The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.
By Nancy Gallagher: AR, June 5, 2015
حظرت معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 أسلحة الدمار الشامل في مدار الأرض، لكنها بينت أيضا أن لجميع الدول الحرية في استخدام الفضاء وفقا للقانون الدولي (بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة). فسّرت القوى العظمى أثناء الحرب الباردة المعاهدة بأنها تضفي شرعية وحماية لاستخدام الأقمار الصناعية للإنذار المبكر و إدارة الاتصال الفعال للأزمات والتحقق وغيرها من الأنشطة التي تسهم في استقرار الردع — لكن ليس للعدوان.
إلا أنه في العقود الأخيرة، بعدما أصبحت القدرات الفضائية المتعلقة بالاستطلاع والاتصال والاستهداف جزءا لا يتجزأ من العمليات العسكرية الحديثة، قام الاستراتيجيون وصناع القرار بالبحث في ما إذا كان القيام بهجمات ضد الأقمار الصناعية يمكن أن تمنح مزايا عسكرية كبيرة دون زيادة خطر نشوب حرب نووية. من الناحية النظرية، قد تكون الإجابة هى نعم. لكن من الناحية العملية، فمن شبه المؤكد أن الإجابة هى لا.
تضخيم التهديدات. لم يسبق أن قامت دولة بمهاجمة قمر صناعي لدولة أخرى بشكل متعمد أوتخريبي (برغم أن تداخلات الدول أحيانا مع البث الإذاعي عبر الأقمار الصناعية). غير أن الولايات المتحدة وروسيا والصين قامت جميعها باختبار أسلحة متقدمة تعمل بالطاقة الحركية مضادة للأقمار الصناعية، وقد أثبتت الولايات المتحدة أنه يمكنها تعديل صاروخ اعتراضي لاستخدامه في وضعية مضادة للأقمار الصناعية. إن أي دولة يمكنها إطلاق أسلحة نووية بواسطة صواريخ باليستية متوسطة المدى يكون لديها القدرة الكامنة لمهاجمة الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض.
ولأن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الفضاء في تفوقها العسكري الأرضي، توقع بعض الاستراتيجيين الأميركيين أن الخصوم المحتملين سيحاولون تحييد مزايا الولايات المتحدة من خلال مهاجمة أقمارها الصناعية. كما أوصوا أيضا بأن يبذل الجيش الامريكي كل ما في وسعه لحماية الموجودات الفضائية الأمريكية مع الاحتفاظ بقدرة على تعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية التي يستخدمها الخصوم للاستخبارات أوالاتصالات أوالملاحة أو الاستهداف. إن تحليل من هذا النوع غالبا ما يضخم من قدرة الخصوم المحتملين على تدمير الموجودات الفضائية الأمريكية والمزايا العسكرية التي سوف يكتسبها أي من الخصمين جرّاء الهجمات المضادة للأقمار الصناعية. ومع ذلك، فإن بعض المراقبين يقدمون أسوأ السيناريوهات المحتملة من أجل دعم الحجج المؤيدة للقدرات الهجومية الفضائية المضادة. وقد يكون هناك اهتمام متزايد في بعض البلدان الأخرى بحروب الفضاء بسبب هذه الحجج.
إذا شنت إحدى الدول هجوما، لأي سبب من الأسباب، على الأقمار الصناعية لدولة أخرى، فإن الانتقام النووي ضد الأهداف الأرضية سيكون رد فعل غير عقلاني. لكن الدول الكبرى ترد في بعض الأحيان بشكل غير عقلاني عندما تتعرض لهجوم. إضافة إلى ذلك، فإن الرد غير المتناسب في أعقاب هجوم متعمد ضد الأقمار الصناعية ليس هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تؤدي الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية إلى حرب نووية. بل إنها حتى الطريقة الأقل احتمالا. وطبقا لما هو مفهوم بشكل واضح من قبل الدول التي تفاوضت بشأن معاهدة الفضاء الخارجي، فإن إدارة الأزمات ستصبح أكثر صعوبة، وسيزيد خطر فشل الردع غير المقصود، إذا تم تعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية المستخدمة لأغراض الاستطلاع والاتصالات.
لكن حتى لو لم يتم كسر قاعدة عدم مهاجمة الأقمار الصناعية لدولة أخرى، فإن تطوير واختبار أسلحة مضادة للأقمار الصناعية لا يزال يزيد من خطر نشوب حرب نووية. فمثلا، إذا ساور القادة العسكريين الأميركيين قلق بالغ بأن الصين أو روسيا تستعد لشن هجوم ضد الأقمار الصناعية الأمريكية، يمكن حينها أن يزداد الضغط للقيام بهجوم وقائي ضد القوات الاستراتيجية الصينية أو الروسية. فإذا أصابت قطعة من الحطام الفضائي قمرا صناعيا خلال وجود أزمة أو صراع على مستوى أرضي منخفض، ربما يفترض القادة بشكل خاطئ أن حربا فضائية قد بدأت ويقومون بالانتقام قبل أن يعرفوا ما الذي حدث بالفعل. قد تبدو مثل هذه السيناريوهات بعيدة الاحتمال، لكنها ليست بعيدة الاحتمال بدرجة أكثر من السيناريوهات التي تُستخدم لتبرير تطوير واستخدام الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية.
