إهدار للأموال بدون مبرر

By Klaus Janberg: AR, May 15, 2015

واصل بالديف راج و بي.آر.فاسوديفا راو في مقالهما الثاني احتجاجهما بأن إعادة معالجة البلوتونيوم والمفاعلات المولدة السريعة تقدم فوائد كبيرة في الحد من النفايات. كما قلّلا أيضا من شأن التحديات الاقتصادية ومخاطر الانتشار المرتبطة بالمفاعلات السريعة وإعادة المعالجة. لكن وجهات نظرهما بشأن هذه القضايا لا تصمد أمام الفحص الدقيق.

بالنسبة لمسألة النفايات، ناقش راج وراو الإخفاق حتى الآن في فتح مستودع جبل يوكا للنفايات النووية في الولايات المتحدة. حيث قالا "إذا اعتمدت جميع الدول التي لديها قطاعات للطاقة النووية على دورة وقود المرة الواحدة، فسوف يستلزم ذلك وجود أعدادا كثيرة من جبال يوكا للتخلص من النفايات"، ووصفا ذلك بأنه "لا يبدو ممكنا". وتساءلا أليس من المنطقي أن يتم الحد من حجم النفايات من خلال إعادة المعالجة؟ لكن الحقيقة هى أنه لا يوجد مستودع جيولوجي للنفايات عالية المستوى الاشعاعي يعمل في أي مكان في العالم. فما الأهمية إذا تم تخفيض حجم النفايات من خلال إعادة المعالجة؟ ومن ناحية أخرى، كما جادلت في مقالي الثاني، فإن الحساب الكامل لكمية النفايات يدل على أن دورة وقود المرة الواحدة تنتج كميات نفايات أقل من المفاعلات المولدة السريعة وإعادة المعالجة.

وعلى أية حال، فإن الطريقة الأفضل لمشكلة النفايات هى براميل التخزين الجاف. إن مفاعلا نوويا نموذجيا، يعمل لمدة 50 عاما، ينتج نفايات يمكن أن تستوعبها قاعة توربينات فارغة في المفاعل، إن تم تخزينها في براميل جافة. وعلاوة على ذلك، طريقة التخزين هذه لا ينتج عنها نفايات كثيرة ترتبط بعمليات التشغيل والتفكيك مثل تلك التي تنتجها إعادة المعالجة.

وفيما يتعلق بالاقتصاد، كتب راج وراو أن "الخبرة العملية لمفاعلات إعادة المعالجة في جميع أنحاء العالم غير كافية" للحكم بأنها أكثر تكلفة من مفاعلات الماء الخفيف ودورة وقود المرة الواحدة. وقالا لقد "نفذت فرنسا برنامج إعادة المعالجة وإعادة التدوير على نطاق تجاري بنجاح جيد". أنا أقر بأن المفاعل الفرنسي (UP3) لإعادة المعالجة للعملاء الأجانب كان نجاحا تقنيا مدهشا. لكن من الناحية التجارية، فالمسألة مختلفة تماما. ويمكنني أن أشهد على ذلك، حيث إنني شاركت شخصيا في المفاعل إلى حد ما. في أحد الأوقات، تمكنت فرنسا من توقيع عقود لإعادة المعالجة مع العملاء بشرط سعر التكلفة زائد نسبة— بحيث يتحمل العملاء جميع المخاطر، بداية من الترخيص وانتهاء بالتفكيك— لأن حكومات العملاء أجبرتهم على التوقيع. هذه العقود، التي لم تكن لتُبرم لولا ضغط من الحكومات، قد انتهت مدتها أو أوشكت على الانتهاء. وليس هناك أعداد كافية من العملاء الجدد في المستقبل القريب، ولم تظهر هيئة الكهرباء الوطنية الفرنسية تحمسا كبيرا لملء الفراغ في جدول الطلبات. وفي الوقت نفسه، كانت مفاعلات إعادة المعالجة في دول أخرى— مفاعل "ويست فالي" في الولايات المتحدة ومفاعل "سيلافيلد" في المملكة— بمثابة فشل ذريع.

أما فيما يتعلق بانتشار الأسلحة، قال راج وراو إن إعادة تدوير البلوتونيوم هو "إجراء لحظر الانتشار النووي"— لكن، كما أوضح هوي تشانج، يجب فصل البلوتونيوم قبل أن يمكن إعادة تدويره، مما يجعله معرضا لإساءة الاستخدام أكثر مما لو كان محتفظا به ضمن الوقود المستهلك. مرة أخرى، براميل التخزين الجاف هى الخيار الأفضل. إن النشاط الإشعاعي العالي للوقود المستنفد يحميه من السرقة لأكثر من 150 عاما. أليس قرنا ونصف فترة كافية لتحديد ما إذا كانت إعادة تدوير البلوتونيوم ضرورية حقا؟

أنا مقتنع بأن تخصيص مبالغ كبيرة من المال للمفاعلات المولدة السريعة على مدى الـ30 عاما القادمة—وهى فترة زمنية لا يمكن للمفاعلات السريعة وإعادة المعالجة أن تصل خلالها إلى مرحلة النضج الاقتصادي— هو إهدار للأموال بدون مبرر. توجد بدائل أفضل للاستثمار. وأنا لا أدعي أن Energiewende (تحويل الطاقة) في ألمانيا هو بديل مثالي. ففي الواقع، أنا أعتبرها مضيعة للأموال. لكن يجب أن يكون الاستثمار موجها نحو بدائل الطاقة الواعدة التي توجد بالفعل— وليس نحو المفاعلات المولدة السريعة وإعادة معالجة البلوتونيوم.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]