مرة أخرى، أقول إن تحفظاتي على تنفيذ بنوك الوقود لا علاقة لها بنوايا الوكالة أو قدراتها.

لكن ما زال ثمة أمر يقلقني وهو عندما تصبح دولة نامية يوما ما في حاجة حقيقية لإمدادات طارئة من وقود المفاعلات، فإن عددا من الدول الحائزة للأسلحة النووية قد تنتهز الفرصة للضغط على تلك الدولة النامية كي تتخلى عن بعض حقوقها بموجب معاهدة حظر الانتشار. لهذا السبب، أنا أحتج بأنه لا ينبغي للدول النامية أن تعتمد اعتمادا كبيرا على بنوك الوقود الدولية لتوفير إمدادات الطوارئ من وقود المفاعلات – لا سيما وأن الدول الحائزة للأسلحة النووية كان لديها دور أساسي للغاية في تمويل بنوك الوقود وإمدادها بالوقود، ولأن بعضا من تلك الدول تحتفظ بسياسات غير معلنة تكون، في رأيي، موجهة نحو منع الدول النامية من تنفيذ برامج متكاملة وذات اكتفاء ذاتي للحصول على الوقود النووي.

ينبغي على الدول النووية الناشئة، لكي تحد من اعتمادها على بنوك الوقود، أن تفكر في تنويع مصادر استيرادها للوقود وزيادة مخزونها من الوقود والإسراع، إذا كان ذلك ممكنا، في وضع خطط لتطوير قدراتها المحلية على التخصيب. أنا أدرك أن قيام دول لديها عدد محدود من مفاعلات الطاقة النووية بتطوير مرافق تخصيب خاصة بها قد لا يكون عمليا أو مبررا اقتصاديا. ومع ذلك، يمكن للدول غير الحائزة للأسلحة النووية إقامة تحالفات من أجل وضع آلية تعاونية للإمداد بالوقود منخفض التخصيب. سيعزز ذلك من أمن الطاقة من خلال ضمان مصادر موثوقة من الوقود منخفض التخصيب والقضاء على التهديدات المحتملة لحقوق سيادة الدول.

في الوقت نفسه، ومن أجل الحد من المخاوف في عدد من الدول النووية الناشئة، فمن الضروري أن تقوم الدول الحائزة للأسلحة النووية التي شاركت بشكل كبير في إنشاء بنوك الوقود ببذل كل ما في وسعها كي تضمن أن تعمل بنوك الوقود كما خطط لها. وكما احتج تا مينه توان، ينبغي التعامل مع بنوك الوقود بروح من العدالة والشفافية، مع وجوب تجنب المساومات السياسية التي تدور من وراء الكواليس.

الوقت كفيل بأن يظهر لنا ما إذا كانت بنوك الوقود ستعمل كما يروج لها حاليا. لكن إذا لم يحدث ذلك – بأن شعرت الدول النامية التي تسعى للحصول على اليورانيوم منخفض التخصيب بضغوط كي تتخلى عن أي حق من حقوقها – حينها قد تعقد الدول النووية الناشئة تحالفات فيما بينها من أجل حماية سيادتها وحقوقها الثابتة.

اتفاق واختلاف وطريق نحو الأمام

حتى هذه النقطة، أظهر المشاركون في هذه المائدة المستديرة مستويات مختلفة من الحماس بشكل ملحوظ لمسألة بنوك الوقود الدولية. وقد دعم رامامورتي راجارامان بشكل عام فكرة بنوك الوقود. أما بالنسبة لي والسيد خالد طوقان، ففي حين أننا لم نرفض فكرة بنوك الوقود، الا اننا أولينا اهتماماً كبيراً حول أسباب تحفظنا عليها. ويمكن القول أن المشاركين في هذه المائدة المستديرة اتفقوا إلى حد كبير على أربع قضايا رئيسة.

أولاً، لم يشكك المشاركون في أن بنوك الوقود، اذا ما عملت على النحو التي صممت على أساسه، ستعود بالفائدة على بعض الدول النامية. فالبنسبة للدول التي تختار تطوير قطاعات الطاقة النووية دون تطوير قدرة على التخصيب، فد تستفيد فقط من الوصول الأكيد إلى إمدادات طارئة من اليورانيوم منخفض التخصيب، طالما أنها لا تواجه أي ضغوط للتخلي عن حقوقها المنصوص عليها في معاهدة حظر الانتشار النووي.