تخفيض الخطر. إحدى الطرق لتخفيف المخاطر النووية المرتبطة بالأسلحة المضادة للأقمار الصناعية هى القيام بتقييم واقعي للحجج القائلة بأن مهاجمة الأقمار الصناعية ستكون وسيلة سهلة لتحقيق مزايا عسكرية كبيرة دون خلق عواقب غير متوقعة أو لا يمكن السيطرة عليها. على سبيل المثال، أشار تحليل غير مصنف، قام به الباحث جاجاناث سانكاران بمركز الدراسات الدولية والأمنية في ولاية ماريلاند، إلى أن القيود العملية للصواريخ البالستية ومرافق الاطلاق الصينية ستجعل من الصعب على الصين القيام بمهاجمة الأقمار الصناعية الأمريكية الهامة خلال وجود أزمة، بعكس واشنطن التي سترد بطرق من شأنها أن تحرم بكين من اكتساب أي ميزة عسكرية من مثل هذا الهجوم. وبينما يتم إجراء مزيد من هذه الدراسات وإيلاؤها اهتماما جادا، فسيكون من غير المحتمل أن يستثمر صناع القرار بشكل كبير في القدرات المضادة للأقمار الصناعية أو اتخاذ إجراءات استباقية إزاء التهديدات المزعومة ضد الأقمار الصناعية.
ثمة طريقة هامة أخرى للحد من تلك المخاطر وهى تعزيز كل من المعايير والقواعد القانونية التي تحمي الأقمار الصناعية. إن الطريقة الأكثر وضوحا لتحقيق ذلك تتمثل في حظر استخدام أي شيء لا يتم استخدامه في العادة كسلاح فضائي، بما في ذلك الأجسام الفضائية الأخرى، من أجل إتلاف أو تدمير الأقمار الصناعية؛ وكذلك حظر أي اختبار لأساليب من شأنها إتلاف أو تدمير هذه الأقمار الصناعية. إن أكبر تهديد للمعايير الثابتة والحماية القانونية في الوقت الحالي يأتي من الأشخاص الذين يستشهدون بالدفاع عن النفس الاستباقي— أثناء وجود أزمة أو في بداية الأعمال العدائية— كمبرر لتعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية أو مرافق الاطلاق أو المحطات الأرضية. ويماثلهم في الخطورة أولئك الذين يحتجون بأنه بمجرد اندلاع حرب، يصبح أي شيء في الفضاء مستباحا، وبالتالي يجب أن يكون مستهدفا. وعلى الرغم من أن مهاجمة الأقمار الصناعية المستخدمة في القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات قد تكون مشروعة في خضم الحرب، فإن ذلك لا يعني أن مهاجمة الأقمار الصناعية ستكون استراتيجية ذكية.
ويمكن للتدابير الطوعية المتعلقة بالشفافية وبناء الثقة أن تساعد كذلك في الحد من تلك المخاطر إلى حد ما. فمثلا، تحسين التوعية بحالة الفضاء لدى جميع الأطراف الفضائية سوف يقلل من خطر قيام الدول بإلقاء اللوم على الطرف الخطأ بسبب ضرر لحق بأقمارها الصناعية أو الاستنتاج بشكل خاطئ أن أقمارها الصناعية قد تعرضت لهجوم بينما تكون قد تعطلت لأسباب أخرى. فقط عدد قليل من القوى الكبرى التي ترتاد الفضاء لديه قدرات للكشف عن الأجسام الفضائية وتتبعها وفهرستها— وهذا يعني قدرتها على تحديد ما إذا كان الجسم الفضائي عبارة عن حطام أو قمر صناعي، وكذلك تحديد صاحب القمر الصناعي ووظيفته. لكن قدرات هذه الدول غير متناسقة على نطاق واسع. إن الولايات المتحدة التي لديها أكثر القدرات تطورا، هى فقط من تقوم بتقاسم بيانات حالة الفضاء مع الأطراف الفضائية الأخرى. لكنها تقوم بذلك ذلك بشكل محدود. إن عدم الشفافية الحالية فيما يتعلق بعمليات الفضاء تفاقم من عدم الثقة بين الدول التي ترتاد الفضاء. إن وجود ترتيبات أوسع وأكثر شمولا لتقاسم البيانات يمكن أن يساعد في الحد من حالة عدم الثقة هذه.
لكن المخاطر النووية المرتبطة بزيادة الاستخدام العسكري للفضاء لا يمكن تخفضها بشكل كبير إلا من خلال تدابير للشفافية وبناء الثقة إذا كانت الدول التي تتبنى مثل هذه التدابير تضع في أولوياتها الضمانات ذات المصداقية بقدر ما تؤكد على أهمية الردع والدفاع وذلك عندما تقرر ما هو قدر المعلومات المتعلقة بالفضاء التي سوف تتقاسمها، أو ما هى القدرات التي ستكتسبها وكيفية استخدامها. كما يجب على تلك الدول إعادة النظر في نواحي مواقفها النووية التي تزيد من المخاطر الكلية المرتبطة بفشل الردع غير المقصود. في النهاية، إذا تبنت كل الدول المسلحة نوويا سياسات صريحة بعدم الاستخدام الأول، وحافظت على رقابة إدارية صارمة على الترسانات الصغيرة المحسّنة للردع الانتقامي، فإنه سيكون من الصعب للغاية تصور انتشار قدرات مضادة للأقمار الصناعية يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية لا أحد يريدها.
Topics: Nuclear Weapons, Technology and Security
Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]