المشكلة حقيقية

By Carlos M. Correa: AR, March 13, 2015

شارك كل من فريدريك أبوت وأحمد عبد اللطيف بمقالات مدروسة جيدا في الجولة الأولى من هذه المائدة المستديرة. حيث ركز عبد اللطيف على فكرة أنه يجب أن تكون المناقشات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وتغير المناخ "منظمة وتدريجية". بينما أكد أبوت على "مسارات وسطى" والتي قد "تسمح للدول الفقيرة بالحصول على موارد بديلة للطاقة وتقنيات التخفيف دون اللجوء إلى التراخيص الإجبارية". لكن على الرغم من نهجىّ المؤلفين المدروسين جيدا، فإن مقالاتهما تؤكد على حقيقة أن حقوق الملكية الفكرية تمثل مشكلة بالنسبة للدول النامية التي تسعى للحصول على تقنيات الطاقة منخفضة الكربون.  

وكما ذكر عبد اللطيف، فقد تم تحديد المشكلة منذ زمن طويل— في جدول أعمال القرن 21، وهى خطة عمل للتنمية المستدامة تم اعتمادها في قمة الأرض الأولى في عام 1992. لكن في عام 1994، وكأحد نتائج المفاوضات التجارية واسعة النطاق، نجحت الدول المتقدمة في أن تفرض على الدول النامية معاهدة دولية (الاتفاقية المتعلقة بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية أو "تريبس") والتي تنص على المعايير الدنيا لحماية الملكية الفكرية— والتي تشمل الالتزام بمنح براءات الاختراع في جميع مجالات التقنية. بعد ذلك بعامين، اقترحت الحكومة الهندية إجراء تغييرات جوهرية في تلك المعاهدة من أجل تعزيز نقل التقنيات السليمة بيئيا. وفي الآونة الأخيرة، اقترحت الإكوادور عمل استثناء من حماية براءات الاختراع، على أساس كل حالة على حدة، للاختراعات التي يمكن أن يكون نشرها أمرا حيويا من أجل التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره. كما اقترحت الإكوادور أيضا أن يتم، في حالات معينة، تقليل مدة حماية براءات الاختراع لمثل هذه الاختراعات. إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء ملموس في منظمة التجارة العالمية لمعالجة القضايا التي تدعم هذه المقترحات.

أثارت الدول النامية أيضا حقوق الملكية الفكرية في المفاوضات التي أجريت في ظل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ولا سيما في مؤتمر كانكون للتغير المناخي، الذي عقد في المكسيك عام 2010. غير أن الدول المتقدمة قاومت بشدة جميع المقترحات التي أشارت إلى هذه الحقوق. وهذا ينطبق أيضا على التوصيات المحايدة المتعلقة بالحقوق، وهى صريحة في اتفاق تريبس، للاستفادة من "المرونات" مثل الترخيص الإلزامي. وقد ذكر أبوت بشكل صحيح أن جميع الدول لديها الحق في تجاهل براءات الاختراع من خلال إصدار تراخيص إجبارية عند الحاجة إلى ذلك. لكن الدول المتقدمة تقاوم بشدة الاعتراف بذلك.

ليس من المفيد للدول المتقدمة أن تبدي عدم رغبتها في معالجة القضايا المتعلقة بالملكية الفكرية وتغير المناخ في المحافل الدولية (سواء في منظمة التجارة العالمية أو اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية). إذ إن الرسالة التي تفهم من عدم رغبتها هذه هى أن الوضع الراهن المتلعق بالملكية الفكرية ليس قابلا للنقاش وأن المخاوف المشروعة للدول النامية لا تستحق حتى المناقشة. إن الدول المتقدمة تنفي وجود مشكلة من الأساس. لكن المشكلة موجودة بالفعل— طالما أن نظام التملك الخاص بالابتكارات قد يرجئ لمدة 20 عاما ( وهى المدة العادية لبراءة الاختراع) إدخال تقنيات جديدة في الدول النامية (التي تمثل غالبية دول العالم).

إن تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات التي تواجهها الإنسانية ويتطلب التصدي له بناء رؤية طويلة الأمد ترتكز على المساواة والتضامن. ولا يمكن لأي مجتمع دولي مسؤول أن يتجنب ببساطة المشاكل التي تحيط بحقوق الملكية الفكرية وتغير المناخ؛ لكن بدلا من ذلك، ينبغي على الدول أن تشجع إجراء مناقشات جادة لهذه القضايا وأن تتأكد من إشراك جميع أصحاب المصلحة في هذه المناقشات، ولا سيما العلماء والمجتمع المدني.



Topics: Climate Change

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]