The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

وجهان لعملة واحدة

By Evgeny Buzhinsky: AR, June 18, 2013

مراجعة الموقف النووي للولايات المتحدة (إبريل 2010) يَنُم عن عقيدة نووية تعكس عن كثب سياسات إدارة أوباما ويقدم ابتكارات استراتيجية جوهرية. يبرز التقرير الحاجة إلى الاحتفاظ بقدرة للردع النووي – لكنه أيضا يقلل من ” أهمية الأسلحة النووية في الشؤون الدولية” ويؤكد على وجود نية لتخفيض الترسانة النووية للولايات المتحدة.

تنص العقيدة الجديدة على أن “الدور الأساسي لأسلحة الولايات المتحدة النووية، والتي سوف تبقى طالما وجدت أسلحة نووية، هو ردع أي هجوم نووي على الولايات المتحدة أوحلفائها أوشركائها.” لكن الولايات المتحدة “ستنظر فقط في استخدام الأسلحة النووية في الحالات القصوى للدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها”. تم تخفيض دور الأسلحة النووية في ردع الهجمات التقليدية والكيميائية والبيولوجية – وتؤكد الوثيقة أن الترسانة النووية التي ورثتها الولايات المتحدة منذ فترة الحرب الباردة لا تتناسب مع التحديات التي يشكلها الإرهابيون والأنظمة العدائية التي تسعى للحصول على أسلحة نووية. لذلك، تقرر الوثيقة أنه “من الضروري أن نجعل سياساتنا وأوضاعنا النووية متوافقة بشكل أفضل مع أولوياتنا الأكثر إلحاحا – منع الإرهاب النووي وانتشار الأسلحة النووية”.

التزام الولايات المتحدة بـ”المحاسبة الكاملة لأي دولة أو جماعة إرهابية أو أي جهة فاعلة غير حكومية أخرى تدعم أو تمكّن محاولات إرهابية من الحصول على أو استخدام أسلحة الدمار الشامل” يبدو أنه يعني أن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لوقف انتشار أسلحة الدمار الشامل من خلال جميع الوسائل الممكنة، والتي تشمل الخيارات العسكرية – لكني على يقين بأن استخدام الأسلحة النووية في هذا السياق مستبعد. ومع ذلك، فالالتزام لا يعزز الأمن الدولي، لأن الخيارات العسكرية المتوقعة في إطار هذه السياسة ستكون على الارجح بمثابة قرارات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة باستخدام القوة ضد دولة ذات سيادة أو جهة فاعلة غير حكومية تعمل داخل حدود دولة ذات سيادة. وهذا لا يسهم في عملية نزع السلاح (النووي وغيره) لأن اعتماد الولايات المتحدة على الخيارات العسكرية غير النووية يفترض أن الأسلحة التقليدية الحالية سوف يتم تحسينها وأن أسلحة جديدة سوف يتم تطويرها، مما يعطي حافزا جديدا لسباق التسلح العالمي. إن ذلك يساهم إلى حد ما في عمليات منع الانتشار النووي، على الأقل بقدر ما يرتبط هدفه مع تلك العمليات.

على أية حال، أنا واثق من أن مجمل السياسة الأمريكية التي أُعرب عنها في مراجعة الموقف النووي تُقر بأن الأسلحة النووية قد يكون لها تأثير عكسي على انتشار أسلحة الدمار الشامل – وهذا يعني، أنه كلما زاد الاعتماد على الأسلحة النووية كوسيلة للردع، قد ترغب دول أخرى في الحصول على تلك الأسلحة. علاوة على ذلك، أوضح لي التقرير أن الرئيس أوباما وإدارته يدركان أن الأسلحة النووية لا يمكنها حل المشاكل الحيوية للقرن 21: انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب والصراعات الإقليمية والهجرة الجماعية للاجئين التي قد تنتج عن تلك المشاكل والحروب الإلكترونية والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع بالمخدرات. إن تقليص دور الأسلحة النووية في سياسة الولايات المتحدة الأمنية هو أمر إيجابي بشكل لا لبس فيه.

غير أن هناك وجها آخر للعملة. فقد أخفق تقرير مراجعة الموقف النووي في تحديث السياسات المتعلقة بنشر وتحديث القوات النووية وبنياتها التحتية، كما أن طريقة مراجعة الموقف النووي لعملية التحديث تؤكد على بقاء القوات النووية كأداة رئيسية لاستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة لعقود قادمة.

