الاستقرار الاستراتيجي (لا يزال) منطقيا

By Wu Riqiang: AR, October 30, 2014

استغربت قليلا مما كتبه ليفيو هوروفيتس في الجولة الثانية بأن تخفيض الترسانات النووية للقوى العظمى يشكل أهمية محدودة للدول الصغيرة غير النووية مثل دولة هوروفيتس، رومانيا. فقد كتب يقول"ما الفرق الذي سيحدث إذا استطاعت روسيا تدمير رومانيا 1000 أو 2000 مرة؟" بالتأكيد، لن يحدث ذلك فرقا على الإطلاق— لكن في حال تم تفجير قنبلة نووية في رومانيا، فسوف يحدث ذلك فرقا بدون شك. إن إحراز تقدم في نزع السلاح سوف يقلل من خطر نشوب حرب نووية عالمية، لذا فإن نزع السلاح يمثل أهمية لأى دولة لا ترغب في أن تكون ساحة حرب نووية.

قام أيضا هوروفيتس بالتشكيك في قيمة الاستقرار الاستراتيجي، حيث وصفه بأنه نهج واحد فقط لمعالجة المشاكل التي تشكلها الأسلحة النووية. لكن ليست هذه هى الكيفية التي ينظر من خلالها أشخاص مثلي أنا وتاتيانا— "دعاة الاستقرار" على حد تعبير هوروفيتس— إلى الأمور. إن دعاة الاستقرار يؤمنون بأن الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي هو وسيلة لا غنى عنها لمنع سباق التسلح النووي في وقت السلم ومنع نشوب حرب نووية أثناء الأزمات. وبلا شك، يفضل صناع السياسة تحقيق تفوق استراتيجي— والمتمثل في القدرة على تدمير أسلحة العدو النووية بالكامل في الضربة الأولى. لكن صناع السياسة، ممن لا يفضلون أن يكونوا عرضة لهجوم أو انتقام نووي، ليسوا معجبين كثيرا بالاستقرار الاستراتيجي. إلا أن منشآت القوة المستقرة تجعل من التعرض لهجوم متبادل حقيقة واقعة، وليس خيارا. وليس أمام صناع السياسة سوى التسليم بهذه الحقيقة.

لم يكن في مقدرة الولايات المتحدة أوالاتحاد السوفيتي تحقيق تفوق نووي خلال الحرب الباردة، لذلك أخذ الاستقرار الاستراتيجي شكل الدمار المتبادل المؤكد. لكن بالنسبة للعلاقات الأمريكية-الصينية اليوم، أصبحت المعايير مختلفة (ويجب أن تكون كذلك). إن الصين لم تسعَ يوما للوصول إلى التكافؤ الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وكانت دائما الترسانة النووية لبكين متواضعة الحجم، كما أن الأسلحة النووية الصينية لا يتم وضعها في حالة تأهب قصوى. حتى إن الترسانة النووية الصينية، في الواقع، لا تعطي بكين قدرة مؤكدة للرد على هجوم نووي. بل تعمل  الترسانة الصينية فقط على وجود حالة "شك من الضربة الأولى". وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الثقة الكاملة في أنه يمكنها تدمير كل الأسلحة النووية الصينية، في حين تفقتر الصين إلى الثقة الكاملة في أن واحدا على الأقل من رؤوسها الحربية سوف ينجو عقب أي هجوم في الوقت الراهن، هناك حالة من الشك تكفي لبقاء العلاقات الصينية-الأمريكية غير مستقرة.

وبرغم ذلك، فإن وجود نظام دفاع صاروخي أمريكي أكثر فعالية، وذلك من خلال الحد من احتمالات قدرة الصين على الرد على أي هجوم أمريكي، سيكون لديه القدرة على زعزعة استقرار العلاقات الصينية-الأمريكية بشكل خطير. لذا، فإن أفضل طريقة لمنع هذا الخطر هو أن تقبل الولايات المتحدة بوضع قيود على دفاعها الصاروخي في حين توافق الصين على إبقاء حجم ترسانتها صغيرا. لكن واشنطن ترفض قبول أي قيود—برغم تصريحاتها المتكررة باستعدادها لمناقشة مسألة الدفاع الصاروخي مع الصين.

إن أساس المشكلة هو أن بعض الاستراتيجيين الأمريكيين يرغبون في تحقيق تفوق نووي على الصين. وهذا ما يجعل إدارات الولايات المتحدة مترددة، أمام الصين، في استخدام مصطلح "التعرض لهجوم متبادل" بشكل علني. لذا، لا تستطيع الولايات المتحدة سوى أن تقدم للصين شكلا مرنا وغامضا من الاستقرار الاستراتيجي.

وبسبب المواقف السائدة في الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تتم توسعات الدفاع الصاروخي الأمريكي بنفس سرعة التقدمات التقنية. وستكون الميزانيات هى القيد الوحيد أمام هذه التوسعات. وأخشى من وقوع أسوأ النتائج المحتملة: وهى أن تقوم الولايات المتحدة بشكل مستمر وأحادي الجانب بتنشر قدرات دفاعية صاروخية بشكل أكبر، مما يجعل الصين تقابل ذلك بتصنيع المزيد من الأسلحة النووية.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]