The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

تقليل الخطر وزيادة التوتر

By Charles Piani (AR), August 21, 2013

يعتبر التحكم في الحصول على مواد انشطارية من أحد أهم التدابير التي يمكن اتخاذها لمنع انتشار الأسلحة النووية، ومن المعترف به على نطاق واسع أن اليورانيوم عالي التخصيب يشكل تهديدا بالانتشار سواء استخدم في تطبيقات عسكرية أو مدنية . وهذا يفسر التوجه الدولي  في تفضيل اليورانيوم منخفض التخصيب على اليورانيوم عالي التخصيب. لكن ما هي التحديات التي تواجهها الدول النامية التي تختار خيار خفض اليورانيوم عالي التخصيب؟

في العالم النامي، هناك استخدمان لليورانيوم عالي التخصيب لهما صلة بمبادرات خفض التخصيب: كوقود لمفاعلات الأبحاث التي لم يتم بعد، أو لا يمكن تحولها لتعمل باليورانيوم منخفض التخصيب، وكأهداف  تحتوي اليورانيوم القابل للإنشطار لإنتاج النظائر المشعة للاستخدام الطبي. (هناك استخدامان آخران قد يتم مناقشتهما في المستقبل: وقود المفاعلات البحرية ووقود المفاعلات السريعة).

في بعض الأحيان تستخدم المنظمات، التي تشجع على التحول إلى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، مثل الإدارة الوطنية الأمريكية للأمن النووي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، سياسة العصا والجزرة لتشجيع الدول النامية على  التحول. في سياسة العصا، قد تلوح هذه المنظمات مهددة بفكرة أن الدول النامية سوف تفقد إمداداتها من اليورانيوم المخصب إذا لم تتحول إلى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب. أما في سياسة الجزرة، فقد تقترح هذه المنظمات تقديم دعم للدول النامية متمثلا في مبادرات بحثية وإنمائية أو فرص لتصدير النظائر المشعة. تحاول العديد من الدول النامية، استجابة منها لضغوط سياسية أو قيود تجارية، وفي محاولة منها لإثبات تعاونها دوليا، خفض استخدامها لليورانيوم عالي التخصيب بقدر الإمكان. ومع ذلك، ثمة صعوبة أمام مفاعلات الأبحاث في العالم النامي، وهي أن مديري المنشئات غالبا ما يواجهون ضغوطا لخفض التكاليف التي تتحملها الجهات  الممولة — والتحول إلى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، سواء لاستخدامه كوقود أو أهداف، ويتضمن تكاليف مالية كبيرة .

يكلِّفُ كثيراً؟ العديد من مفاعلات الأبحاث التي تستخدم اليورانيوم عالي التخصيب كوقود غير مظطرة الى التحول الى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب — فلديهم  مخزونٌ من الوقود يكفي للعديد من دورات التشغيل. لكن بالنسبة للمفاعلات التي تتطلب امدادات جديدة من الوقود، فثمة سؤال ذو شقين يطرح نفسه: هل يمكن عمليا للمفاعل أن يتحول ليعمل باليورانيوم منخفض التخصيب، وهل يمكن تنفيذ  التحول بطريقة فعالة  وإقتصادية؟ وفي حال قررت إدارة المفاعل التحول، فيجب أن تجد الدعم المالي المناسب كي تضمن أن التحول لإستخدام اليورانيوم منخفض التخصيب يتم على نحو سلس، يكفل الاستدامة التشغيلية للمنشأة .

تُشكًل مسألة التحول إلى استخدام أهداف اليورانيوم منخفض التخصيب لإنتاج النظائر المشعة الطبية مجموعة مختلفة من القضايا.  إن انتاج النظائر المشعة صناعة دولية رئيسة؛ الموليبدينوم 99 وعلى الأخص منتجه الاضمحلالي تكنيتيوم  99 (وهو نظير طبي متبدل الاستقرار) يلعب دورا في تلبية احتياجات نحو 30 مليون حالة علاجية سنويا. تاريخيا، اعتمدت هذه الصناعة على تشعيع الأهداف الحاملة لليورانيوم عالي التخصيب ( غالبا  يخصب اليورانيوم 235 لأكثر من 90 في المئة). يتطلب التحول إلى استخدام أهداف اليورانيوم منخفض التخصيب زيادة محتوى اليورانيوم المستهدف ضعفين أو أكثر، وهذا يمثل تحديا تقنيا. إضافة إلى ذلك، إذا أريد الحفاظ على مستوى إنتاج النظائر المشعة، فستكون هناك حاجة إلى مزيد من الأهداف، كما سيتم إنتاج كميات أكبر من النفايات .

ثمة عقبة أخرى وهي أنه غالبا ما تطلب عملية التحول الى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب في المنشآت، سواء أكان ذلك وقوداً أو أهدافاً تخضع للتحول، وقتا طويلا قد يبلغ عدة سنوات، وخلالها يجب أن يتم تحديث التراخيص النووية والتصاريح باستعمال التطبيقات الطبية. كل هذا يستلزم مقدما تكاليف هائلة، والتي سيتحملها إما المفاعل أو منتج النظائر المشعة، أو إحدى الجهات  الممولة الرئيسية (الحكومة، على سبيل المثال). إضافة إلى ذلك، فإن مفاعلات الأبحاث والمنشئآت المنتجة للنظائر المشعة ينبغي أن يكترثوا لخسائر المبيعات خلال أي تحول، بمعنى أنه غالبا ما يتطلب تنفيذ التحول حتى مع استمرار عمليات الإنتاج القائمة. وهذا له آثار كبيرة على القدرات والتكاليف .

