ما القوة التي تملكها الدول غير النووية؟

By Rodrigo Álvarez Valdés: AR, July 25, 2014

أحد التعريفات المعجمية لكلمة "راديكالي "هو "اتخاذ تدابير متطرفة للاحتفاظ بحالة سياسية معينة" . هذا التعريف يصف بدقة سلوك الدول المسلحة نوويا. إذ تعتمد هذه الدول على قدراتها النووية كمحور أساسي لوضعها الاستراتيجي وتمارس الراديكالية النووية لضمان مدى استمرار قدراتها على الاعتماد على الأسلحة النووية. من ناحية أخرى، المثاليون النوويون— الذين يضمون العديد، وليس كل، من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية— يعتبرون نزع السلاح حتمية أمنية ملحة وأولوية أخلاقية هامة. وسوف يبقى الراديكاليون والمثاليون دائما على طرفي نقيض، ويبدو أن تحقيق أهداف نزع السلاح لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أصبحت حلما بعيد المنال.

لقد تعاون كلا المعسكرين، برغم التوترات المتأصلة بداخلهم تجاه بعضهم، لتطوير آليات سياسية وتقنية لمراقبة وإدارة التقنيات النووية. وقد حققت هذه الهندسة المعمارية العالمية الكثير في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، وفي مجال السلامة والأمن النووي، وحتى في تخفيض مخزونات الأسلحة—لكنها عجزت عن تحقيق نزع كامل للسلاح. وقد يكون أسوأ من ذلك، أنها حددت بقسوة الدور الذي يمكن أن تقوم به الدول غير النووية في "السياسات النووية الحقيقية " المتعلقة بالمفاوضات الرامية لنزع السلاح العام. لطالما كانت، ولا تزال، العلاقات بين الدول النووية والدول غير النووية غير متماثلة تماما.

لقد فقدت الدول غير الحائزة للأسلحة النووية أكبر فرصها لتصحيح عدم التماثل هذا في عام 1995، وهو العام الذي تم تمديد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى أجل غير مسمى— في الواقع كان تمديد المعاهدة هو العنصر الوحيد الأكثر أهمية في المفاوضات التي أحاطت بالمؤتمر الاستعراضي لمعاهدة عدم الانتشار لعام 1995. كانت الدول غير النووية تمتلك حينها نفوذا، وربما كان بإمكانها استخدامها لفرض إجراء تحسينات على المادة السادسة من المعاهدة، والتي تتطلب من الدول مواصلة المفاوضات الرامية لنزع السلاح بحسن نية وفى وقت مبكر . لكن المادة السادسة ظلت دون تغيير— إذ بقيت معيبة كما كانت دائما. منذ ذلك الحين، والدول غير الحائزة للأسلحة النووية لديها دافع يجعلها تستذكر بتحسر عام 1995.

هل يمكن للدول غير النووية، بعد أن فشلت في الاستفادة من نفوذها في ذلك الحين، أن تلعب دورا جادا في نزع السلاح؟ هل يمكنها أن تضغط بطريقة مجدية على الدول المسلحة نوويا كي تنزع سلاحها— أو حتى تجبرها على القيام بذلك؟

ثمة شيء واحد مؤكد: يبدو أن صبر الدول غير النووية بدأ ينفد تجاه قنوات نزع السلاح القائمة. ومن الأمثلة على ذلك، الدعوى التي رفعتها جزر مارشال هذا العام في محكمة العدل الدولية ضد الدول المسلحة نوويا، بسبب فشلها في نزع أسلحتها. مشكلة الدعوى تكمن في أنه حتى لو حكمت المحكمة لصالح جزر مارشال، فإنه لن تكون هناك وسيلة لتنفيذ حكمها. وحتى لو تم فرض عقوبات من نوع ما على الراديكاليين النوويين، فإنهم على الأرجح سيعتبرون العقوبات غير ذي صلة بعملية نزع السلاح.

إن المطلوب ليس إجراءات قانونية، وإنما إجراءات سياسية. فمن خلال السياسة فقط يمكن للدول غير النووية أن تأمل في معالجة عدم التماثل الذي يميز علاقاتها مع الدول المسلحة نوويا.

أحد الطرق لمحاربة عدم التماثل قد يكمن في إنشاء منطقة عالمية خالية من الأسلحة النووية. هناك مساحات شاسعة من العالم—أفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ومنغوليا وجنوب شرق آسيا وجنوب المحيط الهادئ— هي بالفعل مناطق خالية من الأسلحة النووية. إذا تجمعت هذه المناطق معا، وشجعت على إنشاء مناطق جديدة في أماكن أخرى، فإن النتيجة ستكون كتلة سياسية جديدة كبيرة جدا، وحتى لو لم تتمكن من إجبار الدول المسلحة نوويا على الاستغناء عن أسلحتها، يمكنها على الأقل الانخراط في حوار معها على أساس أكثر مساواة. وبالمثل، يمكن للدول غير النووية الشروع في عملية تعديل المادة السادسة من معاهدة حظر الانتشار النووي لجعلها أكثر صرامة وأكثر تحديدا. قد تتطلب اللغة الجديدة أنه "بعد خمسة وعشرين عاما من تاريخ تمديد المعاهدة إلى أجل غير مسمى، سوف يعقد مؤتمر لتأسيس عملية واضحة لإجمالي نزع السلاح النووي بجدول زمني محدد".

ولكن بعد القيام بكل ذلك، كيف ستتحكم الدول غير النووية في عملية نزع السلاح؟ وكيف سيمكنها إجبار الدول المسلحة نوويا على القضاء على ترساناتها؟ في الحقيقة، الاحتمالات منخفضة في كلتا الحالتين. إن الدول المسلحة نوويا تتمتع بقوة غير متماثلة مقارنة بالدول الأخرى، وتغيير سلوكها سيكون صعبا للغاية .



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]