لمَ يعد التحديث النووي الأمريكي ضروريا

By Matthew Kroenig: AR, January 15, 2015

لقد كان حلم طفولتي أن أصبح نجما في الرابطة الوطنية لكرة السلة. لكن طولي يبلغ ستة أقدام وبوصة واحدة فقط، وأنا في أواخر العقد الثالث من العمر، ولم ألعب مباريات كرة سلة تنافسية منذ أكثر من 15 عاما. إن فرصي في اللعب على المستوى المهني هي صفر بالأساس. قد يجادل البعض بأنه إذا كان عندي بقية أمل في تحقيق رغبة فترة الصبا، فيجب أن أقضي أيامي في التدرب على سباقات الجري السريع وممارسة الرميات الحرة. لكن هذا المسار سوف يرفع فرصي من لا شيء إلى نسب ضئيلة للغاية، وبالتأكيد سيصرفني عن واجباتي كأستاذ وباحث ومحلل. وفي النهاية، فالأمر ببساطة لا يستحق تدمير الحياة التي أملكها من أجل مطاردة الوهم.

يمكننا قول الشيء نفسه إزاء خيارات الولايات المتحدة المتعلقة بوضعها النووي. ستقوم الولايات المتحدة خلال العقد المقبل وما بعده، بتحديث ضروري لقدراتها النووية المتقادمة، حيث تتمتع هذه الخطط بدعم قوي من كلا الحزبين. إلا أن بعض النقاد يجادلون بأن مشروع التحديث يتعارض مع أهداف نزع السلاح المعلنة، بما في ذلك رؤية الرئيس أوباما بشأن تحقيق "عالم خالٍ من الأسلحة النووية".

لكن الحقيقة هى أن العالم يتسم بمنافسة أمنية شديدة وصراع مباشر أحيانا. وبالرغم من أن بعض المراقبين كان يأمل أن نهاية الحرب الباردة ستضع نهاية لتاريخ (الصراعات)، عاد الخلاف السياسي بين القوى العظمى في السنوات الأخيرة. إذ تقوم روسيا باستخدام القوة لإعادة رسم خريطة أوروبا. بينما تتمسك الصين بمطالبها الإقليمية المعدّلة في شرق آسيا. وقد سمحت الهيمنة العسكرية التقليدية للولايات المتحدة، خلال العقدين الماضيين، بالتقليل من أهمية أسلحتها النووية، لكن ميزة هذه الهيمنة الأمريكية التقليدية بدأت تتآكل وذلك بسبب قيام روسيا والصين، بصفة خاصة، بتطوير قدراتهما العسكرية غير النووية. علاوة على ذلك، لا تزال الأسلحة النووية هى الأداة النهائية للقوة العسكرية— ويقوم الخصوم المحتملين لواشنطن، بما في ذلك روسيا والصين وكوريا الشمالية، بتحديث ترساناتهم النووية بقصد استخدام تلك الأسلحة في حالة نشوب نزاع مع الولايات المتحدة.

هذا هو الواقع. ومع ذلك، يجادل البعض بأن تحقيق الأمل المرجو المتعلق بالنزع الكامل للسلاح النووي يتطلب أن تقوم الولايات المتحدة بتخيفض ترسانتها والامتناع عن تحديث قواتها. لكن الدول الأخرى لن تحذو حذو واشنطن بشكل أعمى. في السنوات الأخيرة، بينما قامت الولايات المتحدة بتخفيض حجم ترسانتها، سارت دول أخرى في الاتجاه المعاكس وقامت بتطوير قواتها النووية. قد يكون النزع الكامل للسلاح النووي أمرا مرغوبا فيه، لكن تحقيق ذلك يتطلب تحولا كبيرا في النظام السياسي الدولي. وبالتالي فإن مجرد ترك ترسانة الولايات المتحدة للصدأ لن يؤثر بصورة واضحة على فرص القضاء على الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم.

إن إهمال التحديث لن يسهم في نزع السلاح— بل سيكون تصرفا مستهترا. إذا أصبحت القوة النووية الامريكية ضعيفة، فسوف يشجع ذلك الأعداء ويخيف الحلفاء ويخلق حالة من عدم الاستقرار الدولي ويضعف الأمن القومي الأمريكي. وبعبارة أخرى، سوف يهدد ذلك بتدمير العالم الموجود حاليا.

لذلك، وبدلا من التحضير لواقع بديل، تحتاج واشنطن لبناء قواتها النووية التي تحتاجها في هذا الواقع. يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على وضع نووي قوي وتحديث قواتها النووية بشكل كامل، على النحو المخطط له. وهذا يعني رفع مستوى جميع الركائز الثلاثة للثالوث النووي وتجديد الرؤوس الحربية النووية وتحديث مجمع الإنتاج، وإذا لزم الأمر، استدعاء الإرادة السياسية لبناء قدرات جديدة لتلبية الاحتياجات الجديدة. وكما قال وزير الدفاع تشاك هاجل في نوفمبر: "رادعنا النووي يلعب دورا حاسما في ضمان الأمن القومي الأمريكي، وهو المهمة الأولوية [لوزارة الدفاع]. فليس لدينا قدرة أخرى أكثر أهمية".

وقد يجادل البعض بأن التحديث في الولايات المتحدة سيثير ردود فعل في الدول الأخرى، مما يساهم في سباق جديد للتسلح— لكن خطط التحديث، كما أشرت أعلاه، تسير على قدم وساق في بقية دول العالم بغض النظر عن أي قرارات يتم اتخاذها في واشنطن. يستشهد النقاد أيضا بالتكلفة على أنها أحد العوائق، لكن التحديثات النووية، على أعلى تقدير، تمثل حوالي 5 في المئة فقط من ميزانية الدفاع. وبالتالي، توفر الأسلحة النووية رادعا استراتيجيا بسعر معقول. أو كما قال وزير الدفاع الجديد أشتون كارتر في عام 2013، "الأسلحة النووية لا تُكلف في الواقع الكثير".

وخلاصة القول، ليس هناك سبب وجيه يدعو الولايات المتحدة لعدم متابعة تحديث قواتها النووية كما هو مخطط لها. ربما سيأتي علينا يوم نتفاجأ فيه على نحو سار بتحقيق أحلامنا. لكن حتى ذلك الحين، يجب علينا القيام بمسؤولياتنا.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]