وفيما يتعلق بالنشر، لم يتضمن التقرير أي تغييرات جوهرية في بنية القوة النووية للولايات المتحدة – القاذفات الثقيلة والصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات – أو وضعها في حالة تأهب. كما يشير إلى نهج عدائي فيما يتعلق بالتحديث. وينص على أن الولايات المتحدة تخطط لتطوير ونشر جيل جديد من وسائل إيصال الأسلحة النووية على مدى العقدين القادمين، ويشمل ذلك غواصات الصواريخ البالستية والصواريخ الأرضية؛ وأنها سوف تستبدل القاذفات المقاتلة الحالية ذات القدرة النووية بمقاتلات الغارة المشتركة إف-35 القادرة على التخفي، وأنها سوف تدرس إمكانية وكيفية استبدال صواريخ كروز الحالية التي تطلق من الجو، وأنها لن تقبل بوجود قيود على برنامجها للدفاع الصاروخي وسوف تحتفظ بخيارات لنشر صواريخ مسلحة تسليحا تقليديا. كما نص تقرير لاحق صادر من البيت الأبيض لمجلس الشيوخ بشأن التصديق على معاهدة “ستارت الجديدة” على أنه “على مدى العقد المقبل سوف تستثمر الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار في وسائل إيصال الأسلحة النووية للحفاظ على قدراتها الحالية وتحديث بعض النظم الاستراتيجية”.

ذكر تقرير مراجعة الموقف النووي أيضا أن العمل على تمديد العمر الافتراضي للرؤوس الحربية سوف يمضي قدما بالنسبة للرؤوس الحربية دابليو-76 للصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات؛ وقنابل بي-61، المنتشرة على القاذفات المقاتلة؛ والرؤوس الحربية دابليو-78، المنتشرة على الصواريخ الأرضية. وبرغم أن التقرير يزعم أن العمل لن “يدعم المهام العسكرية الجديدة أو يزود قدرات عسكرية جديدة”؛ فإن تمديد العمر الافتراضي لرؤوس دابليو-76 يعزز في الواقع من القدرة على ضرب الأهداف الصعبة. كذلك، القدرة العسكرية لا تعتمد على الرؤوس الحربية وحدها، وإجراء تحسينات على وسائل إيصال الأسلحة مازال جاريا، على سبيل المثال، تجري تحسينات على نظم التحكم والأوامر والاستهداف للمقاتلة إف-35.

في الوقت نفسه، يجرى التخطيط لاستثمارات كبيرة في مرافق إنتاج الأسلحة، والذي يفترض منه التحوط ضد مزيد من التخفيضات للرؤوس الحربية النووية المنشورة وغير المنشورة. كما تخطط الإدارة لإنفاق 80 مليار دولار حتى عام 2020 على مجمع الأسلحة النووية، بالإضافة إلى تخصيص 100 مليار دولار لوسائل الإيصال.

أعتقد أن الولايات المتحدة، فضلا عن روسيا وسائر الدول النووية بحكم الشرعية أو بحكم الأمر الواقع، ينبغي أن تواجه التهديدات والتحديات الحقيقية للقرن الـ21 من خلال تحديث استراتيجياتها النووية باتخاذ خطوات أبعد من تلك المتوخاة في مراجعة الموقف النووي لعام 2010 . إن الدفع الرئيسي لهذا التحديث سيأتي من خلال نوعين من التحول: التحول من الأساليب الفردية لمعالجة التهديدات المحلية والإقليمية الناشئة إلى الأساليب الجماعية، والتحول من التحكم “الايجابي” في الأسلحة النووية، الذي يؤكد على القدرة على استخدام القدرات النووية بسرعة، إلى التحكم “السلبي”، الذي يركز على منع الاستخدام غير المقصود أو غير المصرح به للأسلحة النووية أو الاستيلاء عليها من قبل إرهابيين.

يمكن أن تساعد الولايات المتحدة ودول أخرى في تنفيذ هذه التحولات وأن تساهم أيضا في منع انتشار الأسلحة النووية والحد من التهديدات الإرهابية، إذا اتخذت بضعة خطوات محددة. ينبغي دمج مخزونات الأسلحة النووية وجعلها أكثر أمانا، وينبغي إدخال آليات حماية أكثر موثوقية. ينبغي تخفيض أعداد الرؤوس الحربية العاملة المنتشرة ووسائل إيصال الأسلحة. كما ينبغي زيادة الوقت اللازم لتحقيق الجاهزية القتالية للقوات النووية – إلى ما بين 24 و 72 ساعة. القوات التقليدية ينبغي أن تكون على استعداد للاشتباك في القتال في خلال الـ 24 إلى 72 ساعة الأولى من بدء الصراع، حتى يتم هزيمة العدو أو يتم تحقيق الجاهزية النووية بالكامل. ينبغي تنظيم القيادة والسيطرة ونظم الإنذار المبكر بحيث يمكن تنسيق الجهود القتالية بشكل ملائم خلال المراحل الأولى من الصراع، وذلك في الوقت الذي يتم فيه انتقال التحكم في القوات النووية من السلبي إلى الإيجابي. فمن خلال مثل هذه الخطوات يمكن فعلا أن يتم تخفيض أهمية الأسلحة النووية في الشؤون الدولية.



 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]