مستقلة ذاتيا وغير خاضعة للمساءلة

By Paulo E. Santos: AR, December 22, 2015

بالرغم من اتفاق المشاركين في الجولة الأولى من هذه المائدة المستديرة على أنه ينبغي أن تكون الأسلحة المستقلة خاضعة لتنظيم دولي، لم يخصص أي منهم وقتا كافيا لدراسة الكيفية التي يمكن من خلالها إنشاء مثل هذا الإطار التنظيمي.

ربما كان ذلك راجعا إلى أن المؤلفين الثلاثة ركزوا على عدة نقاط—برغم أنه يصعب الاختلاف عليها— كان من المهم توضيحها في البداية. إذ ينبغي أن تمثل سلامة المدنيين أولوية قصوى في زمن الحرب وزمن السلم على حد سواء. وأنه ليس بإمكان الأسلحة المستقلة أن تزيد من فرص النجاح العسكري وأن تقلل من خطر الأضرار الجانبية في الوقت الحاضر، لكنها قد تكتسب تلك القدرات في يوم من الأيام. وأنه يمكن أن تقوض الأسلحة المستقلة المتقدمة، في حال تم نشرها، حقوق الإنسان الأساسية.

في ضوء ما سبق، جادلت أنا ومونيكا تشانسوريا لصالح تنظيم الأسلحة المستقلة بدلا من حظرها— على الرغم من أن كلانا توصّل إلى هذا الرأي لأسباب مختلفة للغاية. أما هيذر روف فقد جادلت لصالح التنظيم والحظر على السواء. غير أن  كل مؤلف ناقش بإيجاز كيفية إنشاء قانون تنظيمي— وهو أمر صعب باعتراف الجميع. إن الهدف من الأسلحة المستقلة، بحكم التعريف، هو قيامها باتخاذ قرارات من تلقاء نفسها. فكيف يمكن تحديد مسؤولية الجرائم التي ترتكبها؟ وعلى من يقع اللوم إذا تعطلت إحدى الأسلحة المستقلة الفتاكة؟

ولك أن تأخذ في الاعتبار عدد المرات التي سمعت فيها عبارة مثل "المشكلة نجمت عن خطأ في النظام". مثل هذا الوصف يوقف عادة إجراء مزيد من المناقشات. لذلك فمن السهل أن نتخيل سيناريوهات يتم فيها قتل مدنيين أبرياء، ربما بالعشرات، دون أن يخضع أحد للمساءلة لأن اللوم يقع على "خطأ في النظام". إذن على من يقع اللوم؟ هل يقع على قائد المهمة العسكرية الذي نشر سلاحا مستقلا، متوقعا أنه سيتعامل مع هدف ملائم؟ أم يقع على مطوري الأسلحة الذين ليس لهم أية علاقة بتحديد الأهداف؟

إن الأسلحة المستقلة سوف تخلق بشكل تلقائي ثغرات في المساءلة. لكن تحديد المسؤولية عن أفعال الآلات العسكرية المستقلة لا ينبغي حقا أن يختلف كثيرا عن تحديد المسؤولية عن العمليات العسكرية الأخرى: إذ ينبغي أن تتبع المسؤولية التسلسل القيادي. لذا، ينبغي على المنظمة أو الأفراد الذين أصدروا الأمر باستخدام سلاح مستقل أن يتحملوا مسؤولية أفعال تلك الآلات. ولا ينبغي أبدا أن يكون "فشل النظام" مبررا لخسائر بشرية لا داعي لها. إذا أدرجت تلك الفكرة في القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي— الذين يحكمان حاليا العناصر البشرية فقط، وليس الآلات— فقد يقدم هذان المجالان من القانون الدولي (اللذان تناولتهما روف باستفاضة في الجولة الأولى) أساسا كافيا لتنظيم الأسلحة المستقلة.  

لقد تعلم البشر كيفية التعايش مع الابتكارات العسكرية بدءا من القصف الجوي وانتهاءً بالأسلحة النووية. كما تعلموا التعايش حتى مع الهجمات الإرهابية. وبطريقة مماثلة، سوف يعتاد الناس على الاستقلالية المتزايدة في الآلات القاتلة. لكن لا ينبغي أبدا أن يحول ذلك دون تقديم الأشخاص المسؤولين عن جرائم حرب إلى العدالة، بغض النظر عن الأدوات المستخدمة في ارتكاب تلك الجرائم.

من جانب آخر، ليس من الواضح ما إذا كان المجتمع الدولي سوف يكتشف حالات قامت فيها أسلحة مستقلة بقتل مدنيين أبرياء. كما أن السرّية التي تكتنف برنامج الولايات المتحدة العسكري  للطائرات بدون طيار لا تبعث كثيرا على الثقة في هذا الصدد. إن الثغرات التي تتعلق بالمساءلة تكون شائعة في زمن الحرب. هذه الثغرات تنجم عن السرية الكامنة في العمليات العسكرية وعدم اكتراث وسائل الإعلام والمواقف العامة النابعة من الجهل. إن الثغرات المتعلقة بالمساءلة—والتي ستظل باقية سواء في وجود الأسلحة المستقلة أو عدم وجودها—سوف تحرك عقرب الدقائق في ساعة يوم القيامة باتجاه منتصف الليل بشكل أسرع من الأسلحة المستقلة.


Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]