الخطوات البنّاءة هى الحل وليس الهيمنة

By Eugene Miasnikov: AR, January 23, 2015

يتفق المشاركون في هذه المائدة المستديرة على أن قيام الدول بتحديث ترساناتها النووية هو أمر حتمي. إضافة إلى ذلك، يتفق كاتبان— "لو ين" وأنا— على أنه ينبغي أن يتم التحديث بطريقة لا تعيق تخفيض الأسلحة النووية أو النزع الكامل للسلاح في النهاية. لكن ماثيو كرونيج كتب يقول:"قد يكون النزع الكامل للسلاح النووي أمرا مرغوبا فيه"، لكن يبدو أنه لا يعتبر ذلك خيارا يستحق السعي وراءه. وأضاف قائلا:"تحقيق ذلك يتطلب تحولا كبيرا في النظام السياسي الدولي".

يمكن للمرء أن يتفق مع هذا الرأي— لكن إذا كان الوصول إلى الصفر النووي أمرا مرغوبا فيه، كما يقر كرونيج، ينبغي أن يتساءل المرء كيف يمكن للدول المسلحة نوويا تحقيق هذا الهدف على المدى القريب. للأسف، من الصعب أن نتبين من خلال طريقة كرونيج للتحديث أي استراتيجية يمكن من خلالها أن يصبح العالم مكانا أكثر أمنا. بدلا من ذلك، يركز كرونيج معظم حجته على الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى وجوب الاحتفاظ بـ"هيمنتها" العسكرية.

قال كرونيج إن الولايات المتحدة تمتعت بـ"هيمنة عسكرية تقليدية" على مدى العقدين الماضيين— وهو محق في ذلك. وخلال معظم هذين العقدين، ارتفعت النفقات العسكرية للولايات المتحدة. ولا تزال ميزانية الجيش الأمريكي هى الأكبر على مستوى العالم، إذ تمثل أكثر من ثلث الإنفاق العسكري العالمي. تنفق الصين وروسيا على جيشيهما أقل من نصف ما تنفقه الولايات المتحدة على جيشها. لكن كرونيج يجادل بأن"ميزة هذه الهيمنة الأمريكية التقليدية بدأت تتآكل وذلك بسبب قيام روسيا والصين، بصفة خاصة، بتطوير قدراتهما العسكرية غير النووية".  

لكن ما هو بالضبط حجم الهيمنة التي يجب أن تتمتع بها الولايات المتحدة؟ وبأي ثمن؟ وفي هذا الصدد، هل تتسق الهيمنة العسكرية الأمريكية مع قيادة واشنطن المعلنة ببناء عالم أفضل وأكثر انسجاما؟ عالم خال من الحرب والخوف؟ هذا النوع من العالم الذي فيه، وفق تعبير "لو"، "سوف تختفي تدريجيا الأسباب الفعلية لامتلاك أسلحة نووية"؟

ما هو الحجم الكافي؟ كتب كرونيج يقول:"بينما قامت الولايات المتحدة بتخفيض حجم ترسانتها، سارت دول أخرى في الاتجاه المعاكس وقامت بتطوير قواتها النووية". لكن في الواقع، تقوم روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة بتخفيض ترساناتهم. بينما تقوم الهند وباكستان في الحقيقة بزيادة قواتهما النووية— وعلى الأرجح تقوم الصين بذلك أيضا. لكن إذا بلغت الزيادة في ترسانة الصين حداً يشكل مشكلة، فإن الحل سوف يكمن في الحوار حول الشفافية والحد من التسلح، وليس في الهيمنة العسكرية. يمكن أن يؤدي مثل هذا الحوار إلى وضع حد للترسانة النووية للهند التي تعتبر جارتها الصين بمثابة تهديد لها. وهذا من شأنه أن يجعل من الممكن وضع حد للقدرات النووية لباكستان التي تعتبر الهند بمثابة تهديد لها. لكن زيادة ترسانة الولايات المتحدة لن يغير المفاهيم أو الاتجاهات في جنوب آسيا.

السؤال الحقيقي هو ما حجم التحديث الذي يعتبر كافيا. وأىّ أنواع التحديثات قد تخلق عقبات أمام إجراء مزيد من التخفيضات؟ وأيها سيكون محايدا؟ وأيها سوف يساهم في تحقيق نزع السلاح؟ إن أحد أمثلة البرامج التي تقوض بشكل واضح تحقيق مزيد من نزع السلاح هو مسعى الولايات المتحدة المستمر لتحسين أجهزة إطلاق الرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية طويلة المدى التي يتم إطلاقها برا وبحرا. إن هذه الرؤوس الحربية التي تتمتع بدقة أفضل وقوة تدمير أعلى سوف تحد بشكل كبير من استمرارية الصواريخ الروسية التي تطلق من صوامع أرضية. وهذا بدوره سيرجح من تزايد احتمالات نشوب حرب نووية.

يبدو أن كرونيج يأخذ في اعتباره خيارين اثنين فقط على المدى القريب بشأن إدارة الترسانة النووية الأمريكية، وكلا الخيارين متطرف. الخيار الأول هو "ترك ترسانة الولايات المتحدة للصدأ". أما الخيار الآخر فهو الحفاظ على "وضع نووي قوي وتحديث قواتها النووية بشكل كامل، على النحو المخطط له". لكن هذين الخيارين ليسا هما الوحيدين— فهناك العديد من الخيارات التي تكمن بينهما. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة أن تقلل من خططها المتعلقة باستبدال أسطول غواصاتها الحالي— عن طريق شراء عدد أقل من الغواصات— أو بإمكانها أن تؤجل خططها لصنع قاذفات نووية جديدة. كما يمكنها أيضا أن تتخلى عن برنامجها، المذكور آنفا، الذي يهدف إلى بناء قدرات مضادة للضربة النووية الأولى. وهذا من شأنه إعطاء الجولة المقبلة من مفاوضات التخفيضات النووية فرصة أفضل للنجاح.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]