The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.
By Shahriman Lockman (AR), April 4, 2012
أدت كارثة محطة الطاقة النووية فوكوشيما دايتشي إلى إعادة النظر في مسألة امتلاك الطاقة النووية في بعض الجهات بالعالم، إلا أن هذه الحادثة لم يكن لها تقريبا أي تأثير يذكر على كثير من الدول النامية التي لديها برامج للطاقة النووية. يتوقع أن تبدأ كل من بنغلاديش وبيلاروسيا وتركيا وفيتنام في بناء أولى محطاتهم النووية في المستقبل القريب ومن المرجح أن تحذو عدة دول نامية أخرى حذو تلك الدول في السنوات القادمة لكن هل الطاقة النووية مفيدة بالضرورة للتنمية الاقتصادية لتلك الدول؟
يقوم مؤيدوا القدرة النووية غالبا بإبراز قدرتها على توفير الطاقة التي تتطلبها الاقتصادات المتوسعة. في الواقع وفي أحسن الظروف فإن العلاقة بين الطاقة النووية والتنمية الاقتصادية واهية للغاية. صحيح أن محطات القدرة النووية رخيصة نسبيا من حيث التزويد بالوقود والتشغيل، لكن من المعروف أن تكلفة إنشائها عالية جدا. وقد أشار إلى ذلك الفيزيائي البرازيلي جوزيه جولدمبرج إن أي دولة ناتجها المحلي الإجمالي أقل من 50 مليار دولار قد لا تستطيع شراء مفاعل نووي. (أن كثير من الدول النامية الأخرى، حسب جولدمبرج، تعتبر غير مؤهلة لامتلاك الطاقة النووية بسبب عدم كفاية شبكاتها الكهربائية). يضاف إلى نفقات البناء، تجاوز التكاليف الذي يعتبر شيئا معتادا في صناعة المفاعلات النووية: المفاعلات النووية في الولايات المتحدة البالغ عددها 75 والتي بدأ إنشاؤها في الفترة ما بين 1966 و 1977 تجاوزت تكاليف انشائها في المتوسط أكثر من 200 بالمائة. علاوة على ذلك، فقد ارتفعت تكاليف المواد والخبرات اللازمة لبناء المفاعلات النووية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في ظل زيادة الطلب العالمي على الطاقة النووية.
وبالرغم من هذه الحقائق المالية، تعد القدرة النووية خيارا جذابا لامتلاك الطاقة في عدد من الدول النامية، خاصة تلك الراغبة في تعزيز تأمين إمداداتها من الطاقة. وقد علق على ذلك خبير الطاقة دانيال يرجين بقوله إن العديد من الدول النامية توازن بين تأمين الطاقة والقدرة على الحفاظ على ميزان مدفوعاتها أمام تقلبات أسعار الطاقة. وبالتالي، فإن عددا من الدول النامية، التي لديها إمكانيات محدودة من موارد الطاقة المحلية والتي تتوقع ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي والفحم على المدى الطويل، قد بدأت التفكير في اعتماد الطاقة النووية. في ماليزيا، على سبيل المثال، يرجع الاهتمام بالطاقة النووية في غالبيته إلى احتمالية، ما لم تكتشف الدولة في المدى القريب مصادر جديدة للنفط والغاز (وهو أمر غير مرجح بسبب النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي)، أنها ستصبح مستوردا للطاقة بالكامل بنهاية هذا العقد. وعلى الأرجح، فقد أثرت كذلك المخاوف بشأن تأمين الإمدادات على قرارات فيتنام وبنغلاديش باعتماد برامج الطاقة النووية.
