The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

زمن التخلص من الحذر المبني على ردود الأفعال

By P. R. Kumaraswamy (AR), September 28, 2013

ظهر توافق في الآراء في اجتماع المائدة المستديرة هذا على أنه لا يجوز استغلال  المخاوف من الانتشار النووى لحرمان الدول النامية من الحق في استخدام الطاقة النووية. وبينما يمثل الانتشار النووى مصدر قلق لا يمكن الاستخفاف به؛ فإنه لا يمكن كذلك تجاهل المخاوف المفرطة من القدرة النووية لدي معارضي الانتشار النووى( خاصة منظمات المجتمع المدني التى تقف في مقدمة الصفوف للحملة المضادة للطاقة النووية).

إن أزمات الطاقة المزمنة التي تواجه العديد من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لا تعتبر خبراً مكرراٌ جيدا. إذ في أغلب الأحيان لا يشكل نقص الطاقة خبراً  على الإطلاق. في الوقت ذاته، فإن الحوادث النووية التى وقعت في تشيرنوبل ومحطة فوكوشيما داي اتشي للقدرة النووية يبدو انها نقلت رسالة قوية ومميتة مفادها: ليس مرة اخرى مطلقاً . وبقدر ما كانت هذه الحوادث رهيبة ،فإن من الضروري إبقاء الأمور في نصابها: الحادث الصناعي عام 1984 في بوبال، الهند، أدى الى حصول عدد أكبر من الوفيات الآنية من تلك الناتجة من تشيرنوبل (علي الرغم من أن الخسائر على المدي الطويل لهذين الحادثين لا يزال حصرها جاريا).

لكن على الرغم من الافتقار الى الإهتمام بمشكلات نقص الطاقة في الدول النامية، فإن الاعتماد المزمن أو المتنامي علي واردات الوقود التقليدي على وجه التحديد هو السبب الذي دفع بعض الدول الى استخدام القدرة النووية او التفكير في اعتمادها. في الهند و الصين وحتي اليابان لا يمكن فصل الاعتماد على الطاقة النووية عن الاعتماد على الوقود التقليدي. ولكن هناك اشكالات دائمة تواجه مثل هذا الاعتماد بسبب تقلب الأسعار وعدم الاستقرار السياسي في منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط — كما أن العقوبات النفطية الجديدة ضد ايران جعلت المعاملات التجارية النفطية أكثر صعوبة ومكلفة .

ورغم أن الدافع لفرض عقوبات علي ايران هو مخاوف الانتشار النووي، فإن هذه العقوبات نفسها تزيد الحاجة للطاقة النووية. إن الدول التى تعتمد علي واردات الوقود مثل الصين والهند يتوقع بشكل متزايد أن تنظر للطاقة النووية كخيار يشمل تعزيزأمن الطاقة لديها وتقليل التدخل الغربي في الأجلين المتوسط والبعيد. وربما تميل هذه الدول أيضاً الى إستخدام نفوذها المالي المتزايد لتحدي سياسات الطاقة النووية الغربية.

وعلي الرغم أيضا من كل هذه المخاوف إزاء الانتشارالنووي، فكم من الدول فى الواقع سعت للتسلح على مر السنين؟ بعد مرور مايزيد على الستة عقود علي انفجارات هيروشيما و نجازاكي تسعة دول فقط هي التي تمتلك أسلحة نووية. وفي حين أن بعض الفضل في ذلك يرجع إلى نظام حظر الانتشار النووي، فإنه من المهم ان نضع في الاعتبار أن التسلح في حد ذاته أمر مكلف ومحفوف بالمخاطر. في الحقيقة، فإن التكاليف الأمنية المترتبة على تطوير السلاح النووى قد تفوق التحديات التقنية والمالية لذلك العمل. في حالة إيران علي سبيل المثال، قد يؤدى التسلح إلي تقويض المصالح الأمنية للبلاد من خلال تشجيع الدول العربية أو حتي تركيا علي البحث عن مظلة نووية أو أسلحة نووية .

ولا تتبع الدول مثل هذا المسار دون إجراء تقييم جدي للمخاطر، ومن ثم يكون قرار المساهمة في الانتشار مبني علي حسابات دقيقة. لذا فإن التركيز المفرط على قرار دول قليلة بالمساهمة في الانتشار يدخل الإرباك للنقاش العالمي حول إحتياجات الطاقة.

لكي يصبح أكثر فعالية ،فإن المجتمع الدولي المعني بعدم الانتشار النووي يحتاج إلي التدخل الجاد في أزمات الطاقة التي تواجه العديد من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط. مثل هذا التدخل يحتاج بالضرورة الى التعرف علي العوامل التى تدفع الدول النامية الي التطلع الى  الطاقة النووية، كما ستقدم ثلاث فوائد متميزة.

أولاً، إذا تخلي المعنيون بعدم الانتشار النووي عن ميلهم الى  التشكيك في أية دولة تسعي الى القدرة النووية، لاستطاعوا بفعالية اكير أن يحددوا الدول التي تسعى بالفعل للمساهمة في الانتشار النووى ويتصرفوا بحزم لتقييدها. ثانياً، سيكون في استطاعة الدول المتقدمة تقديم المزيد من الاسهامات للتقدم الاقتصادي للعالم النامي إذا نظرت الي القدرة النووية باعتبارها منصة للنمو.

ثالثاً، ربما يشجع العالم المتقدم على إجراء نقاش موضوعي حول القدرة النووية داخل الدول النامية لو أنه توقف عن وضع العوائق في طريق استخدام العالم النامي للطاقة النووية. الطاقة النووية ،بعد كل ذلك، ليست الدواء الشافي لكل المشكلات الاقتصادية الاجتماعية في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض — في الحقيقة فإنها مع ذلك قد لا تصلح علاجاً لنقص الطاقة. وكما أشار كلاً من جيلبرتو ام. جانوزي وشهرمان لقمان في اجتماع المائدة المستديرة هذا، فالقدرة النووية ليست باهظة التكلفة فقط، ولكنها في كثير من الاحيان قد يكون لها نتائج عكسية بيئياً  وتقنيا علي الدول النامية. ستظل تلك الحقائق محجوبة ما دام العالم الثري يخفق في التعامل مع القدرة النووية باعتبارها مجرد خيار آخر للطاقة. واذا ما تم تصحيح هذا الاخفاق، فلربما تمكنت الدول النالمية من التعامل علي نحو أكثر واقعية مع قضايا مثل الجدوى الاقتصادية من الطاقة النووية وملف الأمان– وفي نهاية المطاف ستختار البحث عن احتياجاتها من الطاقة من خلال وسائل أقل تعقيداً.

ينبغي على دعاة عدم الانتشار النووي أن يتعرفوا علي تحديات الطاقة التى تواجه البلدان النامية وفصل تلك التحديات عن مخاوف الانتشار. خلاف ذلك، فإن عدم الانتشار النووي سيصبح قوة تحول دون صناعة قرار رشيد في العالمين المتقدم والنامي علي حد سواء.



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]