ماذا يمكن أن يفعل الوقود الحيوي
By José R. Moreira: AR |
على مدى العقود الثلاثة الماضية، ازداد حجم الأراضي المخصصة للمحاصيل الغذائية بمعدل متواضع جدا، ولكن توسع إنتاج الغذاء في جميع أنحاء العالم بشكل ملحوظ. وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تكون الأنماط مشابهة على مدى العقود القادمة: سوف يتزايد الطلب على الأغذية حتى عام 2050 بمعدل 1.1 في المئة سنويا ، لكن ستتم تلبية هذا الطلب المتزايد أساساً من خلال مكاسب الانتاجية، حيث لا يطلب سوى توسع ضئيل في الأراضي الزراعية. وإذا جاءت مكاسب الانتاجية دون التوقعات فهناك مساحات كبيرة من الأراضي المتاحة التي يمكن ان تستخدم للتوسع في المحاصيل. إن توافر الأراضي ليس عقبة رئيسية أمام التوسع في إنتاج الطاقة الحيوية.
ولكن تغير المناخ قد يكون له أثر سلبي على إنتاجية الكتلة الحيوية (أي على إنتاج المحاصيل الزراعية والمواد الأولية للطاقة الحيوية) بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة توافر المياه. ويرى البعض أن آثار هذه التغييرات يمكن أن تكون شديدة خصوصا في العالم النامي. فدرجات الحرارة اليوم في المناطق الاستوائية- وفقا لهذ الطرح- قريبة جدا من الدرجة الأمثل لزراعة المحاصيل الاستوائية، وسيشكل ارتفاع درجات الحرارة ضرراً بالغاً على الإنتاجية. ومن ناحية أخرى، فإن المناطق المعتدلة، قد تواجه في الواقع انتاجية أعلى مع ارتفاع درجات الحرارة. ونظرا لأن معظم العالم النامي يقع في المناطق المدارية، فإن تأثير ارتفاع درجات الحرارة سيكون شديداً ولا سيما في البلدان الأكثر فقرا. ولكن يجب على المرء أن يتعامل بحذر هنا. فإذا زاد متوسط درجات الحرارة 2 درجة مئوية أو أكثر، فمن المؤكد أن البيئة ستتغير من نواح عدة، ولكن من الصعب جدا التنبؤ بدقة كيف ستتأثر مناطق معينة. وليس من السهل أن نستنتج أن النقص في الإنتاج الزراعي سيكون أكثر وضوحا في البلدان النامية.
ومع ذلك، إذا افترض المرء أن متوسط ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم سيؤثر سلبا على إنتاج الكتلة الحيوية، فسيصبح السؤال عندئذ إلى أي مدى يمكن للطاقة الحيوية التخفيف من آثار تغير المناخ. فالطاقة الحيوية يمكن أن تنتج بطرق جيدة أو بطرق سيئة. ولكن إذا تم استخدام التكنولوجيات الصديقة للبيئة والسياسات المناسبة كانت في مكانها الصحيح فإن الدلائل تشير إلى أن الطاقة الحيوية يمكن أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتخفف بجدية من التأثيرات السلبية لتغير المناخ.
