دورة الوقود المغلقة من أجل الحصول على طاقة نووية مستدامة

By Baldev Raj: AR, P.R.Vasudeva Rao: AR, April 16, 2015

لقد كانت إعادة معالجة وإعادة تدوير اليورانيوم والبلوتونيوم موضوع نقاش حاد في العديد من الدول على مدى العقود القليلة الماضية. وهناك عدد من الدول— بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والهند واليابان وروسيا وغيرها، قامت بتطوير تقنيات لإعادة المعالجة وإعادة التدوير. وقد انتهجت مجموعة مختارة من الدول، بما في ذلك الهند، سياسة ثابتة لصالح إعادة المعالجة وإعادة التدوير. حيث اتبعت هذه الدول تلك السياسات ليس فقط من منطلق قلقها من موارد اليورانيوم المحدودة، لكن أيضا لأنها ترى أن إعادة المعالجة وإعادة التدوير أفضل وسيلة لجعل الطاقة النووية مستدامة على المدى الطويل.

في الواقع، بالنسبة لدول مثل الهند والصين، لن يصبح التوسع الكبير في الطاقة النووية مستداما بدون إعادة المعالجة وإعادة التدوير. إن موارد اليورانيوم في هذه الدول محدودة. ويبدو أنه من غير المحتمل أن يصبح الثوريوم موردا ذا قيمة لإنتاج الطاقة في المدى القريب. كما أنه من غير العملي إدارة كميات كبيرة من النفايات عالية المستوى الإشعاعى في المستودعات لفترات طويلة. في أماكن أخرى، كانت فرنسا أيضا لديها برنامج مستدام لإعادة المعالجة وإعادة التدوير، كما أن روسيا تسعى للحصول على المعالجة الحرارية لإنتاج وقود الأكسيد المختلط من البلوتونيوم واليورانيوم من أجل مفاعلها (بي أُو آر-60).

يعتقد عديد من المعارضين لإعادة المعالجة أن موارد اليورانيوم الموجودة في العالم كافية— و بالتالي فإن إغلاق دورة الوقود ليست ضرورة ملحة. هذه حجة ذات نظرة محدودة. إذ إن كمية اليورانيوم الموجودة في كوكب الأرض محدودة— سواء الموجودة في القشرة الأرضية أو في مياه المحيطات—وبالتالي الطاقة الانشطارية ليست متجددة. النقاش الوحيد حول هذه المسألة يمكن أن يتعلق بكمية اليورانيوم المتبقية وكم ستبقى من الوقت. يشير "الكتاب الأحمر" عن موارد اليورانيوم، الذي أعدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكالة الطاقة النووية، إلى أن اليورانيوم الموجود في العالم اعتبارا من عام 2013 يبلغ حوالي 7,6 مليون طن متري— وهو ما يكفي للبقاء لمدة 150 عاما بمعدلات الاستهلاك الحالية. لكن الاستهلاك آخذ في الارتفاع وذلك مع زيادة أعداد الدول التي تتجه إلى استخدام الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

إذا استثنينا موارد اليورانيوم الإضافية التي يمكن تحديدها في المستقبل، واستثنينا أيضا معدل النمو المستقبلي للطاقة النووية، فلا بد أن يستنتج المرء أن الطاقة الانشطارية المعتمدة على اليورانيوم لا يمكن بأي حال أن تستمر لأكثر من بضعة قرون. وهذا ليس وقتا طويلا— عندما يقاس بطول الوقت الذي من المرجح أن تبقى فيه البشرية. ونعتقد، نحن المؤلفان، أن الجيل الحالي يتحمل المسؤولية تجاه الأجيال القادمة تتعلق بعدم استنزاف موارد اليورانيوم في العالم. وهذا يعني أنه لا يمكن التخلص من اليورانيوم كنفايات بعد استخدام 1٪ فقط من طاقته— كما هو حاصل اليوم. بدلا من ذلك، يجب السعي لإعادة المعالجة وإعادة التدوير بحيث يُستخدم 75 في المئة من اليورانيوم (إن لم يكن أكثر) لإنتاج طاقة انشطارية. إن إعادة المعالجة وإعادة التدوير لديها القدرة على زيادة مقدار الوقت بعامل لا يقل عن 50 يمكن للبشرية أن تجني خلاله طاقة انشطارية من موارد اليورانيوم، وذلك مقارنة باستخدام اليورانيوم في دورة وقود المرة الواحدة.

