The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.
By Alisha Graves: AR, February 26, 2016
في العديد من مجالات السياسة الوطنية، لا بد من تحقيق الموازنة بين مصالح الشعب بأسره وحقوق الأفراد. والأمر ذاته ينطبق على العلاقة بين تخفيف آثار تغير المناخ وتنظيم الأسرة – اذ كيف يمكن للدول خفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون مالم يكن هناك ما يمنع الأفراد من انجاب الأطفال كما يحلو لهم؟ لكن الحقيقة أعمق من ذلك. فالعديد من الأفراد ينجبون مزيداً من الأطفال على عكس ارادتهم، وبالتالي من الضروري توفير الوسائل اللازمة لهم لتنظيم أسرهم، وهذا في حد ذاته من شأنه مساعدة الدول على احتواء اجمالي انبعاثات الكربون لديها.
في الجولة الأولى من المائدة المستديرة، ذهب اليكس ايزيه الى القول بأن " الجناة الرئيسيون المشتركون في سباق تدمير الكوكب هي تلك الدول ذات البصمات الكربونية الأعلى". وأنا كأميركي، اعترف بأن بلدي مدانة بهذه التهمة الموجهة اليها. في عام 2011 (وهو العام الذي يتيح البنك الدولي اخر الاحصائيات بشأنه في هذا الصدد)، بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد في الولايات المتحدة 17 طناً مترياً. اي أكثر من ضعف المتوسط العالمي للفرد. ومن ناحية أخرى، فإن حوالي نصف حالات الحمل في الولايات المتحدة غير مقصودة – واعتبارا من عام 2008، فإن 60 % من حالات الحمل كانت ناجحة. وفي ظل هذه الظروف، ينبغي أن تظهر الولايات المتحدة التزاماً سياسياً أكبر ازاء قضية تنظيم الأسرة – وينبغي أن تضع قضية تنظيم الأسرة ضمن العناصر الرئيسة لسياستها الوطنية بشأن المناخ. لأنه حينما تخفق الولايات المتحدة في تقديم التشجيع الكافي لقضية تنظيم الأسرة، فإنها بذلك تفوت على نفسها فرصة عظيمة للتخفيف من آثار المناخ وتسلب الناس قدرتهم على اتخاذ القرارات الفردية بشأن حجم أسرهم.
من جهة أخرى، يركز السيد وانج هايبن أفكاره المتعلقة بالتخفيف من آثار المناخ على 'الحكم الرشيد للكربون"،' حيث كتب يقول أن الطريقة المثلي للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تكمن في تغيير سلوكيات [الأفراد المتسببة في زيادة انبعاثات الكربون]- وليس في الحد من الزيادة السكانية.' ومن المفهوم تماما أن وانج يشكك في امكانية تخفيف آثار تغير المناخ من خلال تنظيم الأسرة. وعلى كل، فإن سياسة الطفل الواحد في الصين – والتي ظلت قائمة لمدة 35 عاماً حتى استبدلت بسياسة الطفلين في أواخر العام الماضي- كانت سياسة قسرية. وقد ترتب علي تنفيذ هذه السياسية بعض العواقب المأساوية للأسر الصينية، لا سيما وأد المواليد والتعقيم القسري، فضلا عن التحديات الوطنية في تأمين الخدمات الاجتماعية للمسنين.
ولكن عندما يكتب وانج عن 'الحد من الزيادة السكانية،' فإنه يبدو وكأنه يريد أن يقول أنه لا يمكن خفض نسبة الخصوبة الا بإجراءات تنطوي على انتهاكات لحقوق الانسان. ولكن الواقع ليس كذلك، ولعل التجارب في دول مثل تايلند وايران وتونس خير دليل على ذلك. وبالفعل، فإن نموذج 'الحد من الزيادة السكانية' – والذي ينم عن وجود تحكم خارجي على ارادة الانسان – ينبغي إحلاله بنموذج يضمن الحرية وحق الاختيار الشخصي (وهي المسائل التي تناولها ايزيه ببلاغة في الجولة الأولى من الدائرة المستديرة). فالمرأة التي تستخدم وسائل منع الحمل لا تحد من فرص حملها فحسب، ولكنها ايضا تمارس حقها الشخصي في تحديد حجم أسرتها. وعندما تفعل ذلك، فأنها تدرك حجم الفوائد الصحية لنفسها ولأطفالها وتخفف الضعوط على البيئة أيضاً. وما اروع ذلك اليوم عندما نرى المدافعون عن حقوق المرأة والبيئة، والعاملون في مجال الصحة العامة يعملون جنبا الى جنب لاغتنام الفرصة المتمثلة في توفر خدمات تنظيم الأسرة للجميع على مستوى العالم.
وقد كتب وانج عن دور الحكومة الرئيس في تشجيع استخدام الطاقة النظيفة. وقد ربط وانج بين بتقديم خدمات تنظيم الأسرة، ودورها في تحقيق فاعلية الحكم الرشيد – اذ تساهم خدمات تنظيم الأسرة في تيسير الحياة وتوفير المتلطلبات بثمن ارخص، ولكنها ليست شرطا ضروريا. ومما هو مؤكد، فإن البلدان التي لديها معدلات خصوبة أعلى تجدها أقل البلدان نمواً، وأكثرها فساداً، وأسوأها حكماً. ولكن هذا لا يمكن اعتباره عذراً لتأخير تقديم خمات تنظيم الأسرة الى حين ظهور الحكم الرشيد – على العكس من ذلك، فإن المعدلات المفزعة لوفيات الأمهات والرضع في أقل البلدان نمواً تتطلب تطبيق برامج تنظيم الأسرة في الحال. وفي حال افتقرت الدول إلى الحكم الرشيد، تصبح قدرة المرأة على الفصل بين الجنس وانجاب الأطفال بمثابة مسألة حياة أو موت. وعندما توفر برامج الصحة العامة للمرأة تلك القدرة، فإنها لن تمكنها من ممارسة حقها في تحديد حجم أسرتها فحسب – بل انها ستسهم اسهاماً كبيرا ازاء خفض الانبعاثات في المستقبل القريب.
قد يسأل البعض ماذا أعني "بالمستقبل القريب"؟ حسنا، عندما لا يتم الحمل غير المقصود اليوم بسبب استخدام وسيلة لمنع الحمل، فهذا يعني أنه قد نقص من العالم احد مسببي انبعاث الكربون خلال فترة زمنية قدرها 40 اسبوعا فقط- — وهي نفس مدة الفترة الكاملة للحمل.
Topics: Climate Change
Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]