الأسلحة المستقلة: ليست أذكى من القنابل الذكية فحسب

By Heather Roff: AR, January 13, 2016

من السهل أن نفترض أن الأسلحة المستقلة سوف تفوق قدرة البشر على اتخاذ القرار في ساحة المعركة في يوم من الأيام، وذلك لأن قدرتها التقنية تتحسن باستمرار. فالبشر يُصيبهم التعب على أية حال. كما يُضللون بسهولة أو يكونون متعصبين أيديولوجيا أو يفتقرون إلى إصدار حكم سليم. لكن الأسلحة المتطورة تقنيا لن تعاني من أي من هذه العيوب.

لكن هذا الافتراض ليس له أساس في الواقع، ويُعد أساسا ضعيفا لاتخاذ قرارات حول مستقبل الأسلحة المستقلة.

زميلي في هذه المائدة المستديرة، باولو سانتوس، كتب يقول إنه لا يوجد دليل علمي يدعم فكرة أن الآلات ربما "تظهر قدرا من الذكاء البشري". لكنه لا يستبعد فكرة أنه "قد تقلل الأسلحة المستقلة من وقوع خسائر بين المدنيين الى الحد الأدنى بينما تحسن من إمكانية تنفيذ مهام ناجحة". هنا يسير سانتوس على خط رفيع وغريب بعض الشيء— كما يفعل الشيء نفسه عندما يتعلق الأمر بحظر الأسلحة المستقلة أو تنظيمها. فهو يفضل ألا يكون هناك وجود للأسلحة المستقلة مطلقا. لكنه يشعر بالقلق لأن فرض حظر، وهو أمر غير ممكن عمليا، من شأنه أن يشجع على إنشاء مختبرات سرية. لذا فقد انحاز إلى جانب التنظيم.

في الوقت نفسه، تشعر مونيكا تشانسوريا بقلق بالغ إزاء حماية المدنيين من الإرهابيين. وعلى هذا الأساس فهى تجادل ضد حظر الأسلحة المستقلة. لكن أنظمة الأسلحة المستقلة ليس لها علاقة بالإرهاب، ولا تشكل وسيلة لاستهداف الإرهابيين. هذه الأنظمة ليست وسيلة لـ"كسب" "الحرب" ضد الارهاب. إنما هى مجرد أسلحة يمكنها تتبع الأهداف واختيارها وإطلاق النار عليها من دون تدخل بشري.

غير أنه إذا رغب المرء أن يعتقد، كما تعتقد تشانسوريا، بأن أنظمة الأسلحة المستقلة سوف تكتسب في يوم ما القدرة على التمييز بين الإرهابيين والمدنيين (وبالتالي تتتبع وتختار إنسانا دون آخر)، إذن يجب على المرء أن يعتقد أنه سيتم دمج ذكاء اصطناعي متطور للغاية في هذه الأنظمة بحيث تفوق الذكاء البشري في القدرة على القيام بتمييز معين.

إذا لم أفترض أن التقنية سوف تعتمد على ذكاء اصطناعي يفوق الذكاء البشري، سيكون من الصعب علىّ أن أتصور كيف ستكون مثل هذه الأنظمة قادرة على تحديد الأفراد الذين لا يرتدون زيا رسميا موحدا لكنهم يشاركون بفعالية في أعمال عدائية. وعلى حد قول ستيوارت راسل، وهو خبير بارز في مجال الذكاء الاصطناعي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "(المقاتل) لا يندرج تحت الفئة البصرية". بل تحت فئة من الأشخاص الذين يعملون في مجموعة غير محددة من الأنشطة. مما يعني أنه إذا لم يرتدِ البشر أجهزة استشعار يمكن أن تتبعها الأسلحة المستقلة، فلن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تقديم "تفسيرات ذات مغزى للصور" (على حد قول سانتوس) في ساحة معركة معقدة حيث يشترك البشر في مجموعة غير محددة من السلوكيات.

إن الحصول على وضوح بشأن الأسلحة المستقلة يعني التخلي عن فكرة أنها ليست سوى أسلحة أكثر ذكاء من القنابل الذكية. إن الذخائر الموجهة بدقة والتي "تقلل من الأضرار الجانبية" تكون فقط دقيقة في قدرتها على تحديد موقع معين في وقت ومكان محددين. لكن يظل هذا الموقع مُحددا من قبل الإنسان، سواء تم رسمه بواسطة إنسان يستخدم الليزر أو تم توجيهه بواسطة إحداثيات وأقمار صناعية. فالإنسان هو من يختار هذا الهدف. أما دقة السلاح فتهتم فقط بإمكانية إصابة السلاح المكان المحدد بالضبط. لكن في المقابل، تقوم الأسلحة المستقلة باختيار أهدافها الخاصة، وكذلك اختيار الذخيرة التي ستطلقها نحو الهدف. هذه الذخيرة قد تكون "قنبلة ذكية" أو "قنبلة غبية" لكن الدقة ليست هى القضية هنا. فالقضية هى اختيار الهدف ذاته.

لذا، ليس من المفيد خلط المسائل من خلال إساءة تصنيف الأسلحة المستقلة، أومناقشة انتشارها في بيئات غير ملائمة من الناحية العملية، أو افتراض أن تطويرها سوف ينتج عنه حرب نظيفة مع أضرار جانبية أقل. هذه الأساليب لا تقدم شيئا لمواجهة التحديات الحقيقية التي تشكلها الأسلحة المستقلة. إن ما نحتاجه حقا هو أن يقوم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة باتخاذ موقف حاسم وفي الوقت المناسب في هذا الشأن. كيف يمكن أن ينجح القانون التنظيمي؟ ما هو الشكل الذي يمكن أن يتخذه الحظر؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن تجيب عليها الدول الأعضاء. وقد حان الوقت لبدء الإجابة على هذه الأسئلة وأن نتوقف عن الانخراط في ثرثرة بلا معنى.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]