هدف طويل الأمد مقابل واقع قصير الأمد

By Hui Zhang: AR, May 8, 2015

جادل كل من بالديف راج وبي. آر. فاسوديفا راو بأن إعادة المعالجة والمفاعلات المولدة السريعة أمور ضرورية من أجل استدامة طويلة الأمد للطاقة النووية. في الواقع، إن إمكانات المفاعلات المولدة السريعة لإنتاج كميات وقود أكثر مما تستهلكه قد جذبت إليها الأنظار منذ ظهور الطاقة النووية، وخاصة أنظار الذين يتصورون أنه سيأتي وقت لن يكون فيه اليورانيوم متاحا بسعر رخيص. لكن للأسف، أظهرت التجارب على مدى عدة عقود أن أنظمة إعادة تدوير البلوتونيوم هى أكثر تكلفة وأقل موثوقية بكثير من المفاعلات التى يجرى تبريدها بالماء. وإذا كان المقصود من إيجاد طاقة نووية مستدامة هو إدارة القضايا الهامة مثل السلامة النووية ومقاومة انتشار الأسلحة النووية بنجاح وكذلك تحقيق قدرة تنافسية اقتصادية والتقليل من إنتاج النفايات المشعة واستخدام الموارد الطبيعية بحكمة، فإن المفاعلات السريعة وإعادة تدوير البلوتونيوم لا يزال أمامها الكثير قبل أن تتمكن من المساهمة في تلك الأمور بشكل فعال.

كتب راج وراو في مقالهما الأول أنه بالنسبة للدول التي لديها موارد محدودة من اليورانيوم مثل الهند والصين، "لن يصبح التوسع الكبير في الطاقة النووية مستداما بدون إعادة المعالجة وإعادة التدوير". لكن موارد اليورانيوم المحدودة في دولة ما لا يعيق بالضرورة تطوير تلك الدولة لطاقتها النووية. في الواقع، يمكن بشكل عام تصوير التوزيع العالمي لموارد اليورانيوم على النحو التالي: دول لديها مزيد من الطاقة النووية وموارد قليلة من اليورانيوم، ودول لديها مزيد من اليورانيوم وقليل من الطاقة النووية. إن مقايضة اليورانيوم تشكل بالطبع سوقا عالمية.

كتب أيضا راج وراو في مقالهما الثاني أنه "لا يمكن أن تُبنى المناقشات حول مصادر مستدامة للطاقة على المدى الطويل على الاقتصادات الحالية فقط. إذ سوف ترتفع أسعار اليورانيوم عندما تبدأ الامدادات في النفاد". لكن التوقعات في الماضي بأن أسعار اليورانيوم سترتفع باطراد قد ثبت خطؤها. حتى عندما زاد الطلب، ظلت أسعار اليورانيوم منخفضة نسبيا. وهذا لم يكن مفاجئا— إذ أن أسعار معظم المعادن انخفضت مقابل سعر الدولار الثابت على مدى القرن الماضي بينما زادت عمليات الاستخراج. وبالنسبة لليورانيوم، أدت زيادة الاستكشافات والتقدم التقني إلى زيادة الموارد المعروفة بشكل أسرع من نفاذ اليورانيوم. إن موارد اليورانيوم المعروفة هي مفهوم اقتصادي ديناميكي، وسوف يثبت بالتأكيد أن الموارد العالمية ستكون أكبر على المدى الطويل من الموارد الحالية المذكورة في الكتاب الأحمر.

جادل راج وراو أيضا لصالح إعادة تدوير البلوتونيوم على أساس أنها تنتج كميات من النفايات النووية أقل من الناتجة عن دورة وقود المرة الواحدة. لكن إعادة معالجة البلوتونيوم وإعادة تدوير ما زالت تنتج نفايات عالية المستوى الإشعاعي، ونفايات متوسطة المستوى الإشعاعي طويلة العمر، ونفايات منخفضة المستوى الاشعاعي. كل هذه الكميات الهائلة من النفايات يجب أن تدفن في النهاية، وبالتالي فإن إعادة المعالجة لا تلغي الحاجة إلى وجود مستودعات. علاوة على ذلك، يتم تحديد استيعاب المستودع الجيولوجي من خلال حرارة اضمحلال النفايات، وليس الحجم المادي للنفايات. وبالتالي، فإن المستودع الجيولوجي للنفايات عالية المستوى الإشعاعي الذي تدرس الصين إقامته في مقاطعة قانسو، سوف يتضاعف استيعابه ببساطة إذا تم فصل جميع عناصر ما بعد اليورانيوم عن النفايات النووية— وهى نفس الزيادة التي يمكن تحقيقها عن طريق الانتظار 100 سنة قبل دفن النفايات. لذلك، بدلا من قيام الصين ببناء مفاعل لإعادة المعالجة ذا تكلفة عالية، يمكنها أن تختار براميل التخزين الجاف منخفضة التكلفة نسبيا. في النهاية، سيزداد استيعاب المستودعات الجيولوجية بنسبة صغيرة للغاية عن طريق إعادة معالجة البلوتونيوم وإعادة تدويره لمرة واحدة عن طريق وقود الأكسيد المختلط.

وفيما يتعلق بمخاطر الانتشار التي قد تشكلها المفاعلات السريعة وإعادة المعالجة، كتب راج وراو بأن "مقاومة الانتشار يمكن أن تبنى بسهولة في تصميم دورة الوقود" وأن المعالجة الحرارية "توفر مقاومة كامنة للانتشار". صحيح أن المعالجة الحرارية لا تنتج البلوتونيوم النقي، بعكس طريقة بوريكس التقليدية لإعادة المعالجة. لكن المنتج النهائي للمعالجة الحرارية يكون أقل إشعاعا بكثير من الوقود المستهلك نفسه. ستكون عملية مباشرة نسبيا لفصل البلوتونيوم بعد اكتمال المعالجة الحرارية— وهذا أسهل من فصل البلوتونيوم من الوقود المستنفد مباشرة. صوّر أيضا راج وراو إعادة تدوير البلوتونيوم— مقارنة بالفصل— على أنها "إجراء لحظر الانتشار النووي". لكن إعادة تدوير البلوتونيوم والمفاعلات السريعة تتطلب أن يتم فصل البلوتونيوم في المقام الأول، مما يتيح استخدامه عسكريا. لقد استخدمت الهند بالطبع في تفجيرها النووي "السلمي" عام 1974 البلوتونيوم الذي قيل إنه تم فصله لاستخدامه في برنامجها للمفاعلات السريعة. وحتى إذا كانت الحكومات ليس لديها الرغبة في انتشار الأسلحة النووية، فإن البلوتونيوم المفصول أكثر عرضة للسرقة أو إساءة الاستخدام من الوقود المستهلك.

ختاما، جادل راج وراو بأن "الجيل الحالي يتحمل المسؤولية تجاه الأجيال القادمة فيما يتعلق بعدم استنزاف موارد اليورانيوم في العالم". لكن إذا كان الجيل الحالي غير قادر على ضمان التشغيل الآمن والسالم لمفاعلات الطاقة النووية اليوم، فما الفائدة من تعظيم موارد اليورانيوم للأجيال القادمة؟ وعلى وجه الخصوص، ما هي الفائدة من القيام بذلك من خلال المفاعلات المولدة السريعة وإعادة معالجة البلوتونيوم— وهى تقنيات جدلية تشكل مخاطر أمنية إضافية؟


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]