حقبة جديدة وحجج قديمة

By Klaus Janberg: AR, April 24, 2015

تقدم لنا الحياة مفاجآت رائعة حتى عندما يصل المرء إلى سن الشيخوخة. فقد اكتشفت في هذه المائدة المستديرة أن زميلي هوي تشانج هو "توأم" روحي الصيني. في الواقع، أود أن أوجه إلى زميلىّ بلديف راج و بي.آر.فاسوديفا راو السؤال المحوري الوارد في المقال الأول لتشانج: لماذا التسرع في اعتماد المفاعلات المولدة السريعة وإعادة المعالجة؟  لماذا تقدمان نفس الحجج التي سبق أن قُدمت في حقبتىّ الستينات والسبعينات، برغم أنه قد ثبت أن تلك الحجج غير سليمة في عديد من الدول على مدى العقود الماضية؟

اعتمد راج وراو في جزء كبير من مقالهما الأول على فكرة أن موارد اليورانيوم العالمية غير كافية. لكن خام اليورانيوم، بأسعار الدولار الثابتة، هو أرخص اليوم مما كان عليه في الماضي. صحيح أن أسعار اليورانيوم قد ارتفعت قبل كارثة فوكوشيما، لكنها بعد ذلك انخفضت جدا لدرجة أن العديد من المناجم لم تتمكن من تغطية تكاليفها. كان لا بد من خفض الإنتاج ولم يكن هناك أي حافز للقيام باستكشافات أخرى تتعلق بعمليات التعدين. وإلى أن تتمكن المناجم من الاستثمار مرة أخرى، سيكون هناك نقص في الإمدادات وسترتفع الأسعار— لكن إذا وضعنا التقلبات قصيرة الأجل جانبا، فإن صناعة اليورانيوم اليوم تواجه تحديا من أجل البقاء.

إن الاحتياطيات المؤكدة من اليورانيوم التي يمكن الوصول إليها بسهولة ستكون كافية لتلبية الطلبات لعقود قادمة. لكن راج وراو اختارا القيام بتحليل الإمدادات على مدى فترة زمنية طويلة جدا— حيث قالا "لا بد أن يستنتج المرء أن الطاقة الانشطارية المعتمدة على اليورانيوم لا يمكن … أن تستمر لأكثر من بضعة قرون". وحتى لو كان هذا صحيحا، فإنه يعبر عن قدر هائل من عدم الثقة في قوى السوق وبراعة البشرية. لقد أثبت التاريخ مرارا أنه إذا واجه البشر حاجة ملحة، فسوف يقومون باكتشاف طريقة لتلبية هذه الحاجة. أو سيتم تحسين الطرق القائمة حتى يتم اكتساب وقت إضافي للبحث والتطوير.

في الواقع، إن العديد من تقنيات الطاقة قيد التطوير اليوم قد تقلل من الحاجة إلى الطاقة الانشطارية في المستقبل. وأنا لن أجادل بأن الخلايا الضوئية، على سبيل المثال، هي الحل— لكن كفاءتها تتحسن باستمرار وتكاليفها المالية آخذة في التناقص، في حين أن تكاليف المفاعلات النووية آخذة في الارتفاع (فقد زادت تكاليف المفاعلين الجديدين في أولكيليوتو بفنلندا وفلامانفيل بفرنسا إلى ثلاثة أضعاف). لذلك، هل يعتقد راج وراو أن البشرية لن تقدم أنظمة ملائمة لتخزين الكهرباء خلال الـ15 أو الـ20 عاما القادمة؟ يا له من تشاؤم صادر من قبل علماء؟   

على أية حال، إذا كان البلوتونيوم هو الحل لنقص اليورانيوم المحتمل في المستقبل، فإنه توجد بالفعل مخزونات كبيرة من البلوتونيوم. المملكة المتحدة متوفر لديها أكثر من 110 طن متري من البلوتونيوم المدني— مع عدم وجود مفاعلات تستخدم هذا النوع من الوقود. اليابان لديها مخزون يبلغ حوالي 47 طن متري (مخزن في اليابان وأماكن أخرى). فرنسا لديها أكثر من 20 طن متري من البلوتونيوم. تشكل هذه المخزونات منطقة واقية هامة ضد أي نقص مستقبلي من الوقود النووي.

يجادل راج وراو أيضا لصالح إعادة المعالجة على أساس فوائدها المزعومة في الحد من النفايات النووية، إذ يؤكدان على أن دورة وقود المرة الواحدة تنتج حجما أكبر من النفايات مقارنة بما تنتجه دورة الوقود المغلقة. وهما محقان في ذلك—إذا ركزنا فقط على الوقود المستنفد وأخذنا في الاعتبار الحرارة الصادرة داخل مناجم التخلص من النفايات. لكن إعادة المعالجة تنطوي أيضا على تصريف النفايات السائلة والغازية في البيئة. ثم هناك النفايات المزججة الناجمة عن إعادة المعالجة؛ وأجسام وهياكل مجمعات الوقود المستنفد والتي يجب التخلص منها؛ والرواسب المتصلبة الناتجة عن عملية إعادة المعالجة نفسها. وإتماما للفائدة، ينبغي على المرء أن يذكر أيضا النفايات التي تنتج في النهاية عن تفكيك منشآت إعادة المعالجة. هذ السيل من النفايات يجعل بدون شك دورة وقود المرة الواحدة أفضل كثيرا فيما يتعلق بحجم النفايات. وبالنسبة إلى المعالجة الحرارية فلن تغير هذا الواقع بشكل كبير.

أخيرا، تبقى مسألة انتشار الأسلحة النووية. راج وراو قالا إنه "لم تعد المخاوف المتعلقة بالانتشار النووي تشكل أساسا منطقيا مقنعا لاعتماد دورة وقود المرة الواحدة". ربما لا تبدو مسألة الانتشار أمرا مقلقا جدا بالنسبة للهند، التي لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. لكن المسألة كانت مصدر قلق بالغ بالنسبة للعديد من الدول الأخرى منذ قيام الهند بإجراء أول تفجير نووي "سلمي" في عام 1974. كان هذا التفجير، الذي استخدم البلوتونيوم المعاد معالجته من الوقود المستهلك للمفاعل، هو نقطة إنطلاق البرامج النووية في باكستان وكوريا الشمالية وليبيا والعراق وربما في دول أخرى لم تُعرف حتى الآن. أنا أقر بأنه في الوقت الحاضر قد يكون من الأسهل بالنسبة لبعض الدول إنتاج مواد انشطارية من خلال تخصيب اليورانيوم. لكن إعادة المعالجة، حتى وإن لم تحقق الفصل الكامل بين اليورانيوم والبلوتونيوم من الوقود المستنفد، لا تزال تشكل أسهل طريقة، فضلا عن كونها طريقة سريعة أيضا، لتصنيع "قنبلة قذرة"— وهو الأمر الذي يعقد من جهود المراقبة. أعتقد أن مخاطر الانتشار المرتبطة بإعادة المعالجة لا تزال موجودة— وفي الحقيقة آخذة في الارتفاع.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]