المسألة الشائكة. إن من المؤكد، إذن، أن عددا من الدول النامية سيسعى لامتلاك مفاعلات نووية في السنوات المقبلة. لكن هل سيزيد ذلك بالضرورة من خطر انتشار الأسلحة النووية؟
إن من الصعب القول بخلاف ذلك. لكن ربما لا يكون هذا الخطر كبيرا بدرجة تجعله يستحق تلك المخاوف الشديدة. وقد قيل إنه حتى لو زاد بناء المفاعلات النووية بمقدار عشرة أضعاف فلن يكون لها تأثير كبير على الانتشار النووي، وأن القضية الأساسية التي تمثل خطر الانتشار النووي لا تكمن في عدد الدول التي تستخدم الطاقة النووية، بل في عدد الدول المارقة التي تعتزم تطوير أسلحة نووية. في الحقيقة، المفاعلات النووية، خصوصا مفاعلات الماء الخفيف التي هي الآن معيار الصناعة، لا تمثل مخاطر كبيرة للانتشار النووي في حد ذاتها بل إن الخطر يكمن في منشآت التخصيب وإعادة المعالجة والتي تنتج وقودا للمفاعلات ، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تنتج موادا انشطارية لغايات صنع أسلحة نووية.
إن ذلك يثير سؤالا شائكا: هل ينبغي على الدول التي تعتمد الطاقة النووية أن تحتفظ بمنشآتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة. بعبارة أخرى، هل ينبغي على تلك الدول أن تطور دورة الوقود النووي خاصتها بنفسها. إن معاهدة عدم الانتشار النووي تفترض أن هذه الدول لديها كل الحق في القيام بذلك، إذ تسلم المادة الرابعة بـ “الحق غير القابل للتصرف” لاستخدام “الطاقة النووية للأغراض السلمية”. ويفهم عموما من هذه العبارات القوية أن ذلك يشمل دورة الوقود بأكملها.
ومع هذا، فإن الغالبية العظمى من الدول التي تمتلك، أو تخطط لبناء، مفاعلات نووية أظهرت اهتماماً ضئيلا بإقامة منشآتها الخاصة بالتخصيب وإعادة المعالجة، ليس اقلها بسبب الاستثمارات الكبيرة المطلوبة. كما تدرك هذه الدول أن إقامة منشآت جديدة للتخصيب وإعادة المعالجة يضع ضغوطا إضافية على قدرة المجتمع الدولي على مراقبة الامتثال لعدم الانتشار. لذا، فضلّت هذه الدول شراء الوقود الذي تحتاجه من مصادر خارجية.
وبرغم ذلك، فقد أبدت تلك الدول موقفا فاترا تجاه مقترحات لجعل دورة الوقود متعددة الأطراف، سواء كانت هذه المقترحات تتمثل في بنوك الوقود أو إدارة متعددة الأطراف لتلك المنشآت أو ضمانات الإمداد بالوقود. تخشى بعض الدول من أن مثل هذه الترتيبات قد تخلق فجوات لا رجعة فيها بين الدول المزودة والمشترية – ما أوجد تآكلا للحقوق المقررة بموجب المادة الرابعة من المعاهدة.
سبلا المضي قدما. بالرغم من عدم وجود اتفاق كبير حتى مع غياب توافق عريض في الآراء حول نهج متعدد الأطراف لدورة الوقود، توجد مجموعة من التدابير المتاحة لتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية. كما ورد في مذكرة صادرة عن مجلس التعاون الأمني في آسيا والهادي، وهو شبكة من المنظمات الإقليمية غير الحكومية ، فإن هذه التدابير قد تشمل تعزيز أنظمة فعالة لمراقبة الصادرات لمنع التقنيات والمواد النووية من الوقوع في الأيدي الخطأ. من الخطوات الهامة أيضا وجوب التأكد أن لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية موارد مالية كافية للقيام بأنشطة في مجالات التعاون التقني والتفتيش وإنفاذ القوانين.
يمكن القيام بالكثير لغرس ثقافة الأمان والأمن في الدول التي ستعتمد الطاقة النووية في المستقبل. مثلا، لا يكفي أن تقوم الدول بتدريب المسؤولين لديها عن إنفاذ القانون على منع وكشف والتحرك ضد الاتجار غير المشروع بالمواد النووية ، بل يجب أيضا توعية المسؤولين، من خلال تقدير حقيقي، لماذا نحتاج الى منع الانتشار. في بعض الدول النامية يُعتبر خطر الانتشار النووي هاجسا غريبا لدول العالم المتقدم، بدلا من أن يمثل تهديدا حقيقيا لأمنها الخاص. هذا النوع من المواقف يحتاج الى ان يبدد إذا أردنا أن يظل النظام العالمي لمنع الانتشار فعالا على المدى البعيد.
Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]