غالبا ما تكون الخيارات المالية محدودة بالنسبة لمفاعلات الأبحاث في العالم النامي التي تواجه مثل هذه القضايا. هذه المفاعلات يمكنها أن تطلب المساعدة من الجهات الداعمة مثل الحكومة. كما يمكنها محاولة إدارة التمويل المتوفر من الإنتاج التجاري للنظائر المشعة، أو يمكنها، عندما يكون ذلك متاحا، أن تطلب المساعدة من الدول المتقدمة أي الحوافز. (غالبا ما يتم تحقيق أفضل النتائج من خلال الجمع بين كل هذه الأساليب الثلاثة.) جاءت المساعدة التقنية والمالية من الدول المتقدمة عن طريق، ضمن مصادر أخرى، وزارة الطاقة الأميركية ومبادرة الإدارة الوطنية الأمريكية للأمن النووي المعروفة باسم برنامج خفض التخصيب في مفاعلات البحث والاختبار، وكذلك أيضا البرنامج الروسي لاسترداد وقود مفاعلات الأبحاث، حيث نالت كلتا المبادرتين دعما تنظيميا وماليا كبيرا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

حد منخفض جدا؟ عندما تناقش الدول المتقدمة والنامية مسألة  خفض اليورانيوم عالي التخصيب، تتصدر عادة مسألة  تحول المفاعلات إلى اليورانيوم منخفض التخصيب جدول الأعمال. ويأتي في المرتبة الثانية إزالة المواد النووية والتخلص منها في الوقت المناسب من المنشئآت التي لم تعد تستخدم هذه المواد. وللمساعدة في تحول المفاعلات، غالبا ما توفر الدول المتقدمة تقييمات حسابية مدعومة عن جدوى تشغيل المفاعلات باستخدام اليورانيوم منخفض التخصيب والزيادات المتوقعة في التكاليف لإنتاج النظائر بعد التحول. إزالة المواد نووية والتخلص منها يثير عدة مسائل من بينها التخزين الآمن للمواد الانشطارية المستخدمة حتى يمكن معالجتها بشكل مناسب أو إعادة تصديرها. وقد تم إحراز تقدم كبير في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بإعادة المواد الانشطارية المستخدمة من مفاعلات الأبحاث إلى الولايات المتحدة وروسيا، ولكن لا تزال هناك بعض المشاكل — مثل كيفية إعادة المواد المقترنة بالوقود والتي لم تنشأ في الولايات المتحدة أو روسيا. إضافة إلى ذلك، فإن برنامج مواد الفجوة، وهو  جزء من "المبادرة الأمريكية للحد من التهديد العالمي" التي تهدف إلى معالجة المواد ذات المخاطر العالية ولم تعالج في أية برامج أخرى ، يبدو خاملا .

إلى جانب كل هذا، السؤال المطروح في اجتماع المائدة المستديرة هذا — "ما هي الطريقة المثلى التي تستطيع من خلالها الدول المتقدمة التحفيز على برامج خفض اليورانيوم عالي التخصيب في الدول الناشئة والنامية؟" يقتضي إيضاح عبارة " خفض اليورانيوم عالي التخصيب ".

إن الدافع لخفض اليورانيوم عالي التخصيب له علاقة كاملة بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وبالجهود التي تبذلها نحو 200 دولة موقعة على منع انتشار الأسلحة النووية. ان خفض استخدام اليورانيوم عالي التخصيب في الإستخدامات المدنية هو نتيجة طبيعية للمعاهدة. لكن على الرغم من وجود مناقشات منتظمة حول هذه المسألة، لا يوجد إجماع عالمي حول ماذا يعني خفض اليورانيوم عالي التخصيب ، في مقابل التخلص من اليورانيوم عالي التخصيب. وعلاوة على ذلك، هناك شك كبير يحيط بفكرة أن جميع مستويات استعمالات اليورانيوم عالي التخصيب تمثل مشكلة انتشار حقيقية .

اليورانيوم عالي التخصيب، من حيث التعريف، هو الذي تزيد فيه نسبة تركيز اليورانيوم 235 عن 20 في المئة؛ واليورانيوم منخفض التخصيب هو الذي تقل فيه نسبة تركيز اليورانيوم 235 عن 20 في المئة. والسؤال الذي أطرحه هنا، ربما يكون خلافيا إلا إنه مع ذلك يستحق النظر: لماذا لا يتم زيادة نسبة التركيز المحددة لليورانيوم منخفض التخصيب إلى أكثر من 20 في المئة، وذلك لمساعدة مفاعلات الأبحاث في جميع أنحاء العالم النامي على التغلب على التحديات التقنية والمالية التي تواجهها في عملية التحول؟


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]