ضرورة إشراك الجمهور من أجل التأهب للكوارث بشكل أفضل

By Manpreet Sethi: AR, June 23, 2016

أعرب عديد من القرّاء في تعليقاتهم على هذه المائدة المستديرة عن نظرة سلبية تجاه الطاقة النووية، التي يبدو أنهم يفضلون التخلص منها. وفي الوقت نفسه، نجد الكتّاب الثلاثة المشاركين في هذه المائدة المستديرة إما يجادلون لصالح الطاقة النووية أو يمتنعون عن الاعتراض عليها— بالرغم من إبرازهم للتحديات التي تنطوي عليها الاستعدادت للكوارث النووية. إذن ما الذي يفسر وجود هذا الاختلاف في وجهتىّ النظر بين القارئ العادي والخبير النووي؟

موقف القراء ليس مستغربا— فكثير من عامة الناس يعارضون الطاقة النووية لأنهم يخافون من أن أي حادثة نووية سوف تتجاوز السيناريوهات التي تم تصورها خلال تصميم المفاعلات، كما ستتجاوز أيضا قدرة البشر على معالجة آثارها. في الوقت نفسه، يدرك جيدا الكتّاب الثلاثة المشاركون في هذه المائدة المستديرة جميع التحديات— التقنية والقانونية والتنظيمية والنفسية، إلخ—التي تتضمنها عملية التأهب للكوارث والاستجابة لها. لكن حتى مع إدراك الكتّاب للحاجة إلى تعزيز قدرات التأهب للكوارث والاستجابة لها بكل وسيلة ممكنة، فهم لا يرون ضرورة للقضاء على الطاقة النووية.

بدلا من ذلك، يؤكد الكتّاب على أهمية التعلم من الكوارث السابقة، كما ذكرتُ في الجولة الأولى. أو أنهم يدعون إلى تنسيق عالمي لإجراءات الطوارئ، كما قال أوجستين سيمو. أوأنهم يجادلون، مثلما فعلت سونيا شميد، بأنه يجب أن يتاح لموظفي المحطات النووية قدرا أكبر من الحرية للارتجال وممارسة الإبداع في حالات الطوارئ.

وأظن أن المعرفة هى أحد العوامل التي تبين الاختلافات بين وجهات نظر العامة ووجهات نظر الخبراء. بالطبع هناك عديد من الخبراء واسعي الإطلاع معارضون للطاقة النووية. وفي المقابل هناك أيضا عديد من الأشخاص العاديين الذين يعارضون الطاقة النووية بسبب ضئالة معرفتهم.

يقع جزء من اللوم في هذا الصدد على عاتق المؤسسات النووية، وعلى "السرية الكامنة في المنشآت النووية"، إذا ما استعرنا عبارة سيمو. إن الميل نحو السرية يمكن أن يجعل مشغلي المفاعلات النووية يتعاملون مع التكنولوجيا النووية على أنها شيء خارج نطاق قدرة فهم الشخص العادي. ولم يحاول كثيرون في المؤسسات النووية مطلقا شرح ظاهرة النشاط الإشعاعي مثلا (حيث يوجد قدر كبير منها في الطبيعة بشكل غير مؤذي). ولم يكلفوا أنفسهم أبدا— نتيجة للكسل أو عدم الاهتمام في بعض الحالات— القيام بوصف المزايا المطورة للسلامة والتدريب المعزز للمشغلين وهى أمور تقلل من خطر الكوارث النووية. قلق الجمهور من الطاقة النووية وشعورهم بعدم الثقة فيها هو نتاج للتواصل غير الكافي معهم.

في وقت من الأوقات، كان البشر يخافون من النار— حتى تعلموا كيف يمكن استخدامها بأمان، مع أخذ الاحتياطات الكافية، لتحقيق منافع عظيمة. لذا يجب على المؤسسات النووية التخلص من عاداتها السرية والتشجيع الفعلي للجمهور للتعرف على مزايا السلامة النووية والاستعداد للحوادث. بهذه الطريقة، قد يتمكن الجمهور من التغلب على خوفه من المجهول.

لا تعمل في فراغ. ثمة آلية أخرى يمكنها أن تعزز الثقة في التأهب للكوارث وهى النظام الرقابي النووي في البلاد. في أعقاب كارثة فوكوشيما، خُصص قدر كبير من الاهتمام للاستحواز التنظيمي— وهو وضع تكون فيه الصناعة النووية هى المهيمنة على الهيئة التنظيمية المفترض أنها هى التي تنظم تلك الصناعة— ولذلك تسعى الدول المشغلة لمفاعلات نووية أن تجعل منظماتها الرقابية وعملياتها التنظيمية صارمة ومستقلة قدر الإمكان. وبلا شك، تعد الثقة في الهيئات التنظيمية أمرا ضروريا للتشغيل الملائم للمفاعلات وأنظمة الاستجابة للطوارئ. لكن الثقة في الأجهزة التنظيمية لا توجد في فراغ—مثلما لا تتواجد الأجهزة التنظيمية ذاتها في فراغ. إن ثقة الجمهور في الأجهزة التنظيمة تعكس التصورات الشاملة للمجتمع حول النزاهة والصدق وثقافة السلامة. على سبيل المثال، يمكن أن تكون مواقف الأشخاص تجاه العمليات النووية سلبية للغاية في دولة ذات ثقافة متهاونة بشأن سلامة وسائل النقل.  

لكن هناك مظهر إيجابي— وهو أن القوة النووية تتمتع بتنظيم ذاتي إلى حد ما. إن التكنولوجيا النووية لا تعرف الغفران، ويمكن أن يثير حادث نووي محلي ضجة عالمية بسرعة. وهذا ما يدفع الصناعة النووية في جميع أنحاء العالم للحفاظ على معايير عالية، وإخضاع نفسها لاستعراضات ومراجعات الأقران، وحتى القيام بمحاولات لتنسيق إجراءات التشغيل.

إن ما ينبغي الاعتراف به في هذا الصدد هو أنه لا يمكن أبدا أن تكون هناك استراتيجية مثالية للوقاية من الكوارث والتأهب لها. لذا فإن النهج الصحيح للدول التي اختارت الطاقة النووية كإحدى تقنياتها لتوليد الكهرباء هو إحكام عملية الوقاية من الكوارث والتأهب لها على أكمل وجه. ومن الضروري كذلك القيام بإبلاغ ترتيبات الاستعداد والاستجابة للجمهور بطريقة شفافة.

تواجه الطاقة النووية تحديات لن تختفي لمجرد أن أصبح الجمهور شريكا في استراتيجيات الاستعداد للطوارئ والاستجابة لها. لكن إشراك الجمهور يجب أن يكون جزءا من الحل.



Topics: Nuclear Energy

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]