خلصت العديد من الدول— الهند وفرنسا وروسيا والصين على وجه الخصوص— إلى أن المفاعلات المولدة السريعة (والتي يمكنها استغلال البلوتونيوم واليورانيوم المنضب الناتج في المفاعلات الحرارية من أجل توليد الكهرباء) ستكون عنصرا هاما في برامجها المستقبلية للطاقة النووية. ومن بين المفاهيم الستة للأنظمة المبتكرة للطاقة النووية التي يجري تطويرها من قبل المنتدى الدولي للجيل الرابع (وهو عبارة عن مشروع جماعي مؤلف من 13 حكومة)، تستند أربعة من هذه المفاهيم على المفاعلات المولدة السريعة. لكن ما زالت تثار الحجج ضد إعادة المعالجة وإعادة التدوير.

تشمل هذه الحجج— بالإضافة إلى الحجة القائلة بأن موارد اليورانيوم ستبقى كافية للمستقبل المنظور— عدم النضج المفترض لهذه التقنية وارتفاع تكلفتها المتصورة ومخاوف الانتشار النووي. لكن التقنية المتعلقة بتصنيع وإعادة تدوير وقود المفاعلات هي في الواقع تقنية ناضجة، وبالفعل تم تطويرها على نطاق واسع إلى حد معقول (على الرغم من حدوث ذلك في عدد قليل من الدول فقط). لقد برهنت فرنسا والهند— من خلال بحث وتطوير واسع وسياسة حكومية مستقرة والتنفيذ المتتابع للمفاعلات المطورة— على السلامة والنضج والتكلفة المقبولة لإعادة المعالجة وإعادة تدوير البلوتونيوم. وفي الوقت نفسه، إن مقاومة الانتشار يمكن أن تبنى بسهولة في تصميم دورة الوقود. إذ من الممكن أن نتصور برامج للفصل يتم فيها استعادة كل من اليورانيوم والبلوتونيوم من الوقود المشع—  بحيث لا يتم انتاج بلوتونيوم نقي، والذي قد يسبب مخاوف تتعلق بالانتشار النووي. المعالجة الحرارية، على سبيل المثال، والتي شهدت قدرا كبيرا من البحث في الولايات المتحدة وروسيا، تحقق إزالة للتلوث من نواتج الانشطار أقل من العمليات المائية المعتمدة على طريقة بوريكس (لاستخراج اليورانيوم والبلوتونيوم)، التي كانت الدعامة الأساسية للصناعة النووية في هذا الصدد. وهذا يوفر مقاومة الانتشار الكامنة. لم تعد المخاوف المتعلقة بالانتشار النووي تشكل أساسا منطقيا مقنعا لاعتماد دورة وقود المرة الواحدة.

بُعد النفايات. إدارة النفايات النووية هى أحد أبعاد الطاقة النووية التي يركز الجمهور عليها كثيرا. وتشكل دورة وقود المرة الواحدة مشكلتين خطيرتين في هذا الصدد. أولا، لأن دورة وقود المرة الواحدة تتضمن التخلص من اليورانيوم والبلوتونيوم كنفايات بعد استخدام واحد فقط، ينتج عن ذلك حجم أكبر من النفايات. وهذا يخلق حاجة أكبر للمستودعات وفترة زمنية طويلة غير عملية لمراقبتها— والتي من المرجح ألا يرحب بها الجمهور أبدا. ثانيا، تقوم أعداد كبيرة من الدول بإقامة قطاعات للطاقة النووية اليوم، لكن معظم الدول لا تتمتع بالمواقع المناسبة من الناحية الجيولوجية للتخلص من الوقود المشع. إذن فمن سيتحمل عبء الوقود المستهلك الذي تنتجه تلك المفاعلات الجديدة للطاقة النووية؟

يجب أن تؤخذ هذه القضايا في الاعتبار عند حساب تكاليف الطرق المختلفة لدورة الوقود. عادة، تتم مقارنة تكاليف إعادة التدوير بتكلفة دورة وقود المرة الواحدة وذلك بافتراض أن اليورانيوم سيبقى على تكلفته الحالية. لكن حتى مع افتراض أن سعر اليورانيوم سيبقى مستقرا لعدة قرون— وهو من غير المحتمل— يجب على المرء أن يحسب التكاليف المرتفعة لإدارة نفايات دورة وقود المرة الواحدة. يجب على المرء أيضا أن يحسب الضرر البيئي الاضافي المرتبط بمتطلبات التعدين الكبيرة لدورة وقود المرة الواحدة— إذا تم إعادة تدوير اليورانيوم والبلوتونيوم، فسوف تقل الحاجة لاستخراج اليورانيوم لكل وحدة من الطاقة المنتجة. هذا النوع من النهج الشامل للتكلفة يظهر أن إعادة المعالجة ليست باهظة التكاليف، على النحو الذي يتم تصويره غالبا، ولكنها في الحقيقة تنافسية من حيث التكلفة.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]