حظر الأسلحة الفائقة لسرعة الصوت: مجرد مبالغة في الأمل

By Tong Zhao: AR, July 6, 2015

إذا أردنا الحفاظ على علاقات مستقرة بين الدول القوية والضعيفة الحائزة للأسلحة النووية، فيجب الحفاظ على مبدأ التدمير المؤكد المتبادل بطريقة قوية وذات مصداقية. لكن ثقة الدول ببقاء روادعها النووية يمكن أن يتم تقويضها بشكل خطير من قبل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والمسلحة برؤوس حربية تقليدية— سواء المركبات الطائرة الدافعة أو صواريخ كروز الفائقة لسرعة الصوت. يظن بعض المحللين الصينين أن الولايات المتحدة تسعى لامتلاك هذه القدرة للقضاء على الردع النووي لبكين من الضربة الأولى— واذا نجحت واشنطن في تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، فإن ثقة بكين في مصداقية رادعها النووي سوف تضعف. (وعلى نحو مماثل، قد تشعر دلهي في يوم من الأيام بالقلق إزاء توجية الصين ضربة فائقة لسرعة الصوت ضد ترسانة الهند النووية الصغيرة).

إن بعض الصينين يناقشون بالفعل ما إذا كان يجب على بكين تغيير سياستها غير المشروطة بعدم الاستخدام الاول، وذلك في مواجهة التهديدات التقليدية الجديدة لترسانتها النووية. كما أن عدم فهم السياسة المستقبلية للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت قد بدأت بالفعل في تعقيد الحوار الأمني الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة— وبين الولايات المتحدة وروسيا. إن الحالة المتأصلة من انعدام الثقة المتبادلة بين هذه الدول يجعل من المحتم أنه إذا قامت إحدى هذه الدول بنشر صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، فستشعر الدول الأخرى بالتهديد بشكل مبالغ فيه. وقد تقوم الدول القلقة بشأن بقاء رادعها النووي ببناء منشآت نووية إضافية عميقة تحت الأرض— أو تبدأ في إظهار شفافية أقل بشأن سياساتها النووية. ومن شأن هذه التطورات أن تعيق الجهود الرامية إلى بناء الثقة بين المؤسسات العسكرية الوطنية. وقد يساعد الحوار على تهدئة المخاوف، لكن بقدر محدود فقط.

إن أكبر ميزة للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هى سرعتها الهائلة، لكن السرعة هي أيضا مصدر الخطر الأكبر لهذه التقنية. إن صناع القرار أثناء أزمة ما، إذا كانوا يرغبون في الاستفادة من سرعة الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، سيكون لزاما عليهم أن يقرروا ما إذا كان عليهم شن ضربات استباقية قبل زوال الفرصة بسرعة. وسوف يتم تشجيع اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر. ولأنه من المرجح أن تكون الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت معدّة للاستخدام ضد الأهداف الاستراتيجية—مثل مراكز القيادة والسيطرة وأنظمة المراقبة طويلة المدى وحتى مركبات إطلاق الصواريخ—فقد تتصاعد الصراعات بسهولة في حال تمّ استخدام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

عقبات صعبة. لكن هل يمكن للدول أن تتجنب سباق تسلح بأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت يكون مكلفا ومعتمدا على التقنية من خلال تبني معاهدة وقائية للحد من التسلح؟ لا تبدو الاحتمالات مشجعة في هذا الصدد.

أولا، إن فرض قيود تقنية على برامج تطوير الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت سيكون صعبا. إذ لا يمكن إجراء أي تمييز تقني واضح بين الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وبين القدرات التقليدية الأخرى الأقل سرعة والأقصر مدى والقادرة أيضا على تقويض الردع النووي. ستجد الدول أنه من الصعب جدا وضع حدود للسيطرة على التقنيات المختلفة. وعلاوة على ذلك، إن أحد الأهداف الأمريكية المحتملة من تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت هو اكتساب القدرة على توجيه ضربة استباقية لترسانات نووية صغيرة مثل ترسانة كوريا الشمالية— وذلك مقارنة بحجم ترسانة الصين. لكن القدرات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية تتقدم بسرعة. وبحلول الوقت الذي سيتم فيه نشر التقنية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، فإنه قد لا يكون من الممكن هيكلة القدرات الأمريكية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بحيث يمكنها أن تمثل تهديدا للأسلحة النووية لكوريا الشمالية، لكن دون أن تمثل تهديدا للأسلحة النووية الصينية. وحتى إذا كان ذلك ممكنا—من خلال الترتيبات الدبلوماسية أو فرض قيود إحادية الجانب—للحفاظ على قدرات الولايات المتحدة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت محصورة في نطاق ضيق— فستبقى روسيا والصين تشعران بالقلق إزاء وجود فرصة للتوسعات المستقبلية.

