معركة لا يجب خسارتها

By Pablo Solón: AR, November 27, 2013

في خضم اجتماع المائدة المستديرة هذا، كانت تجرى في وارسو محادثات عالمية بشأن المناخ شاركت فيها 193 دولة. قبل ذلك بأيام، ضرب اعصار هايان الفلبين، مخلفاً وراءه آلاف القتلى وقرابة 4 ملايين مشرّد.  

قد يتوقع المرء أن يُحدث اعصار بقوة هايان مزيدا من الأهمية لمفاوضات المناخ (برغم أنه  ليس من الممكن أن نعزوا حدثا مناخيا واحدا لظاهرة الاحتباس الحراري). وقد يتوقع المرء أن تتعهد الدول بإجراء تخفيضات أكبر لانبعاثات الكربون، وأن تتعهد الدول الغنية بتقديم دعم كبير لمبادرات مثل صندوق المناخ الأخضر لكن المفاوضات في وارسو سارت على نحو عكسي. فقد تراجعت اليابان، خامس أكبر باعث للكربون في العالم، عن تعهدها السابق بالحد من انبعاثاتها عام 2020 إلى 6 في المائة أقل من مستويات عام 1990، أى أن انبعاثاتها سوف تزيد بنسبة 3 في المائة عن مستويات عام 1990. وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات صدرت خلال انعقاد مؤتمر وارسو بأن التعهدات لصالح صناديق المناخ الدولية المقدمة حتى الآن في عام 2013 انخفضت بنسبة 71 في المئة مقارنة بنفس الفترة في عام 2012.  

وعندما أشكو للمفاوضين بأن محادثات المناخ مخيبة للآمال، يقول بعضهم إن "هذه هي الكيفية التي تجرى بها المفاوضات." إن التفاوض بشأن تعهد بالحد من الانبعاثات، ناهيك عن التفاوض بشأن التزام راسخ، يستغرق وقتا طويلا ويتسم بالصعوبة— والمفاوضون، الذين يتلقون تعليماتهم من العواصم الوطنية، ليسوا مخوليين للمضي قدما في المحادثات من تلقاء أنفسهم. ويقول البعض الآخر إنه ليس هناك مغزى من مطالبة الدول بفعل أكثر مما هي على استعداد للقيام به، وبالتأكيد يجب أن تكون المعاهدة الجديدة بشأن المناخ مصممة لتناسب أجندات الولايات المتحدة والصين (على الرغم من أن مثل هذه الاتفاقية ستكون مصممة في الواقع لإحراق كوكب الأرض). بينما "في بعض الأحيان" ما زال بعض المفاوضيين الآخرين يقولون إن "الحكومات سوف تستجيب لأزمة المناخ". ولكن متى؟ كم من البشر ينبغي أن يلاقي حتفه أولا؟ وماذا لو جاءت استجابة الدول متأخرة جدا بحيث تكون فرصة الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى يمكن تحمله قد ضاعت؟

لن تحل مشكلة المناخ من خلال مفاوضات المناخ الدولية. وليس هناك أمل في الحكومات، التي تركز على الانتخابات المقبلة أو الضرورات السياسية الأخرى، والتي استولت عليها الشركات والنخب. إن النخب ببساطة لا تهتم بالاعاصير المدمرة وما شابه ذلك. إذا بدأ تغير المناخ في إزعاجهم، فيمكنهم أن يستقلوا الطائرة إلى جزء آخر من العالم، ويشترون منازل جديدة ويبدأون أعمالا جديدة.

إن الأمل يكمن في الناس ويجب أن تخرج الحلول المناخية من شوارع واشنطن وبكين وأماكن أخرى. يجب أن يبدأ الناس في إدراك أن العدالة المناخية لا تهم فقط المدافعيين عن البيئة ونشطاء المناخ ولكن جميع من على هذا الكوكب. إن الأمر يهمهم، على سبيل المثال، لأن الحكم الديمقراطي والتوظيف على المدى الطويل غير متوافق مع المجتمعات التي علاقاتها بالطبيعة غير متوازنة على نحو سيئ. الاقتصادات التي تنمو خارج الحدود التي تفرضها الطبيعة عليها سوف تنهار عاجلا أو آجلا.

سوف تتغير السياسات الوطنية والعالمية للمناخ عندما تقوم حركات اجتماعية قوية بتبني الكفاح من أجل العدالة—عبر الدول وعبر القارات، وعلى جميع الأبعاد الاقتصادية والسياسية والبيئية. ويجب أن يتبنى هذا الكفاح أهدافا ملموسة مثل اغلاق مناجم الفحم، ووقف بناء خطوط الأنابيب، ووقف مشاريع التكسير، وفرض الضرائب على الكربون، والحفاظ على أراضي السكان الأصليين، ووضع حد للاستيلاء على الأراضي. يجب متابعة هذه الأهداف من خلال وسائل متنوعة— من خلال الضغوط السياسية ومقاطعة المستهلكين والعصيان المدني والإضراب عن الطعام. إن أكبر ميزة للرأسمالية هى الجمود، والتغلب عليه يتطلب إشراك العمال والفلاحين والسكان الأصليين والنساء والشباب والجماعات الدينية والمهاجرين والمثقفين والفنانين ونشطاء حقوق الإنسان.

إن الكفاح الحالي هو لوقف غضب المناخ وخلق عالم يُحترم فيه البشر والطبيعة، وتلك معركة لا يجب خسارتها.



Topics: Climate Change

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]