The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.
By Sagar Dhara: AR, November 10, 2015
يمتلك البشر قدرة فريدة على تطوير التكنولوجيا التي تؤدي إلى تحويل الطاقة. فعندما تبنى مجتمع صائدي الحيوانات-جامعي الثمار مهنة الزراعة، زاد استخدامهم للطاقة تدريجيا بمقدار ألف ضعف عبر تطورات تكنولوجية شملت تدجين الحيوانات المستخدمة في الأعمال الشاقة، واستخدام النار لأغراض تنظيف وإخلاء الأراضي الزراعية، وصناعة الطوب وصهر المعادن. واستتبع ظهور المجتمعات الصناعية زيادة أخرى بمقدار 50 ضعفًا.
وقد دأب البشرعلى تقديم حقهم في الطبيعة على حقوق الأجناس الأخرى فيها، وهي العادة التي ارتكز عليها نمو استخدام الطاقة. كما اعتمد هذا النمو أيضًا على الملكية الخاصة للطبيعة، التي تتيح لأي مستثمر ــ فردًا كان أو شركة أو دولة ــ أن يقوم باستثمارات صغيرة في مجال الطاقة تُولد كميات كبيرة من الطاقة الفائضة، والتي تؤدي بدورها إلى تحفيز التطور البشري والتشجيع على إحداث تغييرات في أنماط الحياة، كما أن الرغبة في التطور تؤدي إلى مزيد من النمو في استخدام الطاقة.
وقد لعب الوقود الأحفوري بكل صوره، بما يتميز به من كثافة طاقة عالية، دورًا رئيسًا في قصة النمو البشري. ففي عام 2012، وهو أحدث عام صدر بشأنه أرقام من الوكالة الدولية للطاقة، وفرت أنواع الوقود الأحفوري 82 بالمئة من الطاقة الأولية في العالم ــ وهي المسؤولة، إضافة إلى التغيرات في استخدام الأرض، عن انبعاثات سنوية من ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 40 جيجا طن. ولأن نصف هذه الانبعاثات لا يعاد عزلها في باطن الأرض، فإنها تمثل السبب الرئيس للاحترار العالمي.
ما الحل إذًا؟ إنه يتألف من جزأين ــ أحدهما تكنولوجي والآخر سياسي فلسفي. ويجب تنفيذ شطري الحل معًا إذا أُريد تجنب التأثيرات المدمرة الأشد خطورة لظاهرة الاحترار العالمي.
المشكلات في كل مكان. أولاً، الجانب التكنولوجي. لابد أن يسارع البشر إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. لكن هل سيجدي فعلًا في هذا الشأن تطبيق أيٍ من الأساليب التكنولوجية لخفض الانبعاثات؟
أحد الحلول المرشحة تقترح اشتقاق الطاقة من الكتلة الحيوية، التي توفر بالفعل 10 بالمئة من الطاقة التي يستخدمها الناس. وتعد الكتلة الحيوية موردًا واسع الانتشار، ويمكن تحويله بسهولة لتوفير خدمات الطاقة. لكن هناك للأسف إفراط في حصاد الكتلة الحيوية ــ إذ يستخدم الناس 16 بالمئة من الطاقة التي تنتجها النباتات كل عام. ولن يؤدي المزيد من الحصاد إلا إلى استفحال الجروح البيئية القبيحة على الكوكب، التي سبّبها بالفعل استخلاص الكتلة الحيوية، من خلال إزالة الغابات والتغييرات الأخرى في استخدام الأراضي.
توفر الطاقة الكهرمائية 4 , 2 بالمئة من الطاقة الأولية في العالم، لكن 40 بالمئة من طاقتها المحتملة القابلة للاستغلال قد استُنزفت بالفعل. كما زادت المعارضة للسدود لأنها تدمر الغابات والأراضي الزراعية الواقعة في اتجاه معاكس للتيار المائي، فضلاً عن إمكانية تعرض المناطق الواقعة في اتجاه التيار للغرق عند إطلاق المياه الفائضة من الخزانات. وبالتالي بات من المستبعد توسيع نطاق استخدام الطاقة الكهرمائية كثيرًا إلا في بعض المناطق التي تنتشر فيها التلال.
أما الطاقة النووية، فتوفر حوالي خمسة بالمئة من احتياجات البشر من الطاقة. لكن العالم الآن بصدد الابتعاد عن الطاقة النووية الحرارية. فهي طاقة قذرة ــ حيث يحمل استخراج اليورانيوم عواقب صحية خطيرة، وهناك نحو 300 ألف طن متري من الوقود النووي المستنفد عالي الإشعاع قد تم تخزينها في مواقع المفاعلات النووية حول العالم. وهي أيضًا طاقة غير آمنة ــ فقد وقعت بالفعل ثلاث حوادث كبرى في مفاعلات للطاقة. كما أنها عرضة لسوء الاستخدام ــ إذ يمكن تحويل اليورانيوم المخصب لتصنيع القنابل النووية. كذلك فإن هذه الطاقة مكلفة ــ فهي أغلى بكثير من الوقود الحفري.