ثانيا، إن الأنظمة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ليست معدّة بالضرورة لإيصال أسلحة تقليدية فقط. إذ إن بعض الدول الحائزة للأسلحة النووية، والتي تشعر بالقلق إزاء التطورات المستقبلية في مجال الدفاع الصاروخي، تحتفظ بخيار تحميل رؤوس نووية على المركبات الطائرة الدافعة أو صواريخ كروز الفائقة لسرعة الصوت. إن مثل هذه النظم ذات القدرة العالية على المناورة يمكن أن تزيد إلى حد كبير من قدرة الرؤوس النووية على اختراق الدفاعات الصاروخية في منتصف المسار. وبالتالي فإن المكاسب الناجمة عن تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت تصبح عالية— أعلى من المكاسب الناجمة عن تطوير قدرات تقليدية جديدة بحتة. لذلك قد تكون الدول مترددة للغاية للتخلي عن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

ثالثا، بالرغم من أن واشنطن قد تكون لا تعمل على تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت من أجل استهداف الترسانات النووية للدول النووية الكبرى الأخرى، يُبدي بعض المحللين الأمريكيين اهتماما باستهداف الأهداف الاستراتيجية غير النووية لتلك الدول. يمكن أن تصبح الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت جزءا مما يسمى عمليات "قمع الدفاع" والتي تسعى لمواجهة قدرات "منع الولوج/ المنطقة المحرّمة" للصين وغيرها من الدول. كما يمكن أن تصبح الأصول المضادة للأقمار الاصطناعية مستهدفة أيضا.

في مثل هذه الأوقات، عندما تزداد التوترات بين بعض كبار المستثمرين في مجال التقنية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تواجه الجهود الرامية إلى السيطرة على هذه التقنيات تحديات هائلة. إن زيادة الاحتكاكات في بحر الصين الجنوبي هى مجرد أحد الأمثلة للتوتر العسكري بين الولايات المتحدة والصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وفي أوروبا الشرقية، يبدو أن حلف الناتو وروسيا يتجهان نحو علاقة عسكرية تقليدية أكثر عدائية. في مثل هذه الظروف، عادة ما يكون القادة الوطنيون مهتمين بالاستثمار في تقنيات عسكرية جديدة أكثر من اهتمامهم بالسيطرة عليها— ولا سيما التقنيات التي قد تحمل مفتاح السيادة في ساحات القتال المستقبلية.

خطوات قابلة للتحقيق. وباعتبار كل ما سبق، فإنه سيكون من الصعب حظر برامج البحث والتطوير للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. إن تدابير الشفافية المحدودة، مثل تبادل البيانات والإخطارات، قد تكون متاحة— لكن حتى هذه الآليات تتطلب جهدا دؤوبا ومشاركة من قبل اللاعبين الرئيسيين.

قد يكون أفضل ما يمكن تحقيقه بشكل واقعي، في المدى القصير، هو اتخاذ تدابير أحادية الجانب للحد من المخاطر (مدعومة بالجهود الدبلوماسية التي تبني الثقة في هذه الإجراءات). على سبيل المثال، يجب على الدول الحائزة للأسلحة النووية لمصلحتها الخاصة الامتناع عن وضع استراتيجيات تنطوي على استخدام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ضد أهداف نووية. لقد طالب قانون إقرار الدفاع الوطنى الامريكي لعام 2013 وزارة الدفاع بإعداد دراسة حول قدرة واشنطن على "تحييد" الشبكات الصينية الواقعة تحت الأرض، والتي تنتشر بها بعض الأسلحة النووية، "بقوات تقليدية ونووية." وتشير هذه الدراسة إلى وجود رغبة فعلية في استهداف الأسلحة النووية من خلال وسائل تقليدية— لكن يجب تجنب أي شيء من هذا القبيل بدقة متناهية.

وبالمثل، يجب التدقيق بعناية في الاستراتيجيات التي قد تؤدي إلى تفاقم "ضباب الحرب". فمثلا، على الرغم من أن الضربات الاستباقية بصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت ضد مراكز القيادة والسيطرة ومراكز الاتصال قد تكون وسيلة مفيدة لمواجهة قدرات "منع الولوج/ المنطقة المحرّمة"، فإنها تخاطر أيضا "بتعمية" وإرباك قيادة العدو— لدرجة أن صناع القرار قد يعتقدون خطأ بأن هناك ضربة نووية جارية. وهذا من شأنه أن يمثل خطرا شديدا لتصعيد غير مقصود. كذلك يجب رفض أي استراتيجية من شأنها إخفاء الخط الفاصل بين الحرب التقليدية والنووية. كما يجب على الدول التي تقوم بنشر أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت السعى بنشاط لاتخاذ خطوات أحادية الجانب والتي من شأنها إحباط زعزعة الاستقرار— إن كان سيتم في الواقع نشر هذه التقنيات من الأساس.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]