الاستبطان والأمن

By Lu Yin: AR, February 6, 2015

يتفق جميع المشاركين في هذه المائدة المستديرة على نقطة واحدة—أن الدول الحائزة للأسلحة النووية بحاجه إلى تحديث ترساناتها. لكنني ويوجين مايزنيكوف نختلف عن زميلنا ماثيو كرونيج في أمور هامة. إذ أفضل أنا ومايزنيكوف أن يكون هناك توازن بين التحديث وخفض الترسانات، وذلك تمشيا مع النهج التقليدية للحد من التسلح ونزع السلاح. وبعبارة أخرى، نحن نبحث عن طرق تهدف إلى إحداث توافق بين التحديث ونزع السلاح.

لقد أثبت كرونيج أن لديه مهارات جدال رائعة، لكني أختلف مع رأيه بأن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى تقييد خططها المتعلقة بالتحديث النووي أو التقليل من أهمية الأسلحة النووية في استراتيجية أمنها القومي. يعتبر كرونيج أن النزع الكامل للسلاح ضربا من "الوهم"، ويعتقد أنه "يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على وضع نووي قوي وتحديث قواتها النووية بشكل كامل". كما يجادل بأنه يجب على الولايات المتحدة، إذا لزم الأمر، استدعاء "الإرادة السياسية لبناء قدرات جديدة لتلبية الاحتياجات الجديدة".

لكن آراء كرونيج تتناقض مع حقيقة أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى ترسانة نووية كبيرة مثلما كان الأمر في العقود الماضية. إن الولايات المتحدة تتمتع بقوة لا مثيل لها من القدرات العسكرية التقليدية. إن أسلحة واشنطن التقليدية الاستراتيجية المتقدمة، بما في ذلك الأسلحة قيد التطوير في برنامج الضربة العالمية الفورية، يمكن استخدامها كرادع وكوسيلة لإلحاق دمار شامل بالعدو— دون الحاجة إلى إثارة المعضلات الأخلاقية التي تصاحب استخدام الأسلحة النووية.

لهذه الأسباب بشكل جزئي قامت بالفعل الولايات المتحدة بالتقليل، إلى حد معين، من أهمية الأسلحة النووية في استراتيجيتها الأمنية. وقد وضع تقرير مراجعة الوضع النووي للولايات المتحدة لعام 2010 قيودا جديدة على الظروف التي تجعل الولايات المتحدة تفكر في استخدام الأسلحة النووية. وأكد التقرير على أنه لن يتم تطوير رؤوس حربية نووية جديدة. لكن يظل كرونيج مدافعا قويا عن تطوير الترسانة النووية الأميركية، بدون حدود، ولا يزال يعتبر الأسلحة النووية هى الأداة النهائية للقوة العسكرية.

ومع أن كرونيج ليس ملزما بأن يتفق مع رئيس دولته، فإن دعمه للتحديث النووي المطلق يتناقض بوضوح مع هدف إدارة أوباما لإقامة عالم خال من الأسلحة النووية. لم يعرب أوباما، في الخطاب الذي ألقاه في براغ عام 2009، عن هذا الهدف فقط، لكنه ألزم نفسه أيضا بإجراء تخفيضات مستمرة في الترسانات النووية وباستئناف مفاوضات نزع السلاح مع روسيا. ربما يرفض كرونيج نهج أوباما باعتباره ضربا من "الوهم"، لكن حتى شخصيات الأمن القومي الأمريكي أمثال هنري كيسنجر وجورج شولتز وسام نان ووليام بيري يويدون إلى حد كبير نفس هذه الأهداف.

ومع ذلك، فأنا أتفق كثيرا مع وجهة نظر كروينج بأن النزع الشامل للسلاح سيتطلب القضاء على الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الدولي. لكن ما لم يأخذه كروينج في الاعتبار هو أن رغبة الولايات المتحدة في الأمن الكامل هى في حد ذاتها قوة تقوض الأمن العالمي. وكما كتب كيسنجر في عام 1959، "إن استقرار أي نظام دولي يعتمد على الحد الذي يجمع بين الحاجة إلى الأمن والالتزام بضبط النفس. … إن السعى وراء الأمن من خلال الهيمنة المادية فقط هو تهديد لكل الدول الأخرى. إن الأمن المطلق لدولة واحدة يعني انعدام الأمن المطلق لسائر الدول الأخرى".

كما جادل كروينج في مقاله الثاني بأنني ومايزنيكوف كان من الممكن أن نظهر" قدرا أكبر من الاستبطان" فيما كتبناه في هذا الموضوع. وأجيبه بأن الحاجة إلى الاستبطان هى سلاح ذو حدين. إذ تتطلب الآليات الناجحة للحد من الأسلحة النووية ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي أن تشارك جميع الدول المسلحة نوويا في هذه العمليات بفعالية. لذلك، كما كتبت سابقا، يجب على الولايات المتحدة (بجانب روسيا) أن تكون مثالا يحتذى للدول الأخرى— بما في ذلك الصين بالطبع— وأن تقود العالم نحو القضاء على الأسلحة النووية. ففي هذا الاتجاه يكمن مسار مستدام وقابل للتحقيق نحو زيادة الأمن العالمي.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]