استيعاب الوافدين الجدد

By Wu Chunsi: AR, July 10, 2015

أعربت زميلتي في هذه المائدة المستديرة نانسي جالاجر في الجولة الأولى من هذا الاجتماع عن قلقها من أن الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية قد تزيد من خطر نشوب حرب نووية. قلقها هذا ناجم من الرغبة في منع حرب كارثية والحفاظ على الأمن في الفضاء الخارجي. وأنا أشاركها تلك الرغبة— لكني ما زلت أعتقد، كما أوضحت في الجولة الأولى، أن السياسات التي تسمح بالبدء باستخدام الأسلحة النووية هى أكبر مساهم في خطر نشوب حرب نووية.

لقد كرّس اثنان من المشاركين في هذه المائدة المستديرة اهتماما كبيرا في الجولة الأولى لسياسات عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية. ومن المثير للاهتمام أن كلا المؤلفين يمثلان دولتين كلتاهما من الوافدين الجدد على الفضاء الخارجي— الهند ممثلة في باهارات جوبالاسوامي والصين ممثلة في شخصي. (كما دعت جالاجر أيضا إلى أن " [تتبني] كل الدول المسلحة نوويا سياسات صريحة بعدم الاستخدام الأول"، لكن ذلك لم يكن محور التركيز الأساسي لمقالها الأول). أيضا أشترك أنا وجوبالاسوامي في نقطة مشابهة أخرى: فقد كتب جوبالاسوامي على نطاق واسع في الجولة الأولى عن قلق واشنطن من أن بكين قد تمثل تحديا لتفوق الولايات المتحدة الفضائي، في حين كتبتُ عن ضرورة ضمان حقوق الوافدين الجدد على الفضاء (أى ضمان أن القوة المهيمنة على الفضاء لا تتعدى على حقوق الآخرين). هل هو من قبيل المصادفة أن يعتبر المؤلفان الممثلان للصين والهند أن سياسات البدء باستخدام الأسلحة النووية والهيمنة الأمريكية على الفضاء جزءا لا يتجزأ من النقاش حول الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية؟ على الإطلاق— إذ إن الوافدين الجدد على الفضاء سيتشاركون بشكل طبيعي اهتمامات وأولويات سياسية تختلف عن اهتمامات وأولويات القوة المهيمنة.

بالتالي، فإن استيعاب مخاوف الوافدين الجدد على الفضاء يعد مسألة رئيسية بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأكمله. وهنا تبرز مسألتان هامتان إذا أرادت الدول القيام ببناء علاقات فضائية سليمة مستقرة وتعاونية. أولا، يجب أن يبقى الفضاء مفتوحا أمام الجميع. كما أوضحت جالاجر في الجولة الأولى فيما يتعلق بالفضاء بأنه "لجميع الدول الحرية في استخدام الفضاء وفقا للقانون الدولي"—ويجب أن يظل كذلك. إن أي محاولة لاحتكار الفضاء لمصلحة دولة واحدة سيؤدي إلى نتائج عكسية. ثانيا، يجب وضع قوانين ولوائح لضمان أن يكون سلوك الدول سليما في الفضاء الخارجي.

إن الصين مستعدة لاتباع القوانين واللوائح الدولية— ما دامت عادلة ومنصفة. لكن بكين تعتبر أنه من الجائر وجود ضغوطات تمارس على الصين فيما يتعلق بالأسلحة المضادة للأقمار الصناعية. من وجهة نظر الصين، فالأسلحة المضادة للأقمار الصناعية ليست سوى نوعا واحدا من الأسلحة الفضائية. في الواقع، اقترحت الصين (بالاضافة إلى دول أخرى) منذ فترة طويلة وضع معاهدة لحظر جميع الأسلحة في الفضاء. لكن الولايات المتحدة لم تبدِ أي استعداد للمشاركة في حوار بشأن هذه المقترحات. لكن لماذا بالضبط ينبغي أن تقبل الصين فكرة أن الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية هي أكثر خطورة من الأسلحة الفضائية الأخرى؟

أرضية مشتركة. تتمتع الولايات المتحدة بمزايا واضحة في الفضاء— كما يتفق معي زميلاي في هذه المائدة المستديرة. وفي الوقت نفسه، فإن الصين قوة صاعدة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن بكين ستحاول أن تنافس واشنطن في الفضاء. الصين لديها أسباب متعددة للانخراط في أنشطة فضائية— لتحفيز التنمية الاقتصادية ولتشجيع التقدم في العلوم والتقنية وبالطبع تعزيز أمنها القومي. لكن لا يعني أي من تلك الأمور أنه يجب على الصين السعي لأن تصبح الدولة رقم واحد في الفضاء. وحتى لو استطاعت الصين التفوق على الولايات المتحدة في مثل هذه المنافسة، فماذا سيكون المغزى من ذلك؟ إذا لم يوفر هذا "الفوز" السلام والأمن والتنمية للشعب الصيني، فلن يكون هناك أي مغزى من ذلك على الإطلاق. لذلك، فإن النظر إلى برنامج الفضاء الصيني من الناحية الأمنية والعسكرية فقط هو منظور ضيق للغاية. إن المبالغة في المخاطر المرتبطة ببرنامج الفضاء الصيني سوف تخلق مشاكل فقط. ويجب على المجتمع الدولي بدلا من ذلك السعي لإيجاد أرضية مشتركة وفرصا للتعاون في الفضاء.
 
ملاحظة أخيرة— أظهرت الجولة الأولى أنه يجب على الصين القيام بعمل أفضل من أجل أن تقدم للعالم مزيدا من المعلومات عن استراتيجياتها المتعلقة بالفضاء والطاقة النووية والدفاع. وقد حاولت الحكومة الصينية جاهدة إثبات أن نواياها سلمية وتعاونية، لكن يبدو أن تلك الجهود لم تكن ناجحة حتى الآن. لذلك ينبغي على الصين أن تبدي قدرا أكبر من الشفافية للمساعدة في تبديد مخاوف المجتمع الدولي.

 


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]