The authoritative guide to ensuring science and technology make life on Earth better, not worse.

“الجنس صديق البيئة” من أجل المناخ

By Alisha Graves: AR, January 25, 2016

لا يوجد حل بعينه لمشكلة تغير المناخ، ولا توجد عصاة سحرية لتحقيق التوازن اللازم لخفض تركيز انبعاثات غازات الدفيئة في الجو. بيد أن الفصل بين الجنس والانجاب (جماع المرأة دون حدوث الحمل) يشكل فرصة غير مستغلة، من شأنها الحد من وقوع كارثة مناخية.

وما هو مسَّلمُ به، فإن معالجة ظاهرة التغير المناخي ستحتاج الى نطاق عريض من النهج. فلا بد من تطبيق سياسات الوقاية، والقيام باستثمارات كبيرة لتطوير تقنيات الطاقة المتجددة والارتقاء بها. وثمة فرصة أخرى – طالما غفل عنها الكثير – تكمن في ضمان حصول كل سيدة على المعلومات والوسائل التي تساعدها على الفصل بين الجنس وانجاب للأطفال. واذا ما نظرنا الى أي دولة في العالم تنفذ فيها برامج تنظيم الأسرة بشكل جيد، لوجدنا أن الزوجين يفضلان انجاب عدد أقل من الأبناء في تلك الدولة. إذ يترتب على ذلك فوائد صحية للأسرة بأكملها ويزداد نصيب الفرد من مصادر الأسرة، وتتقلص البصمة الكربونية للزوجين.

ولعل أهم المعادلات الموجودة في عالمنا اليوم هي معادلة (I=PAT )التي أتى بها العالمان جون هولدرن، الذي يشغل حالياً منصب مستشار الرئيس أوباما للعلوم والتكنولوجيا، وعالم البيولوجي بول ايهرليش. في هذه المعادلة، يرمز الحرف I إلى كلمة Impact وتعني الأثر على البيئة، بينما يرمز الحرف P الى كلمة Population ، وتعني بالعربية السكان. أم حرف A فيرمز الى كلمة Affluence ، وتعني بالعربية الوفرة، أما الحرف T فيرمز الى كلمة Technology وتعني بالعربية التكنولوجيا.أما التكنولوجيا فهي سلاح ذو حدين من شأنه زيادة أو تخفيف الأثر البشري على البيئة – لكن الوفرة والسكان يتسببان في إحداث أثر مضاعف. بمعنى آخر، تؤدي الوفرة الى زيادة الاستهلاك والتلوث. وزيادة عدد السكان تعني مزيداً من البصمات الكربونية في الغلاف الجوي. لكن هناك ثمة تداخل في الأمر: فبما أن انبعاثات الفرد الواحد في الدول الغنية اعظم عن غيرها في الدول ذات الدخل المنخفض، فإن تفادي حدوث الحمل غير المقصود في الدول ذات نسبة الانبعاثات الأعلى سيكون نفعه أعظم على المناخ من تفادي حدوث الحمل غير المقصود في الدول ذات نسبة الانبعاثات المنخفضة.

ورغم إقرار الكثير بأثر الزيادة السكانية على البيئة، تجد هناك من يقول بأن النمو السكاني ليس أمراً واقعاً. ففي الدول الصناعية، كان لدى العائلة العادية في منتصف القرن 19 ما بين 6 أولاد فأكثر. أما اليوم، تنجب العائلات في نفس هذه الدول متوسط 2.4 طفل (قرب مستوى الاحلال). ومؤخراً انخفضت معدلات الولادة في بعض الدول النامية بشكل سريع ملحوظ، كما هو الحال في إيران، حيث شهدت معدلات الولادة انخفاض من أكثر من 5 حالات ولادة الى الى أقل من 3 في غضون سبعة أعوام. وانخفضت معدلات الخصوبة في تايلند من 6 أطفال الى متوسط 3.5 في غضون 12 عاماً، وذلك اثر انتشار خدمات التنظيم الطوعي للأسرة والاجهاض الآمن – في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية احتاجت الى 58 عاماً لتنفيذ هذه النقلة في القرن التاسع عشر.

ولا ينبغي ان تكون النهج الإلزامية، مثال سياسية الطفل الواحد في الصين والتعقيم (الاعقام) القسري في الهند، جزء من برامج تنظيم الأسرة. ولكن عندما تُحرم المرأة من المعلومات والوسائل التي تساعدها على الفصل بين الجنس والانجاب فإن الحمل نفسه حينئذ يكون قسرياً. لذلك لا يجب أن تكون خدمات تنظيم الأسرة، بدء من عملية تصميمها وانتهاء الى تنفيذا، مجرد اخبار الزوجين عما ينبغي عليهما فعله؛ ولكن المهم هنا هو تحقيق رغبة الزوجين. والخبر السار هو ان هناك العديد من برامج تنظيم الأسرة في جميع أنحاء العالم تهتم بتحقيق رغبات الزوجين بالفعل. وعلى وجه التحديد، فإن تلك البرامج تؤيد حق المرأة في تحديد عدد ابنائها ومتى تلدهم.

