الأخلاقية وإخفاقاتها

By Sinan Ulgen: AR, October 10, 2014

من منظور أخلاقي، يعد الدفاع عن الأسلحة النووية مسألة صعبة، لكن من منظور عملي، أرى أن الحجج الأخلاقية المؤيدة لنزع السلاح النووي بشكل كامل تنطوي على كثير من اللبس. فالداعون  لنزع السلاح النووي مثل زملائي على هذه المائدة المستديرة حسنو النية، لكن معالجتهم لقضية نزع السلاح تكشف عنموطنيّ ضعف خطيرين. الأول أن معالجتهم لا توضح كيف سيمكن الحفاظ على الأمن إذا تم التخلص من الأسلحة النووية. والثاني أنها لا تعترف بأن الانتشار النووي المتجدد سيمثل خطراً عظيماً للغاية حال تحقيق نزع السلاح الكامل في الحقيقة.

بشكل عام، يقترح الداعون لنزع السلاح النووي ،الذين يستحثون العالم للتوجه نحو الصفر العالمي، نهجاً ميكانيكياً للتعامل مع نزع السلاح يقوم على التخلص التدريجي من المخزونات النووية. لكن هل يمكن لمثل هذا النهج أن يؤدي فعلاً إلى الصفر؟ من السذاجة أن نفترض ذلك. أقولها ببساطة: إن الدول النووية تحتفظ بترساناتها لأنها تؤمن بأن الأسلحة النووية تخدم أمنها.وستواصل تلك الدول الاعتماد على الأسلحة النووية حتى تطور استراتيجيات أفضل لمعالجة التحديات الأمنية – ومثل هذه الاستراتيجيات لا تبدو ماثلة في الأفق في الوقت الحالي. وقد اعترف  لي بن" بذلك سلفاً في الجولة الثانية عندما كتب "إذا كانت الدول النووية تؤمن بأن أسلحتها مفيدة ومهمة وشرعية (رغم تعهداتها الواردة بالمعاهدة)، فلن تكون في عجلة شديدة للتخلص من ترساناتها النووية". ومن ثم فإن الحجج المؤيدة لنزع السلاح ستفتقد المصداقية طالما أنها تخفق في معالجة التحديات الأمنية واسعة النطاق التي يواجهها العالم، وتعجز –بعيداً عن الأخلاقية– عن تقديم أسباب مقنعة لصانعي السياسات حتى يتخلوا عن أسلحتهم النووية الرادعة.

لكن الأسلحة النووية لا توفر الأمن للدول النووية وحدها–سواءٌ راق لكم ذلك أم لا، فهي توفر الأمن للدول غير النووية أيضًا. وهذه نقطة أغفلها وائل الأسد، في مناقشات الجولة الثانية أيضًا، عندما طرح سؤاله البليغ "إذا كانت الأسلحة النووية تمنع سباقات التسلح، ألا ينبغي أن يكون لكل الدول ترساناتها النووية الخاصة بها؟" إجابة هذا السؤال هي: ليست كل الدول بحاجة للاحتفاظ بترسانات نووية طالما أن دولاً أخرى بعينها تحتفظ بها. وهذه هي الفكرة الكاملة وراء المظلة النووية لحلف شمال الأطلسى (الناتو)، وهي ذاتها الفكرة الكاملة وراء الردع الأمريكي الموسع.

خطر الصفر.لا يمكن وقف شطر الذرات أو منع اختراع الأسلحة النووية. وبالتالي، فإن الاعتقاد بإمكانية منع الدول المارقة من إعادة تقديم الأسلحة النووية إلى عالم تم إخلاؤه من الأسلحة النووية مغالطة خطيرة. والإخفاق في الاعتراف بهذه الحقيقة يبرز موطن الضعف الثاني الكبير لأخلاقيي نزع السلاح. ففي عالم "صفري"، ستكون دوافع التسلح النووي لأي دولة مارقة قويةً للغاية، لأنه لن يكون هناك حينئذ تهديد يردعهم–ناهيك عن التدمير المحقق للدولة والتخلص من قيادتها.

إن العيش في عالم كهذا، من منظور الأمن الدولي، سيمثل مقايضة صعبة، وهذا أقل ما يمكن أن يقال. لكن عندما يطرح دعاة نزع السلاح حججهم، لا أجدهم يتناولون في نقاشاتهم مقايضات مثل هذه.وكأن الأمر – كما يعتقدون – أنه بمجرد اختفاء الأسلحة النووية، سيصير العالم فجأة قادراً على ضبط نظامه وحفظ أمنه بشكل فعال. وهذا الافتراض خطير جدًا.

إن نظام حظر الانتشار قد ينهار بصورة كاملة مع امتلاك أول دولة مارقة أسلحةً نووية. واليوم يفتقد نظام منع الانتشار الشمولية– فلقد طورت دول مثل الهند وباكستان وإسرائيل، وهي أطراف غير موقعة على معاهدة حظر لانتشار النووي، روادع نووية. إلا أن النظام يظل فعالاً في تقييد الطموحات النووية لدول مثل إيران، ويعد قادراً بشكل عام على مقاومة عدم شموليته. في عالم لا يعتمد الأمن فيه على الأسلحة النووية، قد تتسبب حلقة واحدة من عدم الامتثال أو الالتزام في دفع دول كثيرة للبحث عن امتلاك روادع خاصة بها. وستكون النتيجة انهيار النظام وسلسلة متعاقبة من الانتشار. فهل يبدو عالم كهذا مكاناً يريد أيٌ منا العيش فيه؟



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]