تشخيص الداء: تلاتيلولكويتيس

By Bharat Karnad: AR, August 8, 2014

تشير مقالات جولة الاجتماع الأولى التي كتبها زميلىَّ هيكتور غيرا ورودريجو ألفاريز فالديز إلى أنهما يعانيان من داء يمكن تعريفه بـ "تلاتيلولكويتيس"— وهو ميل للتغاضي عن تلك السمات في معاهدة تلاتيلولكو التي تشير إلى أنها ليست أساسا عمليا لنزع السلاح العالمي. ويبدو أن كلا الرجلين يستخدمان المعاهدة باعتبارها حجر الزاوية لتفكيرهما حول عالم بلا أسلحة نووية. (في الحقيقة، لم يذكر غيرا المعاهدة، لكن نظرته الشاملة لنزع السلاح تبدو متسقة مع تلاتيلولكويتيس).

إن معاهدة حظر الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، والمعروفة باسم معاهدة تلاتيلولكو، قد حررت شعوب أمريكا اللاتينية من الأخطار الوجودية المرتبطة بالمنافسة النووية، لكن المعاهدة ونظامها محظوظان لاستمرارهما عقب المشاحنات النووية التي ميزت العلاقة بين البرازيل والأرجنتين في إحدى الفترات. علاوة على ذلك، كان الدافع وراء وضع المعاهدة (بشكل رئيسي) هو أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962— لكنها كانت ممكنة سياسيا فقط بسبب البنية الأمنية الشاملة التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في جميع أنحاء نصف الكرة الغربي. بمعنى أن الالتزامات الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة هدأت المخاوف، التي كانت لدى العديد من الدول الموقعة على المعاهدة، بأن الشيوعية سوف تنتشر عبر أمريكا اللاتينية (جزئيا من خلال المركز السوفيتي في كوبا). ولا تزال الدول الأعضاء في معاهدة تلاتيلولكو، سواء رغبت في ذلك أم لا، واقعة إلى اليوم ضمن نطاق حماية الولايات المتحدة. وبالتالي فإن موقفها من الأسلحة النووية لا يختلف، في الواقع، عن موقف الدول غير الحائزة للأسلحة النووية داخل الناتو. وبالتالي أي ادعاء بأن أمريكا اللاتينية ليس لديها تعامل مع الأسلحة النووية هو ادعاء مخادع.

لا يعترف غيرا أو ألفاريز بشيء من ذلك. في الواقع، يقول ألفاريز إنه إذا تجمعت المناطق الخالية من الأسلحة النووية معا، يمكنها أن تشكل أساسا لنزع السلاح العالمي. ومع أن ألفاريز أقر بأنه من غير المحتمل أن ينجح مثل هذا النهج— فهو لا يعترف أن حتى المنطقة الأصلية الخالية من الأسلحة النووية (تلاتيلولكو) تم تنظيمها في ظل وجود ضمانات أمنية نووية ضمنية. لم يقترح غيرا ولا ألفاريز بأن تقوم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا (وهى الدول النووية الثلاثة خارج الحدود الإقليمية التي تمتلك أراضي في أمريكا اللاتينية) بالتخلص من أسلحتها النووية دون قيد أو شرط— بمعنى أن تقوم الدول الثلاث بنزع سلاحها قبل أن تُقدم على ذلك الدول الأخرى المسلحة نوويا. لكن، خلافا لذلك، كيف يمكن حقا اعتبار المنطقة خالية من الأسلحة النووية؟

علاوة على ذلك، يعترف غيرا بأن الآليات القائمة لتعزيز نزع السلاح، مثل مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح، قد "مُنيت ببعض الإخفاقات" وأن تقنية الأسلحة النووية قد انتشرت. لكنه يعتبر مبادرة "حظر الأسلحة النووية" وسيلة لتوعية العالم بمخاطر هذه الأسلحة— على الرغم من أن المخاطر واضحة بالفعل للعيان. وفي الوقت نفسه، يعتبر غيرا المبادرة الإنسانية أمرا سيؤدي إلى "معالجة الضجيج المحيط بنزع السلاح النووي" والذي يعني به النهج المتدرج والمتزايد لمؤتمر نزع السلاح. ورغم ذلك فهو يعتقد، بطريقة معقدة للغاية، أن المعاهدات التي أنشئت لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد والذخائر العنقودية يمكن أن تقود الطريق نحو نزع السلاح النووي. لكن عمليات أوتاوا وأوسلو الرامية للقضاء على هذين النوعين من الأسلحة لم تكن محفوفة بالقلق مثل المفاوضات حول الأسلحة النووية. وعلى أي حال، فإن الألغام المضادة للأفراد والذخائر العنقودية هي مماثلة للغاز السام— وهو أمر ثانوي لأمن الدول وبالتالي قابل للحظر.

أخيرا، يقول غيرا إن "مبادئ السياسة الخارجية والممارسة والخبرة المتراكمة" تكون "متشابكة بشكل وثيق" مع "عمليات نزع السلاح"، لكن مبادئ السياسة الخارجية والممارسة والخبرة هي أيضا أحد أعمال الحدود المتنازع عليها والصراعات المستمرة منذ فترة طويلة وحاجة الدول لردع الحروب— و محاربتها، إذا اضطرت للقيام بذلك—من خلال الوسائل العسكرية التقليدية والنووية على حد سواء. إن بناء قضية لنزع السلاح على أي فرضية أخرى، كما يفعل غيرا، يُعد بمثابة إيجاد حلول مبسطة لمشكلة غاية في التعقيد.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]