بعد ذلك، تأتي الطاقة الشمسية المركزة والخلايا الكهروضوئية والرياح، وكلها مجتمعة توفر واحد بالمئة من الطاقة العالمية. وتنمو هذه المصادر بمقدار 15 إلى 40 بالمئة في العام، لكن لها عيوب عدة. فهي تعاني من التقطع، ولا يمكن وضعها إلا في المواقع الملائمة، كما لا يمكن استخدامها مباشرة للتنقل والسفر، إضافةً إلى أن لها تأثيرات بيئية يتم إغفالها غالبًا. كذلك تتطلب منشآت توليد طاقة الرياح ومصانع الخلايا الكهروضوئية مساحات أكبر بكثير من تلك التي تتطلبها مصانع الوقود الأحفوري. وتشير التقديرات الواقعية إلى أن طاقة الرياح القابلة للاستغلال يمكن أن تفي بخمسة بالمئة فقط من الطلب العالمي على الطاقة في الوقت الحالي، وأن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون تنبعث من تصنيع المعدات الخاصة بتوليد الطاقة من الرياح والشمس. كما لا تزال هذه المصادر أعلى تكلفة من الوقود الأحفوري.
ماذا عن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه حتى لا يتسرب أبدًا إلى داخل الغلاف الجوي؟ لأسباب عدة، تراجع الحماس لاستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) . بدايةً، هناك 14 مشروعًا عاملاً فقط يطبق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، إضافة إلى ثمانية أخرى تحت الإنشاء. تمثل طاقة هذه المشروعات معًا عُشر واحد بالمئة فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الحالية. كما أن كثيرًا من هذه المشروعات مدمجة مع مشروعات للاستخلاص المعزز للنفط ــ مما يضيع أثر الانخفاضات في الانبعاثات التي حققتها تقنية احتجاز وتخزين الكربون.
في الوقت نفسه، يُنظر أحيانًا إلى كفاءة الطاقة على أنها طريق سهل لخفض الانبعاثات. لكن هناك حد لمدى ما يمكن تحقيقه من خلال كفاءة الطاقة. علاوة على ذلك، ستصدق هنا مفارقة "جيفونز"— بمعنى أنه إذا زاد توفر الطاقة بسبب زيادة الكفاءة، ستصبح الطاقة أرخص والاستهلاك أعلى.
منهج مختلف. حتى الآن، تعد ألمانيا وكوبا أكثر الدول نجاحًا في الابتعاد عن الوقود الأحفوري. فألمانيا تضمن تعريفات ثابتة لمنتجي الطاقة المتجددة، أما كوبا فقد ركزت على الكفاءة، إضافة إلى الزارعة العضوية التي تؤدي إلى الحفاظ على الطاقة من خلال تخفيض الاحتياجات من المياه، وتقليل استخدام معدات الزراعة، ونبذ الأسمدة والمبيدات. ويمكن نقل النموذج الألماني إلى الدول المتقدمة، لكن لا يمكن تطبيقه في الدول النامية، نظرًا لأن نسبة كبيرة من مالكي مولدات الطاقة المتجددة هم أفراد أو تعاونيات أو مجتمعات، ومثل هذه الكيانات في الدول النامية تفتقر إلى رأس المال اللازم للاستثمار في الطاقة المتجددة. كما أن التجربة الكوبية هي الأخرى تعد أصعب في التطبيق، لأن الزراعة العضوية ليست مجزية كالزراعة التجارية.
ولكي تستمر الحضارة على نحو مستدام، يجب على البشر الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الشمسية ــ رغم المشكلات التقنية التي تعترض ذلك. فهناك حاجة للاستثمار في الطاقة البيولوجية وابتكارات الطاقة المنخفضة الأخرى. لكن في النهاية، يجب تقليص الاستهلاك العالمي من الطاقة بنحو 60 بالمئة. وسيتطلب ذلك عددًا من التغييرات العميقة غير التكنولوجية. كما يجب إرساء مبدأ العدالة في استخدام الطاقة بين دول العالم ــ إذ ينبغي ألا يستخدم مواطنو الدول الغنية، كما يفعلون اليوم، مئات أضعاف ما يستخدمه مواطنو الدول الأشد فقرًا من الطاقة. ويجب التخلص من مفهوم حقوق ملكية الطبيعة، وإبداله بالحق في استخدام الطبيعة دون تدميرها. كذلك يتحتم على الاقتصاد العالمي أن يعطي الأولوية لمبدأ "تقليص المخاطر للجميع" بدلاً من "تعظيم المكاسب لقلة بعينها". ولابد أيضًا من تأسيس اقتصاد حالة مستقرة ــ أي اقتصاد مستدام يحافظ على توازن الطبيعة.
إن لمثل هذه التغييرات مقتضيات ثورية. إذ يجب أن تقلص الولايات المتحدة وكندا استهلاكهما من الطاقة بنحو 90 بالمئة، كما يجب أن تخفض أوروبا وأستراليا وجنوب آسيا واليابان استهلاكها بمقدار 75 بالمئة تقريبا. ولابد أن تتقلص رقعة المدن بشكل كبير، وأن تختفي فروق الطاقة بين المناطق الحضرية والريفية. كما يجب إعطاء الأولوية للمحلية وتقليل مركزية الحكم. كذلك يجب تنفيذ معايير متماثلة فيما يتعلق بالمخاطر والانبعاثات تكون ملزمة للجميع.
الحلول التكنولوجية للتغير المناخي ستكون صعبة التنفيذ، وإن كانت التحديات السياسية والفلسفية أصعب، إلا أنه يمكن التغلب عليها إذا حارب الناس أنفسُهم من أجل المطالب التي رفعها كثيرون خلال مسيرات من أجل المناخ العام الماضي، وعلى رأسها "حافظوا على المناخ، وغيروا الاقتصاد!"
إذا لم تسفر مثل هذه المطالب عن تغير سريع وملموس، يبقى الأمل في أن يستطيع البشر تشكيل مجتمعات مستدامة، عادلة وسلمية، وإلا سيقوم الاحترار العالمي بتنفيذ تغييراته المؤلمة للغاية.
Topics: Climate Change
Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]