الواقعية، المبدأ ومأزق كوريا الشمالية

By Shen Dingli: AR, August 6, 2016

أدركت إدارة كلينتون في أعقاب إجراء الهند لاختبار السلاح النووي عام 1998 أن الهند لن ترضى بالتخلي عن برنامج أسلحتها النووية في أي فترة وشيكة، ولهذا فقد قامت بناءً على ذلك بوضع استراتيجية "الحد الأدنى والتقليل والتخلص النهائي"، وهي استراتيجية تهدف من الناحية النظرية إلى التخلص التام في نهاية الأمر من جميع السلاح النووي للهند. لقد آن الأوان لتبني منظور واقعي تجاه كوريا الشمالية وتطبيق نفس الاستراتيجية بها.

لا يمكن نزع سلاح كوريا الشمالية باستخدام العقوبات وهذا يتفق مع ما أجمع عليه زملائي بالمائدة المستديرة، كما لا يمكن نزعه كذلك بعمل عسكري. ليس بإمكان أحد "شراء" ترسانة الشمال عن طريق مد بوينغ يانغ بالمعونات الاقتصادية، ولهذا فإن المنهج الواقعي الوحيد هو الإنصات إلى بوينغ يانغ حتى وإن لم يكن الهدف الحالي القضاء على الترسانة النووية لكوريا الشمالية. يكفي فقط السعي إلى الحد من مستوياتها الحالية. يحتمل لحسن الطالع أن يرضى الشمال بالتقليل من ترسانته بمرور الوقت وقد يصل الأمر في نهاية المطاف إلى التخلى عن فكرة السلاح النووي برمتها.

تُفَسَّر الاستراتيجية في إطار التعامل مع كوريا الشمالبة على أن التعبير "الحد الأدنى" يعني بالفعل الرقابة على السلاح النووي، بينما يعني التعبير "التقليل" نزع السلاح النووي بغض النظر عما إذا كان هذا النزع كاملا أو منقوصًا. لنعلم يقينا أن الدول المتفاوضة مع بوينغ يانغ سوف تصر على وضع برنامج مرحلي يتم وفقا له الانتقال من الرقابة على السلاح إلى نزع السلاح. سوف تظهر تلك الدول بمظهر من لا مبدأ له إذا لم تتبع تلك الاستراتيجية. قد تشعر كوريا الشمالية في تلك المرحلة بالرضا عندما ترى العالم الخارجي يغير استراتيجية نزع السلاح النووي باستراتيجية الرقابة على السلاح النووي حيث يتفق هذا مع الهدف السياسي الحالي لها. قد تنظر بيونغ يانغ إلى أمر الضغط المتعلق بالحد من نزع السلاح على أنه نجاح مبدئي لسياستها، بل قد يغريها أمر الانضمام إلى نظام الرقابة على الأسلحة النووية بعض الشيء، طالما أنه يمكنها من مقايضة مشاركتها من أجل الحصول على الخبز.قدمت بوينغ يانغ بالفعل بعض الدلائل التي تثبت رغبتها في أن يراها الغير كدولة مسئولة مالكة للسلاح النووي وذلك عندما أعلنت التزامها بالسياسة المحدودة لعدم البدء باستخدام السلاح النووي وقت اجتماعها بحزب العمال في مايو.

يعترض بالطبع المحافظون بالولايات المتحدة وبأي مكان آخر على أي برنامج مرحلي به تنازلات. لا يمثل النموذج الهندي سوى تأكيدًا لإصرارهم على أن نزع السلاح النووي يجب ان يتخطى مسألة عقد أي صفقة مع الشمال. يرى العديد من المراقبين أن الهند حصلت على جميع ما أرادت من الولايات المتحدة دون أن تقوم بالفعل بوضع حد أدنى لترسانتها النووية ودون التقليل منها كذلك. لقد زار رئيس الوزراء مودي خلال هذا الاسبوع فقط واشنطن وذلك في رابع زيارة له إلى الولايات المتحدة منذ توليه السلطة في عام 2014. حصلت الهند على تنازلات من مجموعة موردي السلاح النووي في عام 2008 والآن وبدعم من الولايات المتحدة تشير التقارير إلى انضمام نيودلهي إلى نظام الرقابة على تكنولوجيا الصواريخ كما تشير إلى اقتراب حصولها على عضوية في مجموعة موردي السلاح النووي. تفاوضت الهند والولايات المتحدة مؤخرًا حول اتفاق مبدئي للتبادل في مجال السوق العسكري وهو الاتفاق الذي سيسمح حال إبرامه لكل دولة بالحصول على إمدادات من المنشآت العسكرية للبلد الأخرى وكذا الحصول على قطع وخدمات من تلك المنشأة العسكرية. نعم يتسم سلوك واشنطن تجاه الهند لهذا بانعدام المبدأ، وقد برهن هذا على صحة اعتقاد بوينغ يانغ بأنه ينبغي عليها أن تستخدم كارت السلاح النووي إلى أقصى حد ممكن بدلا من طرحه جانبًا. وعلى خلاف ما سبق وعندما يطالب المحافظون بتخلي كوريا الشمالية عن سلاحها النووي كشرط مسبق للبدء في المفاوضات وتقديم المساعدات فهم لا يفعلون بذلك سوى اعتراض مسار صفقة كبيرة سيتم من خلالها وضع حد أدنى للترسانة النووية لكوريا الشمالية أو التقليل منها هذا بالإضافة إلى تحسن علاقات بوينغ يانغ مع باقي دول العالم.

يتضح جليًا أن إقحام كوريا الشمالية للتخفيف من حدة التهديد النووي هو تحديا لا يعادله اي تحدي، غير أن هذا ليس سببا يستدعي عدم محاولته خاصة مع عدم وجود بدائل أخرى.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]