وطبقا لحساباتي أنا وزميلي سيرجيو بكا فإن 70 مليون هكتار من قصب السكر المزروعة في جميع أنحاء العالم يمكن أن تحل -بحلول عام 2030- عندما يبلغ حجم أسطول السيارات العالمية إلى 1.6 مليار مركبة- محل جميع البنزين والديزل المستخدم في السيارات والشاحنات (مادامت المركبات من مكونات التنوع الهجيني). ويمكن أيضا لقصب السكر أن يولد الكهرباء التي سوف تستهلكها هذه المركبات الهجينة. وبهذه الطريقة يمكن تجنب كمية هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويعتقد بعض الخبراء أنه بدون الاعتماد الكبير على الطاقة الحيوية، سيكون من المستحيل الحفاظ على الاحترار الكوكبي أقل من 2 درجة، ولكن إذا تم استخدام الطاقة الحيوية بشكل صحيح، وتم أيضا متابعة خيارات التخفيف الأخرى، فإن عتبة الـ 2 درجة ربما لا يتم تجاوزها (وفي هذه الحالة فإن تغير المناخ ربما لا يسبب أي مشاكل خطيرة بالنسبة للإمدادات الغذاء). وقد أكدت العديد من الدراسات أنه إذا لم ينخفض استخدام الوقود الأحفوري بالسرعة الكافية للحد من ارتفاع درجات الحرارة الى 2 درجة أو أقل، قد يكون من الضروري الجمع بين الطاقة الحيوية والتقاط الكربون وتخزينه من أجل خفض تركيزات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وربما يعني هذا أن الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيتم إزالتها من الغلاف الجوي من خلال نمو المحاصيل، إذ تحرق المحاصيل بعد ذلك لإنتاج الطاقة والكربون الناتج يتم التقاطه وتخزينه. لكن الوقود الحيوي يمكن أن يكون جزءا هاما من هذه الطريقة أيضاً.
وبداية فإن الوقود الحيوي المولد من بعض المواد الأولية – أساسا من قصب السكر، وكذلك أيضاً من الذرة، والشحوم الحيوانية، وزيت النخيل المزروع بشكل صحيح- ينتج انبعاثات كربونية أقل من تلك التي ينتجها البنزين والديزل على مدى دورة حياتها الكاملة. وإدخال التقاط الكربون وتخزينه في الصورة قد يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث انبعاثات سلبية. وقد يكون هذا هو الحال مع تخمير السكر، وهي عملية ضرورية لإنتاج الإيثانول من السكر أوالنشاء، أو حتى المواد السليلوزية. فخلال التخمير يتم تقسيم الجلوكوز أساسا إلى اثنين من المنتجات: الإيثانول وثاني أكسيد الكربون. وعادة ما يتم تنفيس غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ولكن مع عدم وجود معالجة أخرى، يمكن أن يرسل هذا التيار النقي من ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض إلى طبقات المياه الجوفية المالحة أو خزانات الغاز أو الزيت الفارغة. وهذا من شأنه أن يكون من إحدى الطرق الأقل تكلفة لتنفيذ احتجاز الكربون وتخزينه، إذ أن العمل الوحيد المطلوب تقريباً هو التخزين. وتعد هذه التقنية رائدة في مدينة ديكاتور، بولاية إلينوي وقد حظي مشروع آخر في البرازيل بموافقة مرفق البيئة العالمية. إن الجمع بين الوقود الحيوي مع التقاط الكربون وتخزينه هي واحدة من عدد قليل جدا من التقنيات التي يمكنها إزالة الكربون من الجو وخفض تركيزات الكربون.
ولكن إلى أي مدى كان يمكن تحقيق الحد من تغير المناخ لو أن الأمم بدأت متابعة الطاقة الحيوية على نطاق واسع منذ العام 1980؟ (في ذلك الوقت، كانت نماذج مشاريع جيدة للطاقة الحيوية موجودة بالفعل، وكان حوالي ذلك الوقت أن بدأت الجماهير في معرفة إمكانية الحد من تغير المناخ). تشير حساباتي إلى أنه بحلول عام 2015 كان من الممكن- من خلال التوسع في إنتاج الوقود الحيوي القائم على قصب السكر وحده- خفض انبعاثات الكربون السنوية ما يقرب من 9 في المئة. ولا يمكن القيام بشيء اليوم حول القرارات التي اتخذت في عام 1980. ولكن في السنوات المقبلة، أعتقد أن الطاقة الحيوية يجب أن تكون استراتيجية كبرى إذا ما أردنا تفادي إرتفاع درجات الحرارة الى مستويات خطيرة جداً.