ثانياً، لم يختلف أياً من المشاركين على أن مبادراتي انشاء بنك دولي للوقود التي ترعاها الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) تستحق أن تعطى فرصة لإظهار الطريقة التي ستعمل بها عملياً. ومرة أخرى اتفق المشاركون حول النقطة الثالثة من أن هناك شكوك كبيرة لدى العالم النامي تحوم حول مبادراتي إنشاء بنك دولي للوقود، بغض النظر عن مدى الاستفادة التي قد تحملها هاتين المبادرتين. لذلك، من وجهة نظري، فإن العديد من الدول في العالم النامي لن تضع ثقتها الكاملة في بنوك الوقود دون أن يكون هناك تأكيد من أنها ستعمل على النحو التي صممت على أساسه. الشكوك في العالم النامي، بطبيعة الحال، ترتبط بالمسألة الرابعة التي اتفق عليها المشاركون – وهي أن المخاوف من الانتشار النووي لدى بعض الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول الموردة للمواد النووية كانت الدافع الرئيسي لإنشاء بنوك الوقود .

وذهب راجارامان في مناقشته لهذه النقطة الأخيرة في مقاله الثاني إلى أن" المبدأ وراء حظر الانتشار النووي غير متماثل وغير منصف، لكن عدم الانصاف هذا لا ينبغي أن يستخدم كأداة أيديولوجية تسمح بمعارضة بنوك الوقود بالكلية". وأنا لا أختلف معه في ذلك، ولكن في نفس الوقت أجد صعوبة في تقبل فكرة بنوك الوقود تماماً. كما أقر بأن بعض الدول التي لديها برامج للطاقة النووية يمكن أن تستفيد من بنوك الوقود. ولكني أشكك في مقدرة الدول النووية الناشئة على تجنب المخاوف التي تثار بشأنها من أنها تعتزم الاسهام في الانتشار النووي — حتى لو كانت تحتفظ بسجلات جيدة في قضية منع الانتشار النووي واختارت الاعتماد على بنك للوقود  للحصول على إمدادات طارئة من الوقود النووي. ان كسب ثقة العالم المتقدم قد يتوقف في نهاية المطاف، وهذا ما أخشاه، على التخلي عن تخصيب اليورانيوم. في الواقع، هناك العديد في دول  العالم النامي ينظرون الى  "المعيار الذهبي" الذي جاءت به اتفاقية التعاون النووي بين الولايات المتحدة و دولة الإمارات العربية المتحدة ويظنون أن الولايات المتحدة ترغب في فرض قيود على دورة الوقود على نطاق واسع في الدول النامية.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما يشير راجارامان، تقدم ضمانات صريحة تماما من أن إنشاء بنوك الوقود لن يكون من أجل تقليل حقوق الدول حيال دورة الوقود. ولكن راجارامان محق أيضاًَ عندما يقول أن هذه التأكيدات بالكاد قوية . وأنا لا اشكك في نوايا أو جدية الوكالة أو قدرتها على الإدارة. ولكنني أشكك في ما اذا كانت الوكالة تستطيع الحفاظ على استقلالها اذا ما قامت الدول القوية بالضغط عليها. السيد طوقان أيضاً شكك في ذلك، وسلسلة الأسئلة المنطقية التي قدمها في مقاله الثاني تلخص العديد من المخاوف والشكوك التي تشغل العالم النامي.

وثمة نقطة أخيرة بشأن مقال راجارامان الثاني: فعندما تحدث عن ضمان الوكالة قال "إن توفير الوقود لن يتأثر بالعلاقات الجيوسياسية بين الدول العملاء والدولة التي يقع بنك الوقود على أراضيها. "الدولة المضيفة". وأعلق على ذلك بالقول  بأن الدولة العميلة قد تحرم من إمداد الوقود  ليس فقط نتيجة  لمشاكل سياسية مع الدولة المضيفة لبنك الوقود؛ ولكن أيضاً نتيجة للعقبات التي قد تنشأ بين الدولة العميلة و أى طرف ثالث.

وأعتقد بصدق أن مبادرات بنك الوقود سيكتب لها النجاح — طالما بحثت جميع الاطراف المشروع بروح من الإنصاف والشفافية، وبدون مساومة سياسية دائرة خلف الكواليس. واذا غابت روح الإنصاف والشفافية تلك، فإن الفشل سيكون مصير هذه المبادرات. وفي النهاية، فإن الوقود المخزٌن في هذه المرافق سيكون عديم الجدوى ان لم تشعر الدول العملاء المحتملة بالثقة من انهم سيتمكنوا من الحصول على إمدادات طاارئ من الوقود متى دعت الحاجة.



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox_w1sw"]