أسباب تدعو للتفاؤل

By Lu Yin: AR, March 5, 2015

لقد أبرزت في الحقيقة هذه المائدة المستديرة، والتي بدأت كنقاش حول التحديث النووي، التحديات الهائلة التي تحيط بالجهود الرامية إلى الحد من الأسلحة النووية ونزع السلاح. فقد ناقش يوجين مايزنيكوف وضع روسيا النووي وسياساتها النووية في ضوء المخاوف الأمنية التي تشعر موسكو أنها صادرة من الولايات المتحدة، في حين قام ماثيو كرونيج بنقاش مماثل لكن من منظور الولايات المتحدة. فمثلا، اهتم كرونيج كثيرا بالأنشطة التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا، إذ كتب يقول إنه "ينبغي على الولايات المتحدة أن تنشر الترسانة النووية اللازمة لردع التهديدات الحالية للسلام والأمن الدوليين". في حين أعرب مايزنيكوف عن استيائه من توسع الناتو شرقا، قائلا إنه عندما سحبت موسكو قواتها النووية من أوروبا الشرقية وأراضي الاتحاد السوفيتي السابق، " لم تكن تتوقع أن الغرب سيسعى لتوسيع تحالفه العسكري بالقرب من حدود روسيا". يمكن للمرء أن يدرك من مقالات مايزنيكوف وكرونيج أنه لا تزال هناك ميول قوية لصالح تطوير ونشر الأسلحة النووية، حتى بعد انتهاء الحرب الباردة بعقود.

هناك تحديات خطيرة تحيط بالجهود الرامية إلى الحد من الأسلحة النووية ونزع السلاح. تبدأ مسؤولية معالجة هذه التحديات من الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تحتفظان بترسانات نووية ضخمة لا تتناسب مطلقا مع احتياجاتهما الفعلية. يمكن لهاتين الدولتين أن تضربا مثالا إيجابيا للدول الأخرى المسلحة نوويا—أو يمكن أن تجازفا ببدء سلسلة من ردود الأفعال النووية عن طريق المغالاة في الحاجة إلى تحديث الترسانات النووية وعدم إجراء تخفيضات كبيرة فيها. تشعر دول ذات ترسانات نووية محدودة مثل الصين بالقلق إزاء التقدم غير الكافي نحو نزع السلاح المقدم من قبل واشنطن وموسكو. سوف تتردد الصين وغيرها من الدول الحائزة للأسلحة النووية في الانضمام إلى عملية متعددة الأطراف لنزع السلاح إذا فشلت الولايات المتحدة وروسيا في مواصلة القيام بتخفيضات ذات مغزى. وقد تميل الدول غير الحائزة لأسلحة النووية للسعي لامتلاك قدرات نووية. كما يمكن أن تؤدي زيادة انتشار هذه الأسلحة إلى الإرهاب النووي.

في ضوء هذه الخلفية، فإن بعض التشاؤم له ما يبرره بشأن الهدف طويل الأجل المتمثل في إزالة الأسلحة النووية من العالم. لكن فيما يتعلق بالهدف قريب الأجل المتمثل في إنشاء ترسانات نووية صغيرة، فالتفاؤل الحذر يصبح ملائما في هذا الصدد. أصبحت الترسانات النووية الضخمة زائدة عن الحاجة في البيئة الأمنية التي أعقبت الحرب الباردة. إن التحديث النووي والصيانة النووية مكلفان للغاية. لذا فإن تخفيض حجم الترسانات سوف يمثل خيارا عمليا بالنسبة إلى القوتين النوويتين العظميين. كما يمكن لواشنطن وموسكو الاحتفاظ بقدرات ردع حتى في ظل احتفاظهما بمخزونات صغيرة من الأسلحة. وبذلك سوف تقومان أيضا بتلبية توقعات المجتمع الدولي فيما يتعلق بنزع السلاح، على الأقل جزئيا. كما يجب على الدول صاحبة الترسانات النووية الصغيرة الانضمام إلى عمليات الحد من التسلح ونزع السلاح على المدى الطويل. لكنها يجب أن تحرص، في الوقت الراهن، على عدم عرقلة التخفيضات الثنائية.

إن الحظر الكامل والقضاء على الأسلحة النووية قد يكون حلما طويل الأجل في هذه المرحلة، لكن أطول الرحلات تبدأ بخطوة واحدة. يمكن تحديد مسار لعملية نزع السلاح لو اتخذت كل الدول المسلحة نوويا إجراءات ملموسة مثل التعامل بشكل تعاوني مع التحديات الأمنية المشتركة وإقامة أو تعزيز تدابير لبناء الثقة ووضع خطط دقيقة لإدارة الأزمات والحرص على تجنب الحسابات الخاطئة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الدول المسلحة نوويا النظر بجدية في إنشاء معاهدة تحظر الاستخدام الأول للأسلحة النووية ضد الأطراف الموقعة عليها. ان مثل هذه المعاهدة سوف تحظر أيضا استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها ضد الدول غير الحائزة للأسلحة النووية في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف. إن المواقف الوطنية تجاه مثل هذه المعاهدة قد تمثل اختبارا لمدى مصداقية وجدية الدول بشأن نزع السلاح النووي.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]