الهروب من حوض السمك

By Rodrigo Álvarez Valdés: AR, August 15, 2014

ناقش الفيزيائيان ستيفن هوكينج وليونارد ملودينو في كتابهما "التصميم العظيم" الصادر عام 2010 قرار مجلس مدينة مونزا الإيطالية بشأن منع استخدام أحواض السمك المقوسة. حيث رأى المجلس أنه من القسوة إجبار السمك على رؤية الواقع بشكل مشوّه. لكن هوكينج وملودينو تساءلا كيف يمكن لأي شخص أن يكون متيقنا من أن رؤيته للواقع ليست مشوهة؟ زعم المؤلفان أن الواقع هو تشويه دائم. إذ الكيفية التي يبدو عليها تتوقف على الكيفية التي تراه بها.

يبدو أن المؤلفين في هذه المائدة المستديرة— بما فيهم بهارات كارناد الذي يعتقد أن فرص تحقيق نزع السلاح من خلال معاهدة لحظر الأسلحة النووية ضيئلة للغاية— متفقون على أن "الصفر النووي" هو هدف يستحق العناء. لكن ما هو المنظور الصحيح الذي يمكن من خلاله مراقبة واقع جهود نزع السلاح؟

ركّز هيكتور غيرا بشكل رئيسي على المبادرة الإنسانية— وهي محاولة تقودها الدول غير النووية والتي يعتقد غيرا بأنها سوف "تولد أملا مسوغا بأنه ستوضع معاهدة تحظر الأسلحة النووية تماما". في حين زعم كارناد بأنه سيتم وضع الأساس لنزع السلاح فقط عندما تقوم الولايات المتحدة وروسيا "باعدام الأسلحة النووية من قوائم مخزوناتهما بمعدل أسرع بكثير مما تقومان به حاليا"—لكن وضع اتفاقية لحظر الاستخدام الأول للأسلحة النووية، في الوقت الراهن، من شأنه أن "يُقرِّب [العالم] من خط بداية نزع السلاح". بعد ذلك، يعتبر كل من غيرا وكارناد السياسة هى المتغير الرئيسي في مجال نزع السلاح—لكن غيرا ينظر إلى السياسة بشكل رئيسي من جهة كونها "مبادئ السياسة الخارجية والممارسة و…الخبرة" في حين ينظر إليها كارناد بشكل رئيسي من جهة كونها "سياسة القوة". بمعنى أن غيرا يعتبر أن نزع السلاح عملية منشؤها من الأسفل، بينما يعتبرها كارناد شيئا يتم إملاؤه من الأعلى.

رأيي الشخصي هو أن الدول غير النووية لن تتفوق على الدول الحائزة للأسلحة النووية بشأن نزع سلاحها حتى تكون قادرة على ممارسة قدر أكبر من السلطة السياسية. وبالمثل، طالما أن الدول الحائزة للأسلحة النووية تحتفظ بالسلطة السياسية التي تتمتع بها حاليا، فإن تحقيق "الصفر" سيبقى مستبعدا للغاية. يبدو أن هذا يجعلني منحازا إلى كارناد أكثر من غيرا. لكنني في الحقيقة أختلف عن زميلىّ الإثنين في أنني أميل لرؤية القضايا النووية من الأعلى ومن الأسفل على حد سواء. ولا أعتقد أن نزع السلاح سوف يتحقق في أي وقت قريب— لكن استجابة لهذا الواقع المؤسف، أود أن أؤكد على أن الدول النووية وغير النووية يمكن أن تتخذ خطوات ملموسة للحد من التهديدات النووية.

إذ يمكن للدول غير الحائزة للأسلحة النووية، على سبيل المثال، أن تضغط بقوة أكبر لتحقيق عالمية الصكوك الحالية الخاصة بنزع السلاح وحظر الانتشار النووي مثل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. ويمكن للدول الحائزة للأسلحة النووية والدول غير الحائزة للأسلحة النووية على حد سواء تنفيذ مجموعة من الخطوات التي أقرتها مجموعة خبراء حوكمة الأمن النووي قبل قمة الأمن النووي لعام 2014— والتي شملت تعميم نظام الأمن النووي ووضع اتفاقية إطارية للأمن النووي. كما يمكن للدول الأخرى، سواء كانت مسلحة نوويا أم لا، أن تنضم إلى ما يقرب من الـ36 دولة التي ألزمت أنفسها باتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق معايير عالية في مجال الأمن النووي، وذلك من خلال توقيعها على "المبادرة الثلاثية" في قمة عام 2014.

هل ستقضي مثل هذه الإجراءات على الأسلحة النووية؟ لا، لكنها ستقلل من فرص وقوع كارثة طالما وجدت الأسلحة النووية على الأرض. وقد تنجح يوما ما في جعل "الصفر" هدفا قابلاً للتحقيق، من خلال التعاون مع هياكل نزع السلاح القائمة والضغط من المجتمع المدني.



Topics: Nuclear Weapons

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]