The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

الأسلحة المستقلة: التوازن على حبل مشدود

By Monika Chansoria: AR, December 8, 2015

عندما أصدر باحثون في مجال الذكاء الاصطناعي رسالة مفتوحة في شهر يوليو دعوا خلالها إلى فرض حظر على "الأسلحة الهجومية المستقلة الخارجة عن السيطرة الفعلية للبشر"، حددوا أن الحظر قد يشمل أسلحة من نوعية "طائرات مسلحة رباعية المراوح" قادرة على تحديد وقتل أشخاص "تنطبق عليها معايير معينة محددة مسبقا". لكن الحظر لم يشمل "صواريخ كروز أو طائرات بدون طيار موجهة عن بعد التي يتخذ البشر جميع قرارات الاستهداف الخاصة بها". لذا، فمن الجدير بالملاحظة أن الحظر المقترح لن يمنع عددا من الاسلحة المستقلة التي قد تم نشرها بالفعل—لأن هذه الأسلحة تم تصنيفها بأنها دفاعية.

وتشمل هذه الأسلحة نظام فالانكس الصاروخي التابع للبحرية الأمريكية—"وهو نظام سريع الإطلاق خاضع لتحكم الكمبيوتر وموجه بالرادار" وهو قيد الاستخدام منذ عام 1980، كما اعتمد الجيش الأمريكي مؤخرا نسخة من هذا النظام يتم إطلاقه من الأرض. ونظام الدفاع الألماني إن.بي.إس مانتيس المستقل ذاتيا بالكامل والذي يستطيع كشف القذائف وتتبعها والاشتباك معها وإطلاق النار عليها. ونظام الدفاع الصاروخي الاسرائيلي "القبة الحديدية" الذي يعمل بشكل مستقل، إلا في حال استشعر تهديدا، فإنه يطلب تدخلا بشريا لاتخاذ قرار سريع بشأن اطلاق النار أو عدم الإطلاق.

مثل هذه الأنظمة مقبولة عموما كأدوات مشروعة للحرب. لكن الأسلحة الهجومية المستقلة ذاتيا بالكامل هي مسألة مختلفة. فهى تطرح أسئلة صعبة حول ما إذا كان بإمكان هذه الأسلحة الالتزام بالواجب الأخلاقي لحماية أرواح المدنيين خلال الصراعات. وهناك أيضا واجب أخلاقي آخر يتم التغاضي عنه بسهولة في هذا النقاش: وهو حماية المدنيين المعرضين للخطر من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية التي ترتكب عمدا أعمال عنف جماعي وإرهاب ضد الأبرياء.

من وجهة نظري، أي اقتراح لحظر الأسلحة المستقلة الفتاكة يجب أن يأخذ في الاعتبار الحروب غير التقليدية وغير المتماثلة وغير النظامية التي تقوم بها الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تتجاوز الحدود الوطنية—وآثار هذه الصراعات على المدنيين. تزدهر غالبا الجهات الفاعلة غير الحكومية على وجه التحديد بسبب عدم إمكانية تمييزها عن السكان المدنيين المحليين. وتزدهر أيضا من خلال الاستفادة من المناطق الوعرة مثل الجبال والصحاري، ومن خلال التسلل عبر الحدود التي يسهل اختراقها، ومن خلال الاعتماد على مساعدات دول أو جهات حكومية متواطئة. يمكن للجيوش التغلب أحيانا على المزايا التي تتمتع بها الجهات الفاعلة غير الحكومية، لا سيما من خلال الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا بما في ذلك الطائرات بدون طيار (المدعومة باستخبارات جيدة). لكن الجيوش تجد إشكالية كبيرة أمام تحقيق النصر على الجهات الفاعلة غير الحكومية بالشكل التقليدي. وفي مقابل ذلك، تكافح الجيوش من أجل حماية المدنيين.

هل يمكن لأسلحة مستقلة بالكامل ذات قدرات متطورة للغاية القيام بتغيير هذه المعادلة؟ هل يمكنها، بدلا من تعريض المدنيين للخطر، إنقاذ حياة الرجال والنساء والأطفال الذين يقعون بدون ذنب في مناطق نزاعات عنيفة؟ إذا تمكنت الأسلحة المستقلة من أن تشل أهداف العدو مع تقليل الأضرار غير المرغوب فيها، فإنها تستحق أن يُنظر إليها بجدية كأسلحة يتم استخدامها في قتال جهات فاعلة غير حكومية وإرهابيين.

ليس هناك سلاح موجود حاليا يمكن وصفه بشكل صحيح بأنه سلاح هجومي مستقل قادر على قتل أهداف مشروعة بينما يتجنب قتل مدنيين. إن الذكاء الاصطناعي الحالي، والذي لا يمكنه استنساخ الذكاء البشري والقدرة على إصدار الحكم، يضع تحديات أساسية أمام سلامة المدنيين إذا تم نشره في ساحة المعركة. لكن من الأهمية بمكان أن نتذكر أن تكنولوجيا الأسلحة المستقلة هى حقل متطور. إن الأبحاث والتطورات المستقبلية قد تجعل من الممكن ترميز الآلات بقدرات للحكم النوعي والتي ليست ممكنة حاليا. التطورات التكنولوجية في المستقبل قد تسمح للأسلحة المستقلة بالتفوق على البشر في المواقف التي تحدث في ساحة المعركة.

في النهاية، أنا أفضل تنظيم استخدام الأسلحة المستقلة بدلا من فرض حظر شامل على هذه التكنولوجيا بأكملها. لكن فرض حظر شامل يبدو أمرا مستبعدا على أية حال. على سبيل المثال، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية "نحن لا نرى أن هناك حاجة لفرض حظر" على الأسلحة المستقلة القاتلة لأن "القانون الإنساني الدولي يوفر بالفعل تنظيما كافيا في هذه الناحية". إن ما نحتاجه في رأيي هو إطار تنظيمي يحد من معدل الفتك لأنظمة الأسلحة المستقلة في المستقبل. كذلك نحتاج إلى البحث في الوسائل (برمجة مطورة، مثلا) التي من شأنها أن تحد بشكل كبير من وقوع ضحايا مدنيين بسبب أسلحة مستقلة.

أخيرا، يظل التناسب هو محور الاهتمام الأساسي، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الجوانب الأخرى للصراعات أو الحروب المعاصرة. في الواقع، يهمني القول بأنه يمكن اعتبار الأسلحة الفتاكة المستقلة أسلحة أخلاقية طالما أن الأضرار الجانبية التي تسببها لا تتجاوز مساهماتها في السلام والأمن والاستقرار ومنع سفك دماء المدنيين على نطاق واسع.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]