الأسلحة المستقلة والبحث المضني عن السلامة المدنية

By Monika Chansoria: AR, January 13, 2016

أبدى الكاتبان الآخران في هذه المائدة المستديرة مخاوف معقولة بشأن الأسلحة المستقلة، لكنهما أوْلًيا قدرا قليلا من الاهتمام بمذابح المدنيين التي يرتكبها إرهابيون— هذه المذابح التي ربما تسهم أنظمة الأسلحة المستقلة بموجب قانون تنظيمي فعال في تخفيضها في يوم من الأيام.

إن الأسلحة المستقلة الفتاكة تستلزم وضع قانون تنظيمي دولي فعال— هذه هى إحدى النقاط التي يتفق عليها جميع الكتّاب في هذه المائدة المستديرة. لكن الكاتبة هيذر روف جادلت لصالح فرض حظر شامل على الأسلحة المستقلة بالإضافة إلى تنظيمها. غير أن سنّ حظر شامل يعتبر أمرا مستبعدا. مما يجعل وجود قانون تنظيمي دولي، تتم إدارته بواسطة نظام فعال، هو السبيل الوحيد للمضي قدما في هذا الصدد. ومن الناحية المثالية، فإن مثل هذا القانون التنظيمي سوف يقلل من الأضرار الجانبية التي قد تنتج عن استخدام الأسلحة المستقلة، كما سينظم تطوير الأسلحة وانتشارها. إلا أن الغاية القصوى من أي نظام تنظيمي سوف تتمثل في تعزيز فرص الأسلحة المستقلة للمساهمة في السلامة المدنية بدلا من الانتقاص منها.

إذن، هل هناك احتمال أن تشكل الأسلحة المستقلة مخاطر على المدنيين؟ بالتأكيد. فكما جادلت روف في الجولة الأولى، بأنه على الرغم من أن التطورات التقنية في المستقبل قد تمكن الأسلحة المستقلة من تحديد أهداف مشروعة، فإن هذه التطورات "لن تضمن عدم استهداف المدنيين". لكن هذه الملاحظة، برغم صحتها، تغفل المخاطر المُعَرّض لها المدنيون من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تزدهر بسبب عدم إمكانية تمييزها عن السكان المدنيين المحليين. لنأخذ الهند كمثال توضيحي. وفقا لمعهد ادارة الصراع في نيودلهي، فإن حوالي 21 ألف شخص هندي من المدنيين وأفراد الأمن قد قتلوا في أعمال عنف إرهابية منذ عام 1988. لذا، رغم أنه لا يمكن القول بأن الأسلحة المستقلة سوف تعزز بالضرورة من سلامة المدنيين بدلا من الانتقاص منها— لأنها لا تزال تقنية قيد التطوير— يمكن للمرء أن يجادل عن اقتناع بأن سلامة المدنيين، في عدم وجود أسلحة مستقلة، مهددة بشدة من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية. في الواقع، فإنه من الصعب في ظل هذه الظروف التوصل إلى "فهم واضح" لمصطلح "السلامة المدنية" كما تريد روف. إذ إن أي بحث من هذا القبيل، وسط حركات التمرد والحروب الأهلية أو أنواع أخرى من العنف اللامتماثل، سوف يكون مضنيا.

في الوقت نفسه، جادل باولو سانتوس بأنه تم "تقبّل الأسلحة المستقلة في الحروب" لأن المجتمع الحديث قد تقبل "الحرب على أنها لعبة فيديو". ولكن في مكان مثل الهند، لم يتقبل المجتمع الحرب مطلقا—بل إن الحروب بأشكالها غير التقليدية وغير المتماثلة وغير المنتظمة تم فرضها على الهنود من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية والعابرة للحدود الوطنية. حيث تتلقى هذه المجموعات من دول أو هيئات حكومية متواطئة الموارد اللازمة للقيام بأعمال إرهابية. هذه النوعية من الحروب، التي تهدد السكان المدنيين، تخلق حالة من عدم استقرار في المنطقة، هذه الحالة في حد ذاتها يمكن أن تفرخ مزيدا من الأعمال الإرهابية أو حركات تمرد مسلحة.

إن الدول الديمقراطية المنفتحة التي تعتبر الحرية قيمة أساسية— وهى الدول التي يسعى قادتها للتصرف كأصحاب مصالح دوليين مسؤولين— لا تستهدف المدنيين الأبرياء. لكن الذي يستهدفهم هى الشبكات غير الحكومية التي توظف العنف الجماعي ضد المدنيين لصالح أجنداتها الخاصة. مثل هذا الاختلال في التوازن يضع الدول الديمقراطية في وضع سيئ بشكل تلقائي ويعرض المدنيين لخطر داهم. إذا كان بإمكان أنظمة الأسلحة المستقلة بموجب قانون تنظيمي فعال منع القتل الجماعي للمدنيين مع التقليل من الأضرار الجانبية، فهى إذن تستحق الدراسة الجادة باعتبارها تقنية مشروعة يمكن توظيفها أثناء النزاعات والحروب.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]