ويترتب على تنفيذ برامج تنظيم الأسرة منافع كبيرة بالنسبة للمناخ. فقد أظهرت دراسة متأنية نفذها برنامج تطوعي لتنظيم الأسرة في كاليفورنيا أن تنظيم الأسرة يعد من الطرق الأكثر فعالية من حيث التكلفة للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وبحسب الدراسة، فإن إنفاق نحو 24 دولار على طاقة الريح يحول دون انبعاث طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون، وعلى نفس المنوال فإن إنفاق نحو 51 دولار على الطاقة الشمسية يمنع انبعاث نفس الكمية السابقة. ولكن في المقابل فإن انفاق 7 دولارات فقط على تنظيم الأسرة يحقق نفس النتيجة.

الدروس المستنبطة من منطقة الساحل. يعتبر تنظيم الأسرة كوسيلة للتخفيف من تغير المناخ فكرة مألوفة الى حد كبير، في حين أن تنظيم الأسرة بهدف التكيف مع تغير المناخ لا تبدو كذلك. ولكن هذا غير صحيح. لأن تغير المناخ يؤثر سلبياً على بعض المحاصيل الأساسية، ويفاقم من انعدام الأمن الغذائي في أجزاء من العالم. ولكن وبحسب دراسة أجريت عام 2012 والتي حددت نمط تغير المناخ والانتاج الغذائي والنمو السكاني في أثيوبيا، فإن تحقيق انخفاض في معدل الخصوبة بحلول عام 2050 قد يعوض بالكامل عن الآثار السلبية للتغير المناخي على الزارعة في اثيوبيا. (كلما قل اجمالي عدد السكان زادت عدد السعرات الحرارية المتاحة لكل فرد.) ولعل ما هو أدهى من ذلك قول بعض القرويات في اثيوبيا من أنهن يفضلن العائلات الصغيرة لأن ذلك يساعدهن على التعايش مع الآثار السلبية للتغير المناخي. بينما تقول السيدات في النيجر أنه كلما صغر حجم العائلات، انخفضت حجم المنافسة على الطعام خلال موسم القحط.

وينبغي ان يعير المهتمون بقضية مصير البشرية ازاء تغير المناخ اهتماماً بالغاً لأقوال وأفعال تلك السيدات. فالنيجر واثيوبيا تنتميان الى دول منطقة الساحل، اذ تقعان على الحدود الجنوبية شبه القاحلة من الصحراء الكبرى. وقد عانت هذه المنطقة خلال فترة السبعينات والثمانينات من القحط والمجاعة – لتصبح منطقة الساحل بذلك في مقدمة دول العالم التي تعاني من تغير المناخ الناجم عن سلوك البشر. وفي الوقت الراهن تتسبب الزيادة غير المسبوقة في النمو السكاني وزيادة كثافة دورات الجفاف في تقويض جهود الأمن الغذائي والتنمية بالمنطقة. وفي هذه المنطقة فإنه من بين كل سيدة تستخدم وسائل منع الحمل، هناك ثلاث او اربع أخريات يرغبن في زيادة المسافة الزمنية بين مرات الحمل لديهن او الحد من عملية الانجاب لكنهن لا يستخدمن وسائل منع الحمل.

وفي أشد البلدان فقرا، فإنه من المرجح أن يأتي الأثر الصافي لتباطؤ النمو السكاني على هيئة زيادة في انبعاثات الكربون – لأن الأوضاع الاقتصادية ستتحسن وبالتالي ستزيد كمية الاستهلاك. وما تلبية احتياجات المرأة من وسائل منع الحمل في الدول الأقل نموا والأخرى ذات معدلات الخصوبة المرتفعة الا خطوة ممهدة نحو التنمية، من شأنها  أن تنتشل ما يقرب من مليون شخص من براثن الفقر المدقع. وفي الوقت ذاته وعلى الصعيد العالمي، فإن تحقيق متوسط توقعات الأمم المتحدة لعدد السكان بنهاية القرن الحالي – خلافا للتوقعات المرتفعة – من شأنه أن يحول دون انبعاث أكثر من 7 ملايين طن من الكربون سنويا.

وعندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين السكان والبيئة تجد أن الكثير من الرؤوس قد دست في التراب. فبسبب البرامج المأساوية للتنظيم القسري للنسل التي طبقت في فترات متفرقة في الماضي، تجد انه حتى هؤلاء الذين يدركون أثر الزيادة السكانية على البيئة، يخشون من تعرضعم للانتقاد بسبب ارائهم. لذا يجب على القيادات الوطنية ان ينفضوا عن أنفسهم غبار الخوف ويعلنوا صراحة ان البشرية قد فاقت القدرة الاستيعابية للأرض. كما يجب ان تدرك الشخصيات المؤثرة المعنية بشؤون التنمية والموارد الطبيعية والمناخ أنه لا يمكن تحقيق اي تقدم مستدام الا بعد تحقيق التوازن السكاني. وعلى نفس القدر من الأهمية تأتي مسألة ضمان الاستثمار الدولي، بمستوى يتناسب مع احتياجات العالم، بالإضافة الى التنظيم الطوعي للأسرة وتوفير التعليم الجيد للفتيات في سن المراهقة.

وفي أعقاب مؤتمر المناخ بباريس، قد تجد أن مظاهر القلق باتت واضحة لدى العديد من الأشخاص – وتراهم مكتوفي الأيدي ازاء ظاهرة تغير المناخ العالمية. لكن هناك ثمة اسهام بالغ الأهمية يمكن تقديمه من قبل الأزواج في الدول عالية الاستهلاك وهو: أن يأخذوا بعين الاعتبار موروثهم الكربوني عند تنظيم أسرهم.



Topics: Climate Change

 

Share: [addthis tool="addthis_inline_